2022-06-13

هذا ما سوف يحدث في حال سقوط أي نظام حكم عربي ؟

 

من عيوب العقل العربي أنه يتعمد أن ينسى مصائبه التي حلت به وهذا الأمر نتيجة العجز والفشل في "السيكولوجية العربية" التي تعشق الجهل والتخلف ... شخصية لا تتطور إلا بالضغط والدفع شخصية لا ترتدع إلا بالقوة والقهر شخصية تخاف وترتعب من الفكر والأفكار ... ساقوا الأكاذيب حول الشخصية العربية في آلاف الكتب ونسجوا قصص الفرسان والشجعان عنها وفي حقيقتها ما هي سوى أكاذيب بنسبة مليار% ... والحقيقة أن في كل أمة في كل مجتمع في كل تاريخ الأمم البائدة كان هناك من يخرج منها الفرسان والشجعان بشكل منفرد ولا يعكس هؤلاء الفرسان والشجعان عن طبيعة وحقيقة المجتمع نفسه ... أي كان هناك فرسان يهودي ومسيحيين ومسلمين وهندوس وبوذيين وفرسان في كل الحضارات والأديان والمعتقدات وليست الفروسية حصرا على العرب وحدهم ... وكاستدلال أخر لو نظرت في المكنون العميق للشخصية العراقية والمصرية وغيرها من أبناء الوطن العربي سواء في داخل أوطانهم أو المغتربين أو حتى المهاجرين والمستقرين في الخارج وحتى من اكتسبوا مواطنة دول الخارج ... ستكتشف بكل أريحية وبكل سهولة أنهم يحملون نرجسية عظمة تاريخ أوطانهم على الرغم أنهم لا يمتون بأي صلة لتلك الحضارات العظيمة البائدة ... والشخصية المصرية التي تفتخر بتاريخ الفراعنة رغم أنهم كانوا طغاة ومستبدين فإنهم يغطون تلك العيبة بذكر الله لـ "مصـــر" في القرآن الكريم ... ولو سأتهم كيف مصر محروسة وذكرت في القرآن ومصر في كل تاريخها لم ترى سوى الذل والقهر والفقر والجرائم وسلسلة طويلة من الإحتلال والغزو الخارجي لقرون طويلة وصولا إلى اليوم والتي تعتبر مصر الدولة رقم 1 في الفساد والسرقات ... ولا حاجة لنذكر أسباب ذلك فالعرب كل منهم يفسر القرآن حسب مزاجه وأهواءه وجزى الله خيرا من فهم أن الكثير الكثير من آيات كتاب الله هي آيات "ظرفيـــة" ... أي الأية نزلت لسبب ما لشخص لفئة محددة ولا ترتبط تلك الآيات الظرفية مطلقا مع حاضرنا اليوم إلا سوى كونها آيات "للعظة والعبرة" ؟

نعكس ما سبق على الصورة السياسية التي أيضا العقل العربي يتعمد نسيانها لبشاعتها وقبحها والتي أؤكد للجميع أن الشخصية العربية بطبيعتها و "بغالبيتها" تنقسم إلى قسمين "مدمنة سلطة - ذليلة سلطة" ... أي ما أن تعطي للإنسان العربي سلطة كبيرة فإنه سرعان ما يدمنها لدرجة تقديم السلطة على الأهل والأسرة والأصحاب لتتحول الشخصية المدمنة للسلطة إلى علاقات المصالح بين أفراد السلطة بمختلف درجاتهم ... أقول ما سبق لتهيئتكم بأن الدارج اليوم في المجتمعات العربية والخليجية أن الناصحين مكروهين ومنبوذين لأن البصيرة في غالبها قد عميت ... والمصلحة الشخصية أو رغبة الفرد غلبت وفاقت مصلحة الجماعة والمجتمع بمعنى لو تعرض فردا لظلم أو لضرر من الدولة أو بعض أفراد سلطتها فإنه يعكس حالته الفردية على الدولة والشعب والمجتمع بأسره ... وبالتأكيد حاكم البلاد لن يفلت من اللوم وحتى لو أنه لا يعلم وليس له دخلا في ما حدث لا من قريب ولا من بعيد في قضية فردية ... ولا يوجد ولن يوجد حاكم يستطيع أن يعرف كل فردا من رعيته لا قديما ولا حديثا وحتى قيام الساعة لأنه لا يوجد عقل يحفظ 4 ملايين و 50 مليون و 100 و مليار نسمة من الرعية ... والحال إما شعوب تقدس حكامها أو شعوب تقدس نرجسيتها ؟

بعد إعلان سقوط وانتهاء الخلافة العثمانية في 1924 ظلت الأمة العربية والإسلامية لـ 10 سنوات تنتظر وتترقب قيام "دولة خلافة إسلامية جديدة" ... وهذا بالتأكيد مصدره الجهل وعدم الوعي وعدم إدراك واقع الأمور على أرض الواقع ... ومنذ 1924 وحتى 1944 أي 20 عاما حدثت هجرات أقليات أرضها وحدثت هجرات بسبب الفقر وفقدان الأمن وخسر الملايين ثرواتهم وأموالهم وتحطمت ذكرياتهم ... ثم اختطفت الأمة عقليا وسياسيا واجتماعيا بسبب ولادة "اللقيطة إسرائيل" في 1948 وكل حاكم وكل دولة أصبحوا في صراع مع هذه القضية في حرب 1948 - 1949 - 1956 - 1967 ... والتي خسرت الدول العربية كل حروبها وحتى حرب 1973 كانت هزيمة لكن كذبوا على الجميع وقتها وصوروها على أنها انتصارا ... وقبلها أحداث "أيلول الأسود" الأردن في 1970 ثم الحرب الأهلية اللبنانية في 1975 وما حدث فيها من مجازر ثم الحرب العراقية الإيرانية في 1980 ثم غزو العراق للكويت في 1990 ثم الاحتلال الأمريكي لأفغانستان في 2001 ثم الإحتلال الأمريكي للعراق في 2003 ثم الربيع العربي في 2011 ثم الثورة المضادة التي لا تزال تبعاتها تحدث حتى يومنا هذا في دول عربية عديدة ... كلها أحداث لو دققتم فيها ستجدون أنها أحداث جرت في أوقات متقاربة وهذه بالتأكيد ليست مسألة وليدة الصدفة إلا كونها واقعة تحت مخطط أعد بإتقان ... كل تلك المصائب كان لها أفراد كانوا هم وقودها ويوم اشتعلت الدول والشعوب اختفى 90% من المحرضين و 10% تحولوا إلى أبواق حكومية بسبب أنهم يتقنون تبديل جلودهم ويحسنون النفاق على درجة عالية ؟

غالبية العقلاء والحكماء يعيشون اليوم بين نارين فإما شعب غالبيته "جهلة سفهاء غوغائيين عملاء وخونة" أو حاكم وحكومة فاسدين مرتشين خونة وعملاء للخارج ... فمن تختار ؟ !!! ؟ ... إن اخترت المزاج الشعبي أو ما أسموه "الحراك الشعبي" فسيمزقون وطنك مع عدم وجود أي ضمانات لأي استقرار مستقبلا + ستتفجر البلاد بالحركات الإسلامية الراديكالية المتطرفة من كل المذاهب والتوجهات ومن مختلف قياداتهم المرتزقة بطبيعتهم وهذه النقطة بحد ذاتها كافية بأن ترتعب من المزاج الشعبي السطحي بطبيعته ... وإن اخترت الصمت والصبر على فساد الحكام أو أنظمة الحكم "بشكل عام" فإنك ستصاب بالقهر والغثيان مع تنامي حجم الفساد + الأمور ذاهبة إلى التطبيع أكثر وأكثر مع الكيان الصهيوني اللقيط ... فمن تختار ؟ !!! ؟ ... هذه الحيرة ليس مصدرها لا حاكم ولا حكومة بل مصدرها الشعوب التي لا تقرأ ولا تبحث ولا تتطور ولا تتعظ ولا تتقي الله في نفسها ... بدليل ما نشاهده من تفاعل كالتسونامي على مواقع التواصل الإجتماعية في شتى المواضيع والفيديوهات والمقاطع ولو كانت كوميدية أو تافهة لكن في القضايا الإسلامية التفاعل ضعيف ولا يكاد يذكر في أمة الـ 450 مليون عربي مسلم وأمة الـ 2 مليار مسلم ... وبالتالي الرهان على الشعوب اليوم هو رهان خاسر لأن العقول بسوادها الأعظم مغيبة أو تعمدت أن تتغيب ... وبالتالي لا يمكنك اليوم الوثوق بأي شعب عربي أو حتى بجزء من أي مجتمع عربي ولا يمكنك أن تأمن لأي شعب عربي أن يتولى زمان السلطة لأن حفنة من الجياع والفاسدين ستستولي على ما تبقى من خزينة الدولة وتتركك لعقود تناع وتصارع الفقر وتبعات الإنهيار الإقتصادي ... وأي حاكم وأي حكومة لم يقل لك أحدا منهم لا تقرأ لا تبحث لا تتثقف لا تغذي عقلك ولا يوجد قانون ولا عقوبات ولا غرامات على مستوى الوعي والإدراك أي أنت سبب بسيط من مشكلة كبيرة في قضية رئيسية ... فعندما تكون جاهلا فتسليم الوطن بيدك يعني هلاك الأمة بأسرها والصمت على خطابات الغوغاء يعني الموافقة المبطنة على سفاهتهم كعادتهم ؟

الكثير منكم اليوم غافل أو المعلومة غائبة عنه أو قد تناسى جهلا أو عمدا حقيقة المجتمعات العربية اليوم ... فالأردن والعراق ولبنان وسوريا هي "دولــة عشائــر" والكويت والسعودية وقطر واليمن هي "دولـــة قبائـــل" ... ناهيك عن القبائل والعشائر المرعبة في مصر وليبيا والجزائر والمغرب والأكراد والطوارق والأمازيغ وقائمة طويلة لا تنتهي  ... والقبائل والعشائر لا تزال "نزعات جاهلية العرب" متأصلة فيها بعادات متوارثة منذ آلاف السنين وجميعهم يملكون ترسانات أسلحة ودولهم وحكوماتهم تعلم ذلك علم اليقين ... والتاريخ العربي يخبرنا بحقيقة أن "القبائل والعشائر" لا تخضع ولا ترتدع إلا للقوي ولا تهاب إلا السلطة القاهرة المفرطة ... فهل يمكنك أن تتخيل لو سقط نظام حكم واحد ماذا يمكن أن يحدث في تلك الدول ؟ّ!!!؟ ... وعمليات السرقة والنهب والفساد وهتك الأعراض هذه أسرع ما يمكن حدوثه في أمة قتلها جوع الجنس والمال وحبها للطعام ... حتما ليست الفوضى كما يعتقد الكثير منكم فحسب بل انتهاء كيان الدولة ليأتي غزوا خارجيا ويبسط القوة على الجميع وتنتهي الدولة ويتم ضمها لدولة جارة أخرى ... ولذلك العقل العربي لا يزال مغيّب أو صاحبه غيّب عقله وسرعان ما تناسى ما حدث لوطنه في أثناء الربيع العربي القريب وليس البعيد عنه أي أنه كان شاهدا على ما حدث ... وأنظمة الحكم العربية بخيرها وشرها بإيجابياتها وسلبياتها لا تزال "حتى الأن" هي صمام الأمان لضبط أي انفلات أمني في المجتمع ... المجتمع الذي يخرج الكثيرين فيه يتحدثون عن قضايا كثيرة للتحريض على نظام الحكم نفسه سواء بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر ... مع العلم لو أن 20 فردا كانت لهم رؤيا وحلول وفكر وتقدموا بطلب مقابلة الحاكم أو رئيس حكومته أو أحد وزراءه وقدموا رؤيتهم وتناقشوا معه بانفتاح لكان خيرا مما يدعون إليه ... لكن اللجوء إلى الشارع هو تماما كما حدث أيام الربيع العربي عندما لجؤا إلى الشارع فارتفع أصوات الرصاص في اليمن وسالت الدماء في العراق وتهجر الملايين من السوريين وضاعت ليبيا وتمزقت مصر ؟

اسألوا أنفسكم : أين هم الأن من حرّضوا في فترة الربيع العربي ؟ وهذا السؤال كافيا لتعلموا حقيقة أن المحرضين لهم دور مناطين العمل به ثم يختفون ويذوبون كما يذبون الملح المر في الماء العذب ... ولو احترق سوقا أو مولا تجاريا فهل يصلح للعمل أو لممارسة البيع والشراء فيه ؟ بالتأكيد كلا حتى تصلحه وتعيده إلى حالته السابقة وأحسن ... هي كذلك أوطانكم إن احترقت فلا تصلح مكانا للعيش فيه واتعظوا من أهل العراق وسوريا وليبيا ولبنان واليمن كيف كانوا آمنين وكيف وصل بهم الحال بملايين المهجرين في أصقاع الأرض ... حاكم لا يعجبك أسرة حكم لا تعجبك فهذا شأنك أنت فقط كفرد بل ومن قال لك أنه مطلوب منك أن تحب حاكم أو تكره حاكم !!! ... الحاكم وأي حاكم ليس مطلوب منك أن تحبه أو تكره لكن رغما عن أنفك عليك بأن تحترمه وتوقره لأن بزواله أو زوال أسرته يعني زوالك أنت أو تأثرك أنت كفرد ... وربط بقاء الحاكم ببقاء الدولة هو أمر نسبي يخالف بين أنظمة الحكم الجمهورية وبين أنظمة الحكم القبلية والعشائرية ... فالحكم الجمهوري سهل جدا أن ينقض الجيش على السلطة ويتحول الحكم المدني إلى حكم عسكري كما هو الحال في "مصر - سوريا - السودان - الجزائر" وغيرها ... أما في الحكم القبائلي والعشائري فإن الضرر سيصيب الحاكم وأسرته أي أسرة الحكم وبالتالي دخول الدولة في نفق مظلم لا أحد يعرف مداه إلا الله سبحانه وتعالى ... ومتى تعلمون ومتى تستفيقون أن المحرضين هم أفشل شرذمة تعيش بينكم ويلبسون أمامكم ثياب الوطنية والشرف والنزاهة !!! ... أنت سياسي فاشل ابتعد وافسح المجال لغيرك لا أن تأخذ الأمة بأسرها خلف جهلك السياسي وفشلك فتتحول إلى بوق من أبواق الشياطين ... ومن قال لكم أن في كل أمة وكل دولة وكل مجتمع أن كل الأمة والمجتمع هو بطبيعته فعال ونشط !!! ... كلا وأبدا يا سادة فما أكثر غباء إلا من يتحدث بلسان الشعب من الشرذمة الوضيعة من مراهقين السياسة ... والحقيقة هي أن ثلثين أي شعب وأي أمة هم لا ناقة لهم ولا جمل في أي حدث سياسي يجري بينهم والثلثين هم "كبار السن والشيبان والعجائز والأطفال والمراهقين وفوقهم المرضى وفئة ألا مبالاة" ... تلك الفئات لا يعرفونكم ولا يريدون أن يعرفونكم ولا يهتمون لقضايا الفساد ولا غيرها فكل منهم وله عالمه وبعضهم ينتظر لقاء الله سبحانه وبعضهم يريد أن يكمل حياته بهدوء وسلام وبعضهم له رؤيا وعقلية لا تهتم بأحاديثكم وتلك الفئة بالمناسبة التي دائما يوضع لها خانة "غير مهتم" ... لكن المفارقة العجيبة أن كل هؤلاء وفوقهم الناشطين السياسيين يمثلهم حاكم البلاد لأنه يعتبر رمز دولتهم في الداخل وفي الخارج ؟

وفي الختام ... علّمنا خزي الربيع العربي وعلّمتنا الثورة المضادة أن الإنسان العربي بشكل عام لا يزال مراهق لم يتعلم من تاريخه ولم يتعلم من أزماته ولن يتعلم وبالتالي هو "غير أهلا بالمسؤلية" وينطبق على الغالبية أو السواد الأعظم مفهوم علم النفس "غير مدرك لتصرفاته" وبالتالي أي تجمع تلقائيا يجب أن تعرف أنه تجمع غوغاء ... لأن من يقود الغوغاء هم شرذمة من الفاشلين سياسيا ولما فشلوا سياسيا لجؤا إلى الشارع وإلى الغوغاء ... والله يغنينا ويبعدنا عن الإصلاح الكاذب الذي يأتي من وراءه الدمار والتخريب وحرق البلاد وضياع الأمن والأمان ... ومن لم يتعظ مما حدث في تاريخه القريب والبعيد فلا يمكنك أن تثق برجاحة عقله وسلامة نواياه إلا كونه بوقا من أبواق شياطين الأرض الملاعين ... حاكما ظالما خيرا من غوغاء يحرقون البلاد وبسببهم يهجرون العباد وتفقد الناس أرزاقهم وينهار الإقتصاد بسببهم فيضيع في هذا الزحام الأبرياء من الفقراء والمرضى ويضيع مستقبل ملايين الطلبة والدارسين ويتمزق المجتمع وتنهار الأسر ... واعلموا أن الشيطان اللعين إبليس الخالد في جهنم يوم القيامة كان في السماء وفي الأرض من الناصحين ... { يا بني آدم لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة } الأعراف ... { وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين } الأعراف ... أمة ولدت وتربت على كره الحاكم وغرسوا في رؤوسهم أن الحاكم لص والحكومة لصوص ورجل الدين هو وكيل الله في الأرض الشريف النزيه ... أمة يسجد شعبها على صور الحاكم وتُرفع أحذية الجيش فوق الرؤوس وإعلام وصحفيين مرتزقة ولاؤهم لمن يدفع أكثر ... ورب المنزل يفرغ رجولته على أهل بيته ويمارس فيه ما تمارسه جاهلية العرب والشعب غالبيته فاسد في معاملاته كاذب في أحاديثه ثم يشكون ظلم حاكمهم وفساد حكومتهم ... بئس القوم أنتم وبئس ما تفعلون وبئس ما تحكمون فما سلط عليكم ربكم الظالمين إلا كونكم فاجرين ولا سلط عليكم الظالمين إلا لأنكم ظالمين وما وكز فوق رقابكم الطغاة إلا وأنتم طغاة ... { إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم } الرعد ؟

كما تَكونوا يُولّى عليكُم 

كما تَكونوا يُولّى عليكُم 

كما تَكونوا يُولّى عليكُم 




دمتم بود ...


وسعوا صدوركم