في دولة عربية يبلغ تعداد سكانها أكثر من 30 مليون نسمة دولة يوجد فيها أكثر من 6 ملايين إنسان يعيشون تحت خط الفقر أي أقل من دولار = 30 فلس كويتي ... نتج عن ذلك هروب أكثر من 5 ملايين نسمة للعمل في الخارج وهم من ضمن الدول التي تمارس "الهجرة الغير شرعية" ... نجاة من الفقر المتوحش وهروبا من كم الفساد الذي فتك بهم فلا نهضة ولا عمران ولا تنمية ولا خدمات ولا تعليم ولا مستشفيات شعب لا تعرف كيف يعيش سوى أنها قدرة الله وتصاريفه في خلقه سبحانه ... وتحضرني محادثة وقعت قبل بضعة سنوات بيني وبين أحد أفراد هذه الدولة فيروي لي أن جده قد كسرت يده فذهب به إلى المستشفى وبعد 6 ساعات أجروا له أشعة ولما تبين أن هناك كسر بيده قالوا له عد به إلى المنزل وجبرها بالخشب من عندكم لأنه ليس لدينا "جبـــس" لتجبير العظام أو اذهب به إلى مستشفى في المدينة القريبة والتي تبعد 4 ساعات بالسيارة ... ولا تستغربوا إذا ما علمتم أن أسعار المهر وتكاليف العرس لديهم لا تتجاوز 700 دينار بل هناك من كان مهرها وتكاليف العشاء لم تتجاوز 250 دينار ... أقول ما أقول حتى أضعكم في وسط الحالة المعيشية القاهرة التي يعيشها هذا الشعب وبالصدفة وقعت عيناي على فيديو لحاكمهم وهو في زيارة سياحية لإحدى الدول الأوروبية ... وإذ يلتف حوله أبناء شعبه من المهاجرين الذين هاجروا وتغربوا بسببه فأصبحوا يهتفون بإسمه ويدعون له بعظيم الدعاء ويصفقون له بحرارة ويلتقطون معه الصور باندفاع وبفرحة عارمة !!! ... فاستغربت أشد الإستغراب هل هؤلاء معتوهين أم يعانون من اختلال عقلي ونفسي وضحكت مما شاهدته وكما قال البريطاني "جورج غوردون" : شر البليّة ما يُضحك 😂 !!!
مشهد أثار استغرابي وصدمتي في نفس الوقت ودخلت في حالة من البحث لفهم ما هذه العقلية التي لدى هؤلاء وما تلك النفسية الغريبة التي تتربع بداخلهم ... المسؤل الأول عن رعايتهم والذي بسببه عاشوا في فساد وفقر وذل وإهانة واستبداد وطغيان هو نفس المسؤل الذي التفوا من حوله وكادوا أن يبكون فرحا وسعادة من مشاهدتهم له في أوروبا !!! ... وفعلا سألت نفسي هل أنا المختل عقليا حتى لا أفهم تفسير هذه الحالة أم هم الذين يعانون من حالة "متعة العبيد" ؟ ... ثم استجمعت عقلي وفتحت "الأرشيف السياسي" لدي لمراجعة سريعة والبحث هل هناك شعب عربي أخر لديه نفس هذه الحالة من الغرابة أو النفاق أو العبودية أو التناقض ؟ ... وإذ أكتشف أن هذه الحالة موجودة بالفعل في عالمنا العربي ففي العراق وقبل مقتل الرئيس العراقي "عبدالكريم قاسم" في 1963 قبلها بـ 4 ساعات فقط كان الحرس يصطف له هيبة ووقارا واحتراما وبعد اعتقاله في هذه الساعات القليلة جدا نفس الحرس نعم هم أنفسهم أصبحوا يشتمونه ويبصقون في وجهه ... والرئيس الليبي "معمر القذافي" في 2011 قبل مقتله بأسبوع خرجت مظاهرة مليونية تصفق له وتؤيده بحرارة وإذ به بعد ذلك يخرج وسط سب وشتائم من اعتقلوه وعمت الفرحة في معظم البلاد ... وأخر سنوات الحكم العثماني ما بين 1920 و 1924 كيف الشعب كان يقدس الحكم العثماني وكيف انقلب عليه وارتمى في حضن الاحتلال "الفرنسي البريطاني الروسي" بزعم المطالبة بالحريات فتمزق 13 مليون نسمة من سكان الدولة العثمانية آنذاك وكم الجرائم والمجازر التي ارتكبت في حينها في قلب العاصمة إسطنبول ... وحالات كثيرة ومتعددة توضح بشكل واسع النطاق أنه لا يمكن أن تثق بالشعوب العربية وحتى غير العربية ففي لحظة يعشقونك وفي لحظة يمكن أن تتملكهم الرغبة بتمزيقك ؟
حالة مليئة بالغرابة تحتاج للكثير من التحليل لفهم هذه السيكولوجية المعقدة في الإنسان كيف يخضع لبطش بالتناقضات فإن قوية شوكة الحاكم ارتعبوا منه وهابوه وكيف إن ضعفت شوكته سخروا منه ومزقوه ... وكيف يسجل التاريخ مرويات سيرة الحكام الأخيار والأشرار وكيف التاريخ يذكر الأفراد بنسبة 99% ولا يتحدث عن الشعوب إلا ما نسبته 1% ... لكن الثابت من التاريخ وواقع الأيام أن الجهل متفشي في الأمم بشكل خرافي صادم وهذا الجهل ليس مصدره عدم توفر المعلومة أو الورقة والقلم أو الكتاب كلا أبدا بل مصدره الإنسان نفسه الذي كان قليلا ما يقرأ ويكره البحث والفهم ... ولما تفجّر العالم تقدما وتطورا وتكنولوجيا ضربتنا صدمة الدليل واليقين بإثبات أن الإنسان لا يزال يسبح في محيطات التخلف والجهل لأنه لا يريد أن يقرأ ولا يريد أن يفهم ... ولذلك وحتى ونحن في عام 2021 لا يزال الجهل متفشي بيننا والتخلف العقلي واقع ومهزلة العادات والتقاليد أكبر بكثير جدا حتى من دينكم ولذلك السواد الأعظم من الشعوب العربية تعيش في جهل كارثي وتظن أنها مدركة وهي ليست مدركة ... والحمدلله الذي جعل لنا في الموت قدرا وراحة من الأشرار ورحمة وخيرا بالأخيار ؟
دمتم بود ...
وسعوا صدوركم