2020-01-13

التفكير المدمر .. أبيض وأسود ؟


يعجز الإنسان عن فهم مدركات الحياة وأساس خلق الطبيعة وهذا الإعجاز البشري في الغالب يكون بسبب الإنسان نفسه وتحديدا الأمر راجع للنرجسية التي يعيش فيها كل العرب منذ القدم وحتى يومنا هذا ... لكن العلماء والباحثين الغرب لا شك أنهم قدموا للبشرية خدمات عظيمة لا تقدر بثمن ليس لشيء فقط لأنهم كشفوا لنا ما كان خافيا عنا ... فقبل بضعة سنوات لم نكن نعرف كل هذه الأسرار من الطبيعة والبحار ولم ننتبه لعظمة وجمال المخلوقات والطبيعة الفاتنة ... فالعلماء الغربيين كشفوا لنا دون أن يسبحوا بحمد الله ونحن في بيوتنا جالسين نلتقط اكتشافات الآخرين ونسبح بحمد سبحانه ... لكن الفضل لا يعود لنا ولا بنسبة 1% بل للغرب بنسبة 100% فقط لأنهم عملوا بالأسباب ... هي الأسباب المريضة التي تجعل الكثيرين منكم يصنعون أسوارا أو قضبانا أو صناديق في عقولهم وروضوا أنفسهم على التعامل والتعاطي والتعود على تلك الحواجز ... فلا يرى في حياته أو حياتها سوى أبيض وأسود والحياة ليست أبيضا ولا أسودا بل ألوانا كثيرة ومناظر ومشاهد بديعة وأيضا العلاقات البشرية والإجتماعية متنوعة ومتلونة وليست أبيض وأسود ... وبالتالي من يرى الحياة أو العلاقات الاجتماعية أبيضا وأسودا فقد قتل نفسه وهو حي يرزق وسجن نفسه بنفسه دون أن يشعر ... وإن كانت التجارب الفاشلة المريرة قد آلمتنا أو جرحتنا أو كسر قلوبنا فهذا لا يعني أن نسقط للأبد بل بالعكس لولا عثرات الطفل لما تعلم المشي ... ولو وقفت متصلبا عند الماضي فلن تستمتع بالحاضر ولن تعرف المستقبل والإنسان في كسر وجبر فرح وحزن أمل وألم حتى يحتضنه قبره ... لهذا خلقنا ولهذا عشنا ولأجل ذلك وضع الكتاب والحساب والجزاء ولذلك خلقت الجنة والنار ومن أجل ذلك وجد الإستغفار ونزلت الكتب السماوية وأرسل لنا الأنبياء والمرسلون ... أم تظن أن الدنيا خلقت من أجلك أنت فقط ؟
 
أكثر ما يقع فيه الناس من خطأ وجهل قد يؤدي إلى الإثم والظلم هو أنهم يعشقون السمع عشقا مجنونا ويكرهون أن يبحثوا ويبينوا ويتحققوا ... فما أكثر النميمة والقيل والقال وما أكثر الكذب في المجالس وما أقل الصدق في وقتنا وفي زماننا كره الغالبية الحقائق والبعض ربما يدخل في حرب ضدها فقط حتى لا يعلم الغير الحقيقة ... ولذلك الأبيض والأسود لا ينفع في حياتنا ولا ينفع في العلم ولا المعرفة ولا في كل عمليات البحث لأن الحقيقة القاطعة الصادمة أن هناك من يعتقده قومكم أنها حقائق وما هي إلا أكاذيب ... ولماذا لا تنكشف تلك الحقائق ؟ لأن كثير من المجتمعات هي مجتمعات جاهلة فعليا وتعيش على وهــــــم أنها تدرك وتعلم حقيقة ما حدث وما يحدث وما سيحدث ... ولو كانوا يعلمون لما وجدت الدهشة ترتسم على وجوههم في كل أمر وفي كل مصيبة وفي كل فضيحة ومع الأسف الشديد الإنسان بطبيعته النرجسية يظن أنه يعرف وهو لا يعرف ويظن أنه يعلم وهو لا يعلم ... وهذه حقيقة لا يعلمها بحقيقتها ولا يدركها بواقعيتها إلا الباحثين والمطلعين ومن هم في دوام البحث والتحليل لأنهم في كل يوم يبحثون وفي كل الوقت يكتشفون ولو كانوا يعلمون لما اكتشفوا كل ما هو جديد ... فإن كان هذا حال الباحثين فما يكون حال غير الباحثين سوى الجهل بغير علم والقول دون دليل والحجة دون بينة ؟ ... ولذلك أكبر نعمة عظيمة خلقها ربنا سبحانه وتعالى في البشر نعمة لا تساويها نعمة هي أن الإنسان لا يعلم ما تخفيه الأنفس بمعنى تجلس مع الغريب أو القريب ولا تعلم ما في نفسه عليك ... ولو علم الإنسان ما تخفيه الأنفس لفسدت الأرض منذ أكثر من 15 ألف سنة أي قبل أن نولد جميعا قبل آلاف السنين ... وما يعيشه البشر في أيامنا هذه ما هي إلا صراعات في دائرة الشك والظن ولكم أن تتخيلوا وتتصوروا لو أن تكنولوجيا التسجيل كاميرات المراقبة أن وجدت قبل 5 آلاف سنة ماضية فكم من الحروب لم تقع وكم من الدسائس والخبث كان سيفشل ... ولذلك ما للإنسان سوى اليقين وما لليقين إلا العقل وما للعقل إلا البينة والبينة تعني الدليل والحجة والحجة لبس قال فلان وسمعت عن علان بل أنت من تيقن ورأى وسمع بنفسه ... وما لم تصل إلى الحجة فأنت في وهــــم وأنت في جهـــل وما أكثر الفشل وما أكثر الذنوب والآثام بسبب الجهل وما أكثر ما علمنا ونصحنا ربنا سبحانه ... وما أكثر قصص أمما قبلكم قص عليكم ربكم أخبارهم وأنبائهم وسواد ما صنعوا وعاقبتهم كيف كانت بسبب جهلهم وتفجر الغرور في صدورهم ... فلا تكونوا مثلما قال "هارون الرشيد" : رب عثرة لسان أودت بحياة صاحبها ... أي كلمة خرجت دون تعقل من صاحبها فأدت إلى قتله وحياتكم لو كنتم تدركونها جيدا كلها يسر وما فيها من العسر شيئا ... إنما عسركم في الأموال التي أكلت عقولكم وتناسيتم نعم الصحة والعافية والأمن والأمان والرجل الصالح والمرأة الخيرة ووطن الخير والبركة والكثير مما لا يعد ولا يحصى من ربكم  

لا يوجد شيء أبيضا وأسودا إلا في عقول المجانين والجهلة فحتى يوم القيامة هناك جنة ونار ميزانها رحمة ربكم التي تنسف الأبيض والأسود ... وسيصعق الجميع عندما يرون الرجل الفاضل في دنياه قد رمي في النار ذليلا مهانا وسيندهشون عندما يرون الفاسق في الجنة خالدا عزيزا ... فقط لأن الأمر هو أكبر دليل على أن الإنسان لا يعلم شيئا ويظن أنه يعلم كل شيء والحمدلله رب العالمين أن الإنسان لا يعلم كل شيء بل الحمد لله أن ربنا جعل الموت رحمة للعباد لكن أكثر الناس لا يعقلون ولا يتفكرون ... فتمتعوا بحياتكم خير التمتع فإن ربكم لم يحرمكم شيئا ولو كان هناك شرا فلن يكون أكثر شرا من الإنسان نفسه ... فافرح ولا تخبر أحدا واستمتع مع من يستحق وتفننوا في الستر وأبدعوا فيها فإن الستر حكمة النساء وأفعال الرجال وأجر عظيم وحتى إن حزنت لا تخبر أحدا فمن يكره فرحك سيفرح لحزنك ... وما هلك ابن آدم إلا من ثرثرة لسانه وما أسقطه إلا جهله وما ألعنه إلا بسوء وخبث نوياه فارتقوا ثم ارتقوا فهناك بشرا خلقوا حتى يكونوا مجرد حشرات ونكرات فترفعوا عن الحمقى والسفهاء ومن لم يقاتل جهله هلك فيه ... واعلموا أننا جميعا واقعين تحت تأثير خطير وكبير للغاية من التكنولوجيا المفيدة والمجنونة في نفس الوقت فكن أنت أذكى من هذه التكنولوجيا حتى لا ترميك فيما لم تحسب له حسابا فيضربك الندم العظيم ؟





دمتم بود ...


وسعوا صدوركم