2020-01-19

الإستهتـــار بنعمـــة الكهربــــاء ؟


لا أحد في زماننا هذا يستطيع أن يستغني عن الكهرباء بل أصبحت كأنها حياتنا بشكل لصيق لدرجة استحالة المغامرة بنعمة الكهرباء ... وبكل أسف أن كل دول العالم ودون أي استثناء أنها تتعامل مع الكهرباء على أنها مجرد شيء وكأنه لا قيمة له نعم صحيح الكهرباء من أهم ضروريات أي دولة على وجه الأرض لكن الواقع يقول عكس ذلك بل وينسف كذبة عدم أهمية الكهرباء ... فالكهرباء هي من تغذي الشوارع والمنازل والوزرات والهيئات الحكومية بالطاقة اللازمة لتشغيلها والكهرباء هي أساس عالم الإنترنت فبلا كهرباء لا إنترنت ولا مطاعم ولا مستوصفات ولا مستشفيات ولا جهات تحقيق ولا تلفزيون ولا إذاعة ولا بصمة ولا عمل ولا كمبيوترات ولا إنارة شوارع والكهرباء هي 90% من عالم الطب في أيامنا هذه ... الكهرباء يا سادة تعتبر الأمن والأمان بعد الله سبحانه وتعالى والبشرية بلا كهرباء يعني الإنفلات الأمني والجرائم والسرقات والفوضى العارمة التي قد تصل لدرجة هتك الأعراض وحالات الإغتصاب ... بلا كهرباء ستتوقف كل الجمعيات التعاونية عن البيع وستغلق أبوابها خوفا من السرقات + مكائن البيع لا تعمل بسبب فقدانها للطاقة وشلل قاتل في المطارات والموانئ وتوقف كل إشارات المرور وستضرب الفوضى القاتلة كل شوارع الدولة وتوقف أعمال القضاء والبناء ... وتوقف أعمال البنوك تماما وماكينات السحب الآلي فلا سحب ولا إيداع ولا كي نت ولا تحويلات مالية وشلل قاتل في أعمال محلات الصرافة وانهيارات اقتصادية خسائراها كأقل تقدير ستتجاوز ما بين 10 إلى 20 مليار دولار في الدول الفقيرة ومن 30 إلى 100 مليار دولار في الدول الغنية والصناعية في اليوم الواحد ... ومعارض السيارات ستكون في خطر السرقة أو الحرق المتعمد بسبب توقف كل أدوات الأمن مثل كاميرات المراقبة والأبواب الإلكترونية بالإضافة إلى انهيارات في الأسواق العالمية والبورصة ... وتوقف البريد الورقي والبريد الإلكتروني وانخفاض الحماية الأمنية للشخصيات من 100% إلى 30% ... وفي شهر 9-2019 وقع مجرد انقطاع للتيار الكهربائي في أمريكا في ولاية نيويورك في مدينة منهاتن ولمدة 5 ساعات لم يحدث إلا أن الفوضى ضربت البشرية فلا قطارات ولا مواصلات ولا اتصالات أرضية ولا انترنت وعاد مئات الآلاف من عملهم إلى منازلهم مشيا على الأقدام لأن باصات النقل لم تتحمل العدد الكبير من الموظفين ... ولو ألقيتم نظرة خاطفة وسريعة على مخططات الكهرباء في أي دولة في العالم ستكتشفون بكل سهولة كم هذه الدول وحكوماتها واقعين في خطأ كارثي لدرجة تجعلك في حيرة من أمرك وتسأل نفسك : هل هؤلاء أغبياء أم مجانين ؟

في أي حرب في أي عمل إرهابي في أي إسقاط لأي دولة في أي عمل عدائي تعتبر محطات الكهرباء هدفا استراتيجيا ومن الأولويات الكبرى للإستهداف العدائي ... لماذا ؟ لأنها ببساطة محطات مكشوفة ... والحقيقة هي أن تلك المحطات كانت من المفترض أن يكون موقعها تحت الأرض بعمق لا يقل عن 100 و 200 متر ... لكن ربما لأن صناعة عمق خرساني عملاق بمسافات كبيرة وبمساحات عملاقة ستؤدي بطبيعة الحال إلى تكلفة مالية ضخمة هذا ربما يكون هو السبب الأول لمثل هذا الإستهتار في إنشاء المحطات الكهربائية ... بمعنى لو كانت تكلفة إنشاء محكة كهرباء عملاقة بقيمة مليار دينار فإن إنشاء مركزيتها ومعداتها تحت الأرض ستبلغ تكلفتها أكثر من 2 مليار دينار ... وبالتالي يعتمد الفكر الاقتصادي إلى أنه يبتعد تماما عن فكرة إنشاء محطات كهربائية عملاقة تحت الأرض ويعوضها بإنشاء محطات كهربائية أخرى ... بمعنى تكلفة المحكمة مليار وتكلفة إنشائها تحت الأرض 2 مليار فالمجموع = 3 مليار وهذا يعني أنك تستطيع أن تنشيئ 3 محطات كهربائية عملاقة مضمونة التشغيل أفضل من محطة كهربائية واحدة ... لكن لا أحد فكر بالمستقبل على الإطلاق ولا أحد فكر في الأيام السوداء لو وقعت حرب ما ولذلك الكل يعتمد على الفكر السياسي الذي يجنب كائن من يكون من الدخول في أي حرب ... لأن الحرب تلقائيا سيتم استهداف محطات الكهرباء والماء شاء من شاء وأبى من أبى وقد نتفهم أسباب الدول الفقيرة بعدم استطاعتها بصناعة أمان الكهرباء ... لكنك لا تستطيع أن تعذر الدول فاحشة الثراء بأنها سارت على خطى الدول الفقيرة فوصلت لدرجة الإستهتار والحماقة بأنها لم تنشأ محطات كهربائية عملاقة ورئيسية في باطن الأرض ... وتلك العملية توفر لها ما لا يقل عن أمان الطاقة بمقدار لن يقل عن 70% ... بمعنى ضربت محطات الكهرباء الرئيسة فإن البديل متوفر تلقائيا والطاقة الكهربائية ستعود في غضون ساعات وليس حتى يوما ؟
 
 

الكارثة الأخرى هي أن الدول الغنية وتحديدا الدول الخليجية لا تزال تمارس الجهل والإستهتار في صناعة الطاقة النظيفة المستدامة التي توفرها الطبيعة من خلال الرياح والشمس والمياه ... ونعم هناك مشاريع وهناك خطط لكن لو وضعتها تحت المجهر وكبرت الصورة ستكتشف بأريحية أن تسير بخطوات السلحفاة وسلحفاة عرجاء ... وربما الفساد أو الجهل هما الأمرين اللذين هما سبب عدم الفهم لدى مسؤلي الدول بمدى أهمية تلك المشاريع والتي تصل أهميتها بأنها أهم من النفط والغاز ... ولو علموا بأهمية مصادر الطاقة الطبيعية لدخلوا في حرب مع الوقت ولواصلوا العمل ليلا ونهارا حتى تتنوع مصادر الطاقة لكن الجهل هي سمة تلك الدول ولا غرابة في ذلك على الإطلاق ... ولذلك سيأتي يوما سيتذكر الجميع كم كانوا أغبياء وكم كانوا في غفلة وكم كذب عليهم مسؤلي الكهرباء بتصريحاتهم الطفولية فقط عندما يدب الظلام الدامس في أرجاء الأوطان ... وقتها يا سادة وفروا غضبكم ووفروا هرطقاتكم فإن النعم تحتاج إلى العمل بالأسباب وأن المستقبل لا ينتظر الجاهلين وأن المال بيد الأطفال جريمة وأن الكهرباء نعمة كفر بها الكثيرين ... والنعم بطبيعتها لا يعرف قيمتها الإنسان إلا عندما يفقدها وقتها لن ينفع ندمه شيئا فأسرعوا بصناعة ما لم يسبقكم إليه أحدا من قبلكم قبل ... والإنسان في 2020 بلا كهرباء = الإنسان في سنة 1850 فأفيقوا من سباتكم السخيف كي لا يخرج "توماس أديسون" مخترع الكهرباء من قبره ويلعن جهلكم ... الدولة بلا كهرباء تلقائيا وخلال بضعة فقط دقائق تعود 200 سنة إلى الوراء بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى فهل أدركتم استهتار البشرية بالطاقة وكيف يتعاملون معها باستهتار ... فقط تخيل حالك أنت شخصيا دون كهرباء وكيف سيكون وضعك أنت وأسرتك داخل وخارج المنزل ولتتضارب الأفكار بخطورتها في عقلك وقتها ربما ستدرك أهمية ما كنت أتحدث عنه ؟




دمتم بود ...


وسعوا صدوركم