2019-09-21

صراع الشعوب والحكام ... من على صواب ؟


خرجت ملايين الكتب والمقالات التي كانت تحلل الخلافات في الإمبراطورية الصينية القديمة واليابانية والروسية والألمانية والبريطانية ... وملايين أخرى من الكتب والمجلدات والمقالات والبحوث التي تحدثت عن صراعات وخلافات وسقوط الدولة الأموية والعباسية والعثمانية وصعود وسقوط الأندلس ... وتقسيم بريطانيا لمنطقة الشرق الأوسط وصناعة مشيخة دول الخليج وسقوط الملكيات في اليمن والعراق ومصر ... كلها كانت تتحدث عن حقيقة الصراع بين الملوك والحكام فيما بينهم وبين سياسات الحاكم على رعيته وما كان موقف رعيته وعلية القوم منهم ... وبالرغم من الكم المهول والعظيم من الأدلة التاريخية والوقائع الحقيقية نجد للأسف أنه وحتى يومنا هذا لم يتعظ أحدا من التاريخ ومن كانوا فيه ولا من الأيام ومن عاشوا فيها ؟
 
لو حللت الشعوب فستجد أن الشعب الكويتي هو نفس الشعب السعودي هو نفس الشعب الإماراتي والشعب المصري الجزائري اليمني الفرنسي الأمريكي الأسترالي الفلبيني ... كلنا بشرا من نسل رجل واحد وهو أبونا آدم عليه السلام نتطابق تماما في الخلق والمكونات الجسدية ونختلف في العقول وما تحتويه من أطباع وأفكار وعقائد وإيمان من عدمه ... والناس في مجتمعاتنا والبشرية كافة هي سهلة وبسيطة وليست بالصعوبة التي سوقتها أكاذيب الصحافة والإعلام وأكاذيب تجار الأديان وأكاذيب الحكام الطغاة ... فمن يحكم أي منطقة من العالم هو مسؤل على توفير الحياة الكريمة العادية مثل الطعام والشراب وإيجاد فرص العمل من خلال تنشيط الإقتصاد التجاري قديما وتوفير ما يمكن من الإنسانية واحترام آدمية وحقوق الرعية ... ثم مع تطور السنوات وظهور الإكتشافات العلمية وانفجار نهضة الإتصالات ثم انفجار حضارة الإنترنت التي غيرت مجرى البشرية والتاريخ نجد أن المطالب الشعبية لا تزال كما هي لم تتغير ... فكل الثورات التي وقعت في عالمنا العربي لم نراها تطلب ما هو غير ممكن بل انحصرت مطالبها بحرية الإنسان الفكرية واحترام آدميته وعدم انتهاكها وتحقيق العدالة بين أفراد المجتمع ومكافحة الفساد دون أي استثناء وإيجاد أكبر قدر ممكن من فرص العمل ... تلك هي المطالب التي أصبحت تتكرر في كل مشهد ثورة وقعت ولا تزال فصولها تقع في الدول العربية حصريا وهي بالمناسبة حقوق وليست تفضل لا من الحاكم ولا من الحكومة ... ولذلك لم يحلل أحدا بعض بعمق وبتفصيل شديد الفرق بين الشعوب قديما وحديثا من الناحية السياسية والإجتماعية والإقتصادية ... فمطالب الشعوب قديما لا تزال كما هي حديثا "عدالة اجتماعية - مكافحة فساد - حريات" ولا أجد أي مشكلة في مثل هذه المطالب فالحاكم يمكن استبداله بألف حاكم لكن الحاكم يستحيل أن يستبدل شعب بأكمله ... وعلى سبيل المثال "حسين كامل المجيد" لا يحمل إلا شهادة دراسية "الإبتدائية" فقط فأصبح فريق أول في الجيش العراقي ثم وزيرا للتصنيع العسكري فقط لأنه زوج رغد صدام حسين ... وطغاة مصر وسوريا والعراق وليبيا هتكوا أعراض عشرات آلاف حرائر دولهم وعاثوا فسادا ما بعده فسادا وقتل مئات الآلاف والذي لا يعرف مصير جثثهم حتى يومنا هذا ... وكيف كان الحكام فقراء عند توليهم السلطة فأصبحوا يملكون مئات المليارات من سرقاتهم وكان هذا انتهاكا صارخا لعهود البشرية القديمة التي لا تطلب المستحيل ولا تبالغ في أمنياتها ... بل تعمد العديد من طغاة التاريخ وحتى يومنا هذا أن يصنعوا أكبر قدر ممكن من الجهل في أوساط شعوبهم عبر نشر ملايين الأكاذيب والتدليس والتزوير ومحاربة العلماء والعقول النيّرة ... فسقط حكم بعض الطغاة وظلت شعوبهم تعاني عقودا طويلة من الزمن وهي غارقة في الجهل ولو سألت عن الدين الإسلامي في أيامنا هذه فالإجابة ستكون هي : الدين الإسلامي بات غريبا في زماننا هذا غريبا غريبا ... فالمنقبة جاهلة والمحجبة متخلفة ومن يدعوا للفضيلة يحتضن فكرا متطرفا ومن يدعوا لوحدة العرب والمسلمين خائنا للدولة والسارق الذي يصل إلى أعلى المناصب تعتبر فراسة وشطارة ... أما من يقارع الخمر وتلبس البكيني ومن يفسد في أموال الرعية ويسرقها والقاضي الفاسد والمرتشي والضابط الذي حولوه إلى كلب مطيع وتاجر الدين الذي يوجد للفاسدين المخارج الشرعية ومن يخدم الصهاينة الأنجاس هو من دهاة السياسة ... هؤلاء هم رجال المرحلة وهم متطلباتها وهم أدوات كل طاغية وهم أرباب الدين السياسي الجديد ... ولا أقرب تناقضا صارخا وكذبا بواحا وفجورا طاغيا من حاكم يستحقر شعبه ويستنجد بالأجنبي ولا بمن يطلق الوعود الكذابة وعندما يصل للسلطة يبطش بشعبه بطشا غبيا مجنونا فزوال مثل هؤلاء رحمة للأرض ومن عليها ؟
 
الرعية قديما هي نفس الرعية حديثا مطالبها جدا بسيطة ومشروعة والمال والثروات تكفي الجميع في أي مكان على وجه الأرض لكن تكمن المشكلة في الإدارة نفسها ... فإن وفرت "بما استطاعت" من الإدارة الحكيمة العادلة للبلاد ضمنت بقائها وسلامة ذويها من الإنتقام وإن بطشت وطغت كان سقوط الحاكم قدرا محتوما وذويه سيعانون من ذل الأيام ... بدليل أن 95% من حكام المسلمين منذ أكثر من 1.400 سنة وحتى يومنا هذا لا أحد يعرف مكان قبورهم على الإطلاق ولا أحد أين قبور ذويهم وأين كنوز ما سرقوه لا أحد يعلم ولن يعلم إلا ربنا سبحانه ... وتبقى مطالبات الشعوب منطقية وشرعية ويبقى فساد الحكام وطغيانهم لعنة عليهم وعلى شعوبهم حتى يوم القيامة مع عدم إغفال أن التاريخ القديم والحديث يخبرنا عن حكام أحسنوا لأنفسهم ولأوطانهم ولشعوبهم فخلدهم وسيخلدهم التاريخ ... مثل قديما الخليفة "عمر ابن عبدالعزيز" و "عبدالرحمن الداخل الأموي" و "صلاح الدين الأيوبي" ... وحديثا سيد النهضة حاكم الكويت سمو الأمير "صباح الأحمد الجابر الصباح" وسلطان بروناي "حسن بلقيه" ورئيس الأورغواي "خوسيه موخيكا" الفقير شديد التواضع والمستشارة الألمانية "انجيلا ميركل" ؟



دمتم بود ...


وسعوا صدوركم