ألا ديني هو من يرفض سيطرة الدين على حياته الشخصية دون وصاية وهو
معتقد فكري خرج في سنة 1971 عبر الإيطالي والأمريكي الجنسية أستاذ علم
الإجتماع "كابورالي Rocco Caporale"
والإيطالي "جروميلي Antonio Grumelli" أستاذ علم الإجتماع في الجامعة البابوية الحضرية ... ومن
هؤلاء الإثنين انتشرت عقيدة ألا دينية وهي مقاربة لحالة أو عقيدة الإلحاد ومقارنة
مع الإلحاد فهو مصطلح رفض الإيمان بالله سبحانه بل ورفص حتى وجوده أصلا ... مما
يعني أن ألا ديني والملحد هما على نفس المنهج لكن الملحد بالمطلق لا يؤمن بالله
ولا بأي دين ويعتبر أن كل الأديان جهل وظلال للبشرية وألا ديني لا يؤمن ولا يعترف
بأي دين سماوي ويرفض أي سلطة لرجال الدين مهما كانت ... وفي وقت يتراوح ما بين عام
1960 وحتى يومنا هذا في 2019 تنوع الشذوذ الفكري بين مد وجزر سبب تأثرا بالغا
حقيقيا واقعيا بأن خرج عشرات الملايين من دياناتهم وتركوا معتقداتهم وأصبحوا
ملاحدة ولا دينيين ... ومن المؤسف حقا أن كل الدراسات الخاصة في تحليل هذه الحالة
قد تم تسفيهها وتجاهلها بشكل بطبيعة الحال أمر متوقع وفق المخطط الماسوني الصهيوني
؟
إن من باب سرد وفرد الأمانة في الشأن الإسلامي يتحمل رجال الدين
والحكومات وزر وإثم كل مسلم ترك الإسلام وذهب في طريق الإلحاد أو ألا دينية ...
والسبب الكم المرعب المهول من التطرف والتخلف والجهل والفتاوي المعلبة التي حولوها
إلى أوامر وموانع وكأنها سماوية لا تعترض لا تناقش لا ترفض !!! ... بالرغم أن كل
وأي فتوى في حقيقتها هي تعتبر مجرد رأيا ونصيحة وليس لأي مسلم كائن من يكون وفي أي
أرض يكون أن يأخذ في أي فتوى ... بمعنى أي فتوى جاز لك أن تأخذ بها وجاز لك أن
تتركها لا إثم عليك إن أخذت بها ولا إثم عليك إن تركتها ... لكن بما أننا نعيش في
عالمنا العربي فلا عجب أن تشطح عقول مئات الآلاف من المسلمين ويتمزق مئات الملايين
من المسلمين ويكفر الآلاف ويخرج من الإسلام الآلاف مع عدم إغفال أيضا عدد من
يدخلون في الدين الإسلامي ... لكن موضوعنا عمن تركوا الدين الإسلامي وهو بطبيعة
الحال لن يتأثر ديننا العظيم لكنه تأثر بل وتوجع من التشدد والتطرف والغلو ...
وتوسد على الدين الإسلامي طغاة باسم المذهبية والطائفية والحزبية وباسم التبرعات
الفاسدة والجهاد الكاذب وفرط الإستبداد والتسلط على الرعية باسم الدين ... وبالرغم
من أن رسولنا وأشرفنا عليه الصلاة والسلام لم يكن يتبع أي مذهب ولا ملة فإن سنته
الحقيقية كانت كتاب الله سبحانه وعمله بعمل كلام الله حتى أنه أخذ درجة التشريف
والتعظيم من رب السموات والأرض من ناحية الخلق العظيم ... والأهم أن الرسول قد نهى
المؤمنين والصحابة من أن ينقلوا عنه حرفا واحدة حتى لا تفتن الأمة ولا يلتفتوا إلا
لكلام وكتاب ربهم وآياته الكريمة ... لكن مرجعية القرآن الأولى والأخيرة القاطعة
أصبحت في المنزلة الثانية فحل محلها سنة المصطفى عليه صوات ربي وأفضل التسليم ثم
انفجرت المذاهب الإسلامية قبل 1.250 سنة ... فأصبح المتبع هم الأولياء ثم وصلنا
لزمن يتبع السفهاء كلام هذا الشيخ وذاك العالم وكأن الإسلام كان عاجزا مشلولا ...
فجاء الديزل الإسلامي ليحرك ويشغل مكائن الإسلام ويبتكر علوما في مكائن الشريعة
وكأن كل الأمم السابقة كانت على ضلال وهم فقط من على الحق والصواب ... نتج عن كل
هذه التناقضات تضارب فكري عقائدي شرعي نتائجه واضحة وضوح الشمس أمام العيان اليوم
من فرقة وكره وحقد وقتل وسفك الدماء وإرهاب وتهجير وتغيير ديمغرافي ... فهذا يكفر
ذاك وذاك يكفر هذا وضاع بينهم المساكين ضعاف العقول والقلوب فتركوا الجمل بما حمل
وقالوا "بلا إسلام بلا بطيخ بلا مذاهب بلا طائفيتكم المريضة" ... فخرج
من خرج وأصبح ملحدا كافرا لا يؤمن مطلقا بوجود الله سبحانه وتحول من تحول فأصبح من
مسلم إلى مسيحي ومن مسلم إلى يهودي ... وبالرغم من أن الله سبحانه لم يأمر بقتل
المرتد على الإطلاق في كتابه الكريم إلا أن الكثير من المسلمين ضربوا بكتاب ربهم
عرض الحائط وأمروا بقتل المرتد بكتبهم وفتاويهم وبتقولهم وافترائهم على رسولنا ...
والأصل أن لا مخلوق أيا كان ومهما كان ليس له أي حق ولا أي سلطة بأن يحرم أمرا إلا
الخالق عز وجل هو فقط سبحانه ... أما الأنبياء والمرسلين فإنهم يملكون حق النهي
وشتان ما بين التحريم والنهي ... فلا تحريم إلا بنص سماوي فقط وحصريا ولا يجوز
لنبي أو رسول أن يحرم أمرا لم يأمر به الله سبحانه وبشرط توفر النص السماوي ...
لكن أمتنا لها رأيا أخر وكل فئة استبدت على خلق الله وألفوا كتبا ومراجعا
بالملايين مما يدل على تفاهة حالهم وماذا تفعل البطالة والفقر في الناس ؟
إن الدين السياسي هو الشيطان الرجيم بعينه وهو الشر المستطير بذاته
لأنه توظف الدين لخدمة تحقيق الأهداف السياسية بمزيد من السيطرة على الرعية
وإخضاعهم للحكام ... ومهما كان نوع أو شكل أو طريقة حكم الحاكم فإن الخضوع مطلق لا
خروج ولا معصية بالرغم من وجود معارضة وصلت إلى الحروب وسفك الدماء بين المسلمين
في عهد الخلفاء الراشدين "عمر وعثمان وعلي" ... كلها امتدادات تبين لنا
حالة الندم والحسرة إلى ماذا أوصلونا إليه من حال مهين ومذل فتشكلت قواعد اللعبة
وهي كالتالي : الدول الغربية تتحكم في الدول العربية والحكومات العربية تتحكم
برجال الدين ورجال الدين يتحكمون بالرعية ... نتج عن كل ذلك نهب الثروات بآلاف
المليارات منذ 70 عام وحتى يومنا هذا ضف على ذلك خروج مئات آلاف المسلمين وبضع
ملايين من الدين الإسلامي واعتناقهم لديانات أخرى ومئات الآلاف من الملاحدة ... لم
يكترث أحدا لما يحدث بل زادوا همنا هما فصنعوا التنظيمات الإرهابية والفكرية
المتخلفة بل ووظفوها لخدمة السياسة كتنظيم الإخوان المسلمين والتكفير والهجرة
والقاعدة وداعش والحشد الشعبي وحزب الله وستخرج تنظيمات غيرها ... وفي وسط هذه
الفوضى يستعجب البعض ويقول ماذا حل بألا دينيين وبالملاحدة المسلمين !!! ... أو
تحسبون أن عقول الناس متساوية أم ويكأنكم ظننتم أن الناس على مقاس واحد من القلب
والمعنوية والإرادة والثقافة !!! ... وطالما أن مناهجكم وكتبكم الدينية وعقلياتكم
وثقافاتكم لم تتغير ولم تتطور فلا تتباكى أعينكم ولا تتساقط دموعكم على حالكم من
الذل والهوان والإنهزام والإنكسار ... جننتم خلق الله بخزعبلاتكم وضربتم نفسياتهم
في صميمها وحرّمتم ما لم يحرمه ربكم وافتريتم على رسولكم وجئتم بإفك عظيم فما
حياتكم وحياتنا سوى بضع سنين فارتقبوا يوما ترجعون فيه إلى خالقكم كل آتيه طائعا أو صاغرا يوم يحصحص الحق ويكون حقا رغم أنف المتكبرون والجاهلون ؟
دمتم بود ...
وسعوا صدوركم