2021-03-10

الفرق بين الإعجاب والحب ؟

 

كثيرا ما يلتبس الأمر في نفوس الكثيرين وتتضارب المشاعر ولا يستطيعون التفرقة بين الحب وبين الإعجاب مع أن الفرق بينهما واسع وكبير جدا ... فكل متابع لي يحق له أن يعجب بمدونتي بكتاباتي بوجهة بالأسلوب بالفكرة ب ب ب إلخ لكنه من المستحيل أن يصل إلى درجة الحب لأنه لم يراني ولا يعرفني شخصيا ولم يعاشرني ... مثل الفنانين بكافة أشكال وأنواع فنونهم تعجب وتستمع بأعمالهم لكنك لا تصل إلى مرحلة الحب والحب قد يصل إلى مرحلة العشق وفي هذه الحالة أنت بحاجة إعادة ضبط وتقييم فكرك ومشاعرك في حال عشقت المجهول ... فالحب مشاعر وأحاسيس يستحيل أن تجتمع إلا باكتمال الحواس التي تُرسّخ اليقين الوجداني في ضمير الإنسان وعقله وقلبه ... بمعنى يجب أن تجتمع العين فتشاهد والأذن لتسمع والأنف ليشتم أنفاس أو عطر مع من تحبه ويمكن أن تتفرد حاسة السمع لوحدها فتغذي باقي الحواس لأن آلاف الصور قد طبعت في ذاكرة العقل للحبيب مسبقا ؟

إن الإعجاب يمكّنك من نقد من تعجب به لأن المسألة مرتبطة بالعقل فقط وحصريا فالعقل هو من يفكر ويحلل ويصدر الأحكام على جودة العمل "موضوع - كتاب - فلم - أغنية - رسمة - نحت" أيا كان بما فيهم الرجل السياسي والرجل الاقتصادي والطبيب وغيرهم وهذه الحالة تسمى إعجــــاب  ... وتلك المرحلة من الإعجاب تفرض عليك حالة من التمنّع وربما الرفض لعمل ما لموضوع ما بدليل أنك قد تستاء أو قد تغضب لتراجع الأداء العام لمن تعجب به ... وهذه هي سلطة العقل الذي تتمتع به والتي قد تصل بك لدرجة أنك تتفوق على من تعجب به وترميه بملاحظة أو تعقيب على الأداء العام له فينتبه من أعجبت به فتكون أنت ذوو الفضل عليه في التنبيه والملاحظة ... أما في حالة الحب فحدث ولا حرج يخطئ الحبيب لا يخطئ يبقى حبيب حتى وإن حدث تصادم وصراع بين قلبك وعقلك فإن الغلبة دائما تكون للقلب ... وهو أمر جدا طبيعي وهذه أصلا سيرة الحب والعشق والهوى كل الناس على خطأ وحبيبك هو فقط من على صواب لذلك يا أعزائي يجب التفريق بين الإعجاب وبين الحب ؟

أما المسألة الأخيرة فهي الحياة الشخصية لمن تعجب به فلا تربط حياته الشخصية بأعماله أو بفكره أو بشيء أخر ... مثل المسؤل والوزير والحاكم تحكم عليه من خلال أعمالهم لا من خلال حياتهم الشخصية ... بمعنى مفكر كاتب مطرب ممثل فيلسوف رسّام أيا كان عليك بما يقدمه لك فهو كمن قطف ثمارا ووضعها في طبق وقدمها أمامك ... أما حياته خصوصياته فلا شأن لك فيها بالمطلق فلا أنت حياتك عُرضة للآخرين ولا هو كذلك ... وبالتالي كل ما سبق يتمحور حول تحليل الشخصية أو علم تحليل الشخصية التي تفرض عليك أن تضع لنفسك ولعقلك ولقلبك حدودا ... وأي انفلات منك تلقائيا يجب أن تعرف أنه ناتج من فراغ عاطفي لديك أو معاناة أسرية قد بلغت ذروتها عندك أو فشل تجربة عاطفية حديثة وهنا يجب أن تتدارك نفسك سريعا حتى لا تُظهر أي مشاعر قد تجذبك في الطرف الخطأ فتتضاعف معاناتك ... ولا يبتأس أحدا منكم فكلنا عيوب وكل البيوت فيها أسرارا وعيوب ومن يدعي المثالية عليه أن يذهب لأقرب عيادة للعلاج النفسي ... ما خلقنا إلا لنخطئ ونتوب ونستغفر ثم نخطأ ونتوب ونستغفر والمحظوظ من رحمه الله في الدنيا والآخرة ... وفي الختام الإعجاب يمكن أن يقع مع المجهول لكن الحب يستحيل أن يقع إلا مع المعلوم بتأكيد اليقين ؟


 



دمتم بود ...



وسعوا صدوركم