2019-04-18

بترول اللعنة وسجن النفط ؟


أول اكتشاف للنفط كان في كركوك العراق سنة 1927 ثم في البحرين سنة 1932 ثم السعودية والكويت سنة 1938 ثم قطر ثم الإمارات  ... وأول مصفاة في العالم أنشأت في سنة 1856 بفضل اختراع البولندي "جان جوزيف إغناسي لوكاسيفيتش" ... وعندما ظهر النفط وتم اكتشافه فرح الغرب فرحا عظيما بهذا الإكتشاف الثوري الطبيعي ومن ضمن أسباب فرحتهم أن النفط ظهر في أرض العرب أرض الجهل ... فكانوا يشترونه بأبخس الأثمان في المقابل كانت فرحة العرب بهذا الثمن البخص لا توصف من شدتها من باب أنهم باعوا على الغرب الهواء أي لم يخسروا شيئا ... ثم بعد سنوات تناقلت الإشاعات والأخبار والحقائق إلى العرب بعظمة وأهمية النفط الذي تحت أرضهم وعلموا بثمنه الحقيقي وعلموا كم تم استغفالهم واستغلالهم ... فرفعوا أسعار البيع كل بما يريد وبما يراه مناسبا ففطن الغرب إلى حيلة تنم عن ذكاء ودهاء مقارنة مع سكان البر والصحراء والمدن الصغيرة الضعيفة ... وهي صناعة دورة المال أي يأخذون النفط من العرب ثم يستردون الأموال منهم مرة أخرى فيكونون بذلك حصلوا على نفط العرب ونسبة لا تقل عن 50% وأكثر من الأموال التي دفعت إلى العرب ... وبما أن الغرب في الفترة ما بين 1930 إلى 1945 تعتبر أمة متطورة متقدمة مع الولايات المتحدة الأمريكية التي يكفي أن تعرف أن أول ناطحة سحاب فيها كان "مبنى ولوورث" الذي شيد في سنة 1913 بطول 729م بالإضافة إلى برج إيفل في فرنسا والذي افتتح في سنة 1889 بارتفاع يزيد عن 300م ... مقارنة مع شبه الجزيرة العربية وعربها فإنك كمن تتحدث وتقارن بين الثرى والثريا فأين نحن منهم ؟ لا حضارة ولا نهضة ولا علم ولا تقدم ... تلك المقارنة كانت هي لب دهاء الغرب الذي من خلاله بدأت رحلة تحويل الفقير إلى ليس غني فحسب بل ثري لدرجة الجنون ومن ثم إشباعه حتى التخمة ثم استغلاله ثم ابتزازه ثم التحكم به ؟

الذكاء الغربي فتح شهية العرب الفقراء حكاما ومحكومين "آنذاك" فأغراهم بصناعاتهم وتقدم بريطانيا وفرنسا وأمريكا وغيرها ... وبما أن العرب أهل لبترول أصبح لديهم المال فأول استخدام تم للمال كان "المال السياسي" لضرب أعدائهم في دولهم ومناطقهم والإقليم ... ثم بدأت رحلة الترف فدخل الراديو ثم السيارة ثم المكيف ثم الأطعمة المعلبة ثم الأثاث الإنجليزي الفاخر ثم الألبسة ثم الطائرات حتى وصل عرب الخليج إلى ترف الموضة ... فدارت لعبة "دورة المال" بشكل خرافي فترك الخباز صنعته والحداد واللحام والحمال وناقل الماء ومنظف فضلات الناس وغيرهم الكثيرين حتى سقطت هيبة "النوخذه" الذي كانت مهابته متقاربة مع مهابة الحاكم ... فانتفخت الكروش فضرب الترف العقول وظهر المباهاة والمغالاة ثم زاد التفاخر ثم ظهر التناحر ونسي الجميع صنعتهم وحرفهم ومالوا ميلا عظيما إلى الركون والجلوس والحديث بغير أفعال ... فأسعد ذلك الغرب وأمريكا وأفرحهم فرحا عظيما فأصبح النفط تحت سيطرتهم ونسبة كبيرة من المال عاد إلى أوطانهم وأنعشوا أسواقهم واقتصادياتهم ... لكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد لأن الغرب رأى أن ما يجنونه ليس بكافي هذا أولا ثم هم لا يريدون أن يصبح العرب أثرياء حتى لا ينقلبوا عليهم ... فأغروهم بالسلاح وما أدراك ما هي ألاعيب السلاح فتارة ينفخون برأس هذا فيتم شحنه فيشتري صفقة سلاح ثم يوسوسون في إذن ذلك فيتم شحنه فيشتري صفقة سلاح ... وصفقة تلي صفقة تلي صفقة حتى أصبحت دول الخليج أكبر مخزن للأسلحة في العالم بأسره وفق إحصائيات 2019 وأكبر مشتري السلاح من كل دول العالم ... سبق ذلك وتحديدا في الفترة ما بين 1950 إلى 1970 هي فترة في غاية الأهمية حيث أفرط الغرب بإغراء العرب "أثرياء النفط" بالمحرمات فكانت البداية بالخمور والنساء من الخارج ... ولما شاع خبر هذا الإنفلات الأخلاقي بين العامة همس أحد أعوان إبليس في أذن أحد الأثرياء فقال له : يا سيدي إنك لم ترى الدنيا بعد تعال إلى بريطانيا وتنعم بنعيم لم تراه ولم تسمع عنه في حياتك قط ونضمن لك كامل السرية والخصوصية ... فذهب إلى بريطانيا فدارت جلسات الخمر والطبل والرقص مع أبهر النساء جمالا آنذاك ومورست كل أنواع الشذوذ الجنسي وفق ما كان سائدا آنذاك ... ففتحت طرق الدعارة وجلسات العراة على مصراعيها فذهب الأول ثم عشرات الملايين حتى يومنا هذا ... لكن السياسيين والأثرياء قديما لا يعلمون أن كل جلساتهم تم تصويرهم صوت وصورة فالسياسي له طريق الإبتزاز والتاجر له طريقة الضغط عليه وجميعهم سقطوا في شباك الغرب لضمان أكبر قدر ممكن من السيطرة على النفط الذي هو بيد فقراء الأمس أثرياء اليوم ؟
 
لو نظرتم بعين ثاقبة وبتحليل عميق للغاية وبمراجعة تاريخية موسعة لن تكتشفوا سوى أن ما حدث في الماضي يحدث اليوم من استغلال وابتزاز وشلل كامل في الإعتماد على النفس ... وليس الأمر صدفة على الإطلاق أن أمريكا وروسيا وبريطانيا وفرنسا يتحكمون في دول وحكومات الشرق الأوسط برمته ... بل هي سياسة ونهج قديم ولديهم مستمسكات سياسية واقتصادية وأخلاقية على السياسي ووالده والتاجر وابنه ويمتد الأمر إلى الكتاب والمثقفين أو بالأحرى "المستثقفين" والرياضيين لا أحد ينجو من مصيدتهم ... ولذلك بنفطك وببترولك سجنوك وقيدوك وسلبوا إرادتك وصنعوا من الأخ عدوا ونصبوا لك الألغام هنا وهناك فأطلقوا مسميات ما أنزل الله بها من سلطان ... فأطلقوا سيادة الدولة وهذا كذبا ثم قالوا سياسة وهي دعارة ثم شيطنوا الإسلام وديننا بريء منهم ومن الجهلة من بني جلدتنا ... ثم صنعوا شياطين من داخلنا باسم الجهاد المقدس فذهب زهرة شباب العرب إلى "أفغانستان والعراق والشيشان وسوريا وليبيا والفلبين والسودان والبوسنة والهرسك" وغيرها الكثير والقدس تنظر للجميع بنظرة استحقار ... هل رجولتكم ظهرت هناك وأنا المحتل أمامكم والقريب منكم نكرتموني جهارا نهارا !!! ... ولم يكتفي الغرب بدهاء السيطرة بل أكمل مشواره مع تفجر التكنولوجيا الرقمية بجنونها المتنوع والمختلف فزودوا رجال الأمن في الدول العربية بأحدث التكنولوجيا فاقمعوا واقتلوا شعوبكم وسيطروا عليهم ... طالما أن لديكم النفط وطالما أرصدتكم تتحول إلى دولنا فاصنعوا ما شئتم في شعوبكم وكلما ارتفعت الأصوات العالمية المنددة في سياساتكم وطغيانكم كلما وجب ارتفاع قيمة التحويلات المالية والإستثمارات في بلداننا ... لتتكشف الحقيقة أن نفطنا صنع ترفنا وبترولنا صنع ذلنا وخضوعنا فأصبحنا أسرى ونظن أننا أحرار أبطال ونحن جبناء فوصلنا إلى مرحلة أن الغرب وأمريكا وروسيا يبصقون في وجوهنا ولا نستطيع فعل أي شيء ... قتلنا الترف وضيعنا النفط وسلب إرادتنا فلم نصنع ولم نزرع ولم نتطور كل شيء نستورده حتى ثيابنا من خيبتنا لا نصنعها فاستحقرنا الغرب لأننا لم نعد نهتم لكراماتنا ... يتحكم بنا الغرب لأنه لا يوجد لدينا أي بديل فأصبحنا جميعنا ضحايا جهلنا وضحايا نرجسيتنا المريضة فنصبح في لحظة أهل كرامات على أهلنا وإخواننا القريبين والبعيدين منا وفي لحظة تتبخر كراماتنا أمام أمريكا وفرنسا وروسيا وبريطانيا ... ضيعنا نفطنا وضيعنا كراماتنا فهل يخرج جيل من صلبنا من يعيد كرامة أجدادهم التي سحقت تحت أحذية المستعمر الصديق !!!




دمتم بود ...


وسعوا صدوركم