2023-03-05

حياتك أنت وكل الدنيا = 10 ثواني فقط ؟

 

{ نحن نَقصّ عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبلِه لمن الغَافلِين } يوسف ... عندما تتصفح القرآن الكريم والذي فيه أخبار ذرية بني آدم وآدم نفسه وأمنا حواء ومليارات من البشرية وفيه شريعتنا ... فإن أول ما يخطر في عقلك السؤال : ما هؤلاء القوم الذين يرسل الله إليهم أنبياءه ورسله ولا يؤمنون ولا يتقون بل ويتكبرون ويتحدون ويستهزؤون !!! ... لكن عندما تسمح لعقلك بالتفتّـق وتوسّع مدركاته ستكتشف بكل أريحية أن الأقوام العاصين المذكورين في القرآن وما حل بهم من بلاء وعقوبات سماوية هم موجودين اليوم في حياتك ... نعم صحيح موجودون فهناك الكفار والمشركين والملحدين وألا دينيين والوثنيين ... لا بل هناك المليارات منذ ولاتهم وحتى يومك هذا لم يذكروا الله على لسانهم ولم يسبحوا ولم يركعوا ولم يسجدوا قط ... إذن المتشابهات والمتطابقات في سالف الزمان موجودة فعليا في زماننا لكن باختلاف الأشكال والتغير البشري متعدد الأشكال والأنماط والسلوك ... ولو ذهبت أبعد بكثير في تفكرك وتسائلت : لماذا الله لا يبعث رسولا لكل من سبق ذكرهم أو لماذا لا ينزل عليهم عقوبة السماء ؟ ... الإجابة ببساطة هي أننا نعيش في أخر الزمان ومواقيت الحياة بدليل أن رسولنا "محمد ابن عبدالله" عليه الصلاة والسلام عندما كان أخر الأنبياء والمرسلين هذا يعني أن الوقت قد انتهى في حياة البشرية ... ولو كان هناك وقتا حقيقيا لجائنا رسولا جديدا منذ مئات السنين ورسولا ونبيا ورسولا ونبيا إلى ما لا نهاية ؟

غريب أمر الإنسان فعلا غريب أمر بني آدم !!! منحه الله كل شيء وقال له كل الدنيا لك كل واشرب واضحك وغني وارقص وعمّر الأرض فاعل ما تشاء باستثناء بضع محرمات وبضع أخلاقيات لا تتجاوز العشرين ولا تزيد عن الثلاثين ولك ملايين المباحات ... فماذا فعل الإنسان ؟  أوغل وفجر وداس بقدميه على المحرمات والأخلاقيات وترك ملايين المباحات مع أن الأرض تسع الجميع وكل شيء متاح للجميع ... ليس هذا فحسب بل في زماننا أصبح الجميع بفضل التطور المهول والخرافي في كل شيء أصبح الإنسان يشاهد العالم من خلال هاتفه أو كمبيوتره ... يشاهد كل شيء قصص وحكايات ومآسي وكوميديا وعجائب حياة الإنسان وحياة الشعوب والأمم بأدق أدق تفاصيلها ومشاهد كان من المستحيل أن تصدقها لولا لم تصورها كاميرات المراقبة أو هواتف التسجيل والكثير ... فلا يتقي الله إلا القليل ولا يراجع نفسه إلا القليل ولا يتغير إلا القليل غريب حقا أمر الإنسان يعيش بثقة وكأنه من الخالدين ويعيش بنرجسية وكأنه ضامن الجنة ... مع أن الإنسان نفسه يعتبر جاهلا فعلا وحقيقة جاهلا لأنك مهما قرأت ومهما وضعت في أرشيف عقلك من آلاف الكتب وآلاف الأفلام الوثائقية فستموت جاهلا ... بدليل الإنسان وحتى يومنا هذا لا يعرف أسرار الأرض "بحار - يابسة" ونسبة تلك المعرفة لا تتجاوز 20% في علوم البحار و 60% من علوم اليابسة ... ولا تنصعق إن قلت لك أن كل علماء الأرض حتى اليوم لا يعرفون "سيكولوجية النوم" إنما كلها محاولات بحثية لم تتوصل إلى الحقيقة بعد ... وكل علماء الأرض حتى اليوم يقفون عاجزين أمام فهم وحقيقة "سيكولوجية الموت" لكنهم يعرفون "سيكولوجية الفرح والحزن" لأنها مرتبطة بالفحص المباشر بكامل وعي الإنسان ؟

لو قلت لك أمامك 10 ثواني فقط وليس فوقها ثانية واحد إما أن تخرج من منزلك فورا أو تموت بعدها فورا فماذا ستختار وفيما ستفكر فيه ؟ ... إن توفرت جدية الإدراك والعرض فإن الإجابة ستكون الخروج فورا دون حتى أن تلتفت ورائك ودون أن تأخذ معك شيئا من احتياجاتك ولو كان ذوو قيمة أو ثمينا ... لأن النفس هي أغلى ما يملكها الإنسان على الإطلاق بدليل في الحروب والكوارث الناس بطبيعتها الأزلية التاريخية تتخذ الهجرة قرارا للنجاة بحياتها ... إذن وفق مقاييس الواقع والحقائق الزلزال لا يأخذ وقتا من اتخاذ القرار إلا ما بين 5 أو 10 ثواني فإما أن تبقى دون يقين المصير أو تفر وتهرب لتنجو بنفسك ... هي ذاتها الـ 10 أو 5 ثواني التي يحتاجها الميت في قصاص السيف لأنها تضرب منطقة "النخاع الشوكي" مباشرة فتوفر رحمة بأفضل طريقة موت للشخص ذاته لكنها في نفس الوقت عملية مرعبة للقلوب فتتوفر عملية الردع في نفس الإنسان ... هي ذاتها الـ 10 ثواني التي يحتاجها الميت عندما يأتي ملك الموت ليقبض روحه وهناك فرق كبير جدا ما بين الموت نفسه وما بين سكرات الموت كثير منكم يلتبس أو تتداخل عليه الأمور في هذه النقطة تحديدا لكنها 10 ثواني وربما أقل ... كل ما سبق القصد منه أن التوقيت والمواقيت هي لنا كبشر أحياء لتصريف أمور حياتنا وتنظيمها وإلا لدبت الفوضى في كل شيء ... لكن تلك المواقيت ليس لها وجودا عند الله سبحانه وتعالى على الإطلاق بدليل يوم نبعث يوم القيامة يُقسم الكثير من الناس والمجرمين أنهم ما ناموا أو ما لبثوا إلا بضع ساعات من يومهم "حسب اعتقادهم" ... ولا أحد بالمطلق يعلم كم هو الوقت بين نفختي الصور الأولى والثانية "ساعة - يوم - شهر - سنة - عقد - قرن - قرون" لا أحد يعلم إلا الله وحده سبحانه لكن أنت لا تشعر ولن تسعر بأي شيء بالمطلق لأنك مقيّد ومسيّر ولست في هذه مخيّر أو لك رأيا أو قرارا ... ولا يزال الإنسان يرفض العبرة والعظة ولو شاهد ألف بلاء وألف كارثة ولو قرأ الف كتاب وألف سيرة من سير الأمم والشعوب ... وامتداد العاصين والجاحدين لا يزال قائما منذ آلاف السنين وأيضا امتداد المؤمنين لا يزال مستمرا ... فهل حياتك كلها وكل جنون العالم وكل المتناقضات تستحق 10 ثواني لا أكثر !!! ... { اعملوا ما شئتم ۖ إنه بما تعملون بصير } فصّلت ؟




دمتم بود ...


وسعوا صدوركم