2021-03-08

المواجهة الأمريكية السعودية والتقيّيم الكويتي ؟

 

في 2-3-2021 قالت سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية في الأمم المتحدة السفيرة "ليندا ثوماس - غرينفيلد" : إن العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية لن تعود كما كانت في السابق ... وفي 17-2-2021 قالت المتحدثة الرسمية باسم البيت الأبيض "جين ساكي" : الرئيس الأمريكي "جو بايدن" يعمل على "إعادة تقييم" العلاقات الأمريكية مع السعودية ويخطط للتواصل مع "نظيره" العاهل السعودي الملك "سلمان بن عبد العزيز" وليس مع ولي العهد الأمير "محمد بن سلمان" ... وفي 23-2-2021 عادت المتحدثة باسم البيت الأبيض لتصحح وتؤكد فقالت : ما قلته الأسبوع الماضي هو أننا نقيم علاقاتنا مع السعودية وجزء مما قلته هو أنه سيكون لدينا اتصالات من "نظير إلى نظير" وهذا يعني كما تعرفون أن الأسبوع الماضي أجرى وزير الدفاع الأمريكي محادثة "مع محمد بن سلمان" وهذا هو التواصل الصحيح بين النظراء "انتهى الإقتباس" ... ما سبق كلها تصريحات تؤكد أن العلاقات "السعودية الأمريكية" تمر بأعنف أزمة دبلوماسية منذ تأسيس المملكة في كل تاريخها الـ 80 ... والحقيقة التي يتهرب منها العرب بشكل عام والسعودية بشكل خاص أن صورة وسمعة السعودية وسمو ولي عهد المملكة الأمير "محمد بن سلمان" قد تضررت بشكل لم يسبق له مثيلا في كل الأروقة السياسية وأنظمة الحكم والإعلام العالمي وبين سمعة الشعوب العربية ... بدليل ما يكتب وينشر عن سموه في الإعلام الخارجي من عناوين ومقالات لاذعة وشديدة القسوة بشكل لم يسبق له مثيلا بسبب قضية اغتيال المعارض السعودي "جمال خاشقجي" ... والغريب بل المدهش في الأمر وقفت السعودية متفرجة على آلاف المقالات في الصحف الأمريكية والأوروبية في حالة من العجز المطلق ولم تقاضي صحيفة واحدة في الخارج عما كتبته ونشرته ؟

التاريخ الأمريكي لسنا بحاجة لاستعراض سجله الأسود وقذارته من عمليات قتل وتعذيب واختطاف وتمييز عنصري وقلب أنظمة حكم والإستمتاع بالأزمات والتدخل المباشر لإضعاف اقتصاديات ... ناهيك عن جرائم الحرب التي ارتكبت في "أفغانستان والعراق وفيتنام" والصمت على جرائم "اليمن وليبيا وسوريا" والأقلية المسلمة في الصين "الإيغور" ومسلمي بورما "ميانمار" ... ناهيك عن جرائم التجسس والتنصت الأمريكية ضد حتى حلفائها في أوروبا والخليج في فضيحة التجسس التي كشف النقاب عنها في 2016 والكثير الكثير من الجرائم الأمريكية ... لكن هذا لا يعني أن يخرج من يقارن السعودية بالولايات المتحدة الأمريكية ويبرر جريمة القتل التي ارتكبت بوحشية في القنصلية السعودية في إسطنبول في 2018 ... وأول سبب لا جدال ولا نقاش فيه أن السعودية تمثل أنها خادمة الحرمين الشريفين أي تمثل الإسلام بشكل عام ... والخطأ الذي وقعت فيه المملكة أنها تعاملت بسذاجة مع هذه الجريمة وتصرفت معها وكأنها جريمة قتل وقعت في داخل السعودية ... بينما الحقيقة هي أنها جريمة دولية انتكت فيها حرمة دولة أخرى وانتهكت فيها "اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية" الموقعة في عام عام 1961 ... وهي اتفاقية دولية تحدد الإجراءات والضوابط الخاصة بالعمل الدبلوماسي بين الدول وتبين الحقوق والواجبات الخاصة بأفراد البعثات الدبلوماسية وحدود صلاحيات الحصانة الدبلوماسية ... ناهيك أن الجريمة خضعت لتحقيق من الأمم المتحدة بقيادة المحققة الأممية "أنييس كالامار" التي أصدرت تقريرها في 6-2019 التي أدانت السعودية ومسؤلي رفيعي المستوى فيها على رأسهم سمو ولي عهد السعودية ... ناهيك أن القضاء التركي بدأ فعليا في عقد جلسات المحاكمة في قضية مقتل المعارض السعودي "جمال خاشقجي" في 2-7-2020 والتي ستذهب تركيا في القضية إلى الأروقة الدولية لتتحول القضية إلى جريمة دولية تصدر عنها قرارات أممية ... وقد استبقت تركيا المحاكمة بطلب رسمي من الإنتربول الدولي بضبط وإحضار القتلة الذي قاموا بهذه الجريمة بما فيهم المقربين من سمو ولي عهد السعودية ووضعهم في القائمة الحمراء الدولية ... كل ما سبق يؤكد أن الجريمة دولية وليست محلية وأن السعودية لم تنتبه أو استخفت بالمسالة وأقدمت على محاكمات "شكلية" كانت مثار سخرية وانتقاد الخارج ... وفي 26-2-2021 رُفع غطاء السرية عن "تقرير الإستخبارات الوطنية الأمريكية" استنتج أن عملية اغتيال وتقطيع جثة "جمال خاشقجي" من المستحيل أن تتم دون علم أو موافقة سمو ولي عهد السعودية الأمير "محمد بن سلمان" ... ردت السعودية بعدها مباشرة وفي نفس اليوم والتاريخ على هذا التقرير وأكدت رفضها المطلق لما جاء فيه وأن التقرير لا يعدو كونه "استنتاجات" دون دليل مادي حقيقي يؤكد ضلوع سمو ولي عهد السعودية ... وبالتأكيد ستتلاشى كل الظنون والإستنتاجات لو سلّمت السعودية المتهمين إلى تركيا وخضعوا للحقيق هناك بعيدا عن السلطات السعودية فبالتأكيد ستتكشف كل الحقائق ... لكن شرّقت أو غرّبت في المسألة وتحليلها فالحقيقة ثابتة والأهم وهي أن سمعة السعودية خارجيا ضربت بمقتل بسبب هذه الجريمة المتوحشة وزاد عليها سجل السعودية في مجال حقوق الإنسان والدبلوماسية الحمقاء ... بدليل فشلت السعودية في محاولة لأخذ مقعد في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في 10-2020 ؟

لقد كتبنا وحذرنا السعودية كثيرا في هذه المدونة المتواضعة من سلوكها ومن كم الأفخاخ التي نُصبت لها وكم الحُفر التي أعدت لها لكن لا أحد يريد أن يعي ما يحدث وربما النرجسية السعودية وصلت إلى درجة أن من ينبهها أو ينصحها هو عدو وليس ناصح أمين ... فبدأت بانتهاك حقوق الإنسان واسعة النطاق ثم بغزو اليمن ثم بمطاردة المعارضين في الخارج ثم بسجن معارضيها في الداخل دون أدنى حقوق وأساسيات في المحاكمات في حالة من انتهاك حق الإنسان بمحاكمة عادلة ثم حصار قطر والفشل الكارثي الذي وقعت فيه المملكة ثم بجريمة "جمال خاشقجي" الدولية ... ثم انكشاف حالة من العجز العسكري فوصلت الطائرات المسيرة الحوثية إلى قلب الرياض ومطارات المملكة ثم "الإستنجاد" بالقوات الأمريكية والبريطانية واليونانية لحمايتها ... ثم إنهاك الخزينة السعودية والصندوق السيادي فتراجع تصنيفها الدولي وانخفض تصنيفها الإئتماني لها ثم ارتفاع نسبة وأعداد البطالة لتتجاوز أكثر من مليون عاطل عن العمل ... ثم خلافات وصلت إلى أزمات دبلوماسية مع "كندا وألمانيا وباكستان وليبيا وقطر ولبنان وتركيا وتونس والسويد" بدأت في 2015 عندما وصفت السويد - الرياض بانتهاج أساليب القرون الوسطى ... انسحب على ذلك إعلان مواقع التواصل الإجتماعي "تويتر - فيسبوك" بإغلاق آلاف الحسابات التي مصدرها السعودية والتي كانت تنشر الأكاذيب وحسابات مظللة ... كل ما سبق هو تحديد أسباب أدت إلى حرق سمعة السعودية خارجيا بشكل كارثي يستحيل ترميمه بين يوم وليلة ... ولو جئت اليوم للسعودية لتصحيح كل تلك الأخطاء الكارثية بأفكار خاطفة سريعة تغير وجهة النظر الإجتماعية وتقلب طاولة السياسة الدولية لتتحول من ضدها إلى صالحها فأيضا لن يستمع السعوديين لك ... وسبب ذلك أن السعودية لا تحب الناصحين بل وترى بالناصحين شرذمة متخلفين أو يرونهم أعداء فقد عودتنا السعودية خلال الـ 4 سنوات الماضية أثناء حكم "الكلب المسعور - ترامب" أن كل من يخالفها فهو إيراني أو إخواني أو عميل قطري أو عميل لتركيا لا يريدون أن يرون أي وجهة نظر مخلصة ولن يفهموا معنى التحذير والتنبيه فالكل بقدرة قادر بنظرها أصبحوا أعداء ؟

كل الشواهد التي أمامنا تؤكد أن التوجه الأمريكي القادم سيستهدف "الصين - السعودية - روسيا - تركيا" وسيرتكب الكيان الصهيوني حماقة ضد إيران مما يورط أمريكا في مسألة إيران وربما باتفاق فيما بينهما ... وأضعف دولة من هذه الدول هي السعودية ولا تقارن نهائيا مع "الصين - إيران - روسيا - تركيا" لا من حيث القوة العسكرية ولا الثقل الدولي ولا الرعب الإقليمي أو العالمي حتى ... فقد رأينا عندما ترد أمريكا على أي دولة منهم "دبلوماسيا" يأتيها الرد الدبلوماسي سريعا عليها أي سياسة "النّـد بالنّـد" تضع عقوبات يضعون عقوبات تطرد دبلوماسيين يطردون دبلوماسيين لا يتأخرون إلا بضع ساعات إلا السعودية خاضعة لأمريكا وبالمطلق ... وقد أدت كل العقوبات الأمريكية على إيران بفشل كارثي بل تطورت إيران عسكريا بشكل أصبحت تشكل رعبا حقيقيا ليس لأوروبا وأمريكا فحسب بل وحتى على الخليجيين أنفسهم ... وبالتالي يجب الفهم أن "عنتريات تويتر" لا ترعب إلا الضعفاء والمهمشين لكن الحديث على أرض الواقع فالصورة مختلفة كليا ... ويبقى السؤال الأهم من بين كل الأسئلة : متى تقوم وتشتعل الحرب في منطقتنا أو في العالم ؟ ... الجواب : دخلنا 2021 إذن عليك أن تنتظرها في أي لحظة في أي دقيقة بخبر عاجل على القنوات الفضائية ... أي أنتم الآن ليس بالعد التنازلي بل انتهى ويبقى الأمر محصورا ما بين 2021 - 2022 وليس أبعد من ذلك ولن يكون ... وستكتشف كل دول الخليج أنها دول ورقية وأنها حرقت آلاف المليارات على لا شيء وسترون ذلك يوم تشاهدون بأم أعينكم كل خطط الطوارئ كلها خطط ورقية مكانها في أقرب سلة مهملات ... ولا أعلم هل السعودية اكتشفت حجم وكم الأفخاخ التي نصبوها لها والتي كنت أحذرها منها منذ سنوات أم لا تزال "خارج نطاق التغطية" ... وهل شعرت بقيمة قتلاها في اليمن من زهرة شبابها عندما رمتهم في اليمن دون تحقيق أي أهداف لهذا الغزو ؟ وهل استشعرت بقيمة مئات المليارات التي صرفت على هذا الغزو دون أي قيمة تستحق الذكر ؟ ... خفتم أن تصنعوا "حزب الله" أخر على حدودكم لكنكم أنتم وحدكم من صنعتم "أنصار الله" الحوثية فأصبحت اليوم واقعا من سابع المستحيلات تستطيع إنكاره ؟

التقيّيم الكويتي 

أي سياسي ذوو خبرة عريقة تلقائيا ينظر للتغيرات القادمة على الخريطة الدولية ويعرف أكثر من جيد أن منطقة الخليج تحديدا ستخضع لتغيرات ... تغيرات سياسية جغرافية اقتصادية سقوط أو تغيير أنظمة حكم المهم أن هناك تغييرات قاتلة قادمة سوف تحدث بمن ستبدأ وبمن ستنتهي وكيف كلها أسئلة أفضل الإبتعاد عنها لكنها أسئلة يجب وضعها على طاولة البحث والتحليل والتقييم ... والمجاملات السياسية "السخيفة" لا قيمة لها لأنها أصلا تعبّر عن هشاشة الدولة ولا تعني كما يفهم "مراهقي السياسية" بأنها رسائل تضامن ... ولأن دول الخليج تعشق التضامن السطحي من خلال "نستنكر - ندين - نشجب - نبارك - نهنئ - نعزي" فتلك الترهات لا قيمة لها اليوم في ميزان السياسة الدولية إلا بما يستحق فعليا ... وهناك من خلط ما بين البروتوكولات السياسية وما بين المواقف السياسية ففرّغ الإدانات من محتواها حتى وصلت الكويت لدرجة تدين أو لا تدين فلا يوجد تأثير أو قيمة لإداناتها ... والأهم من ذلك أن الكويت لا تزال تعوّل على منظومة "دول مجلس التعاون الخليجية" لكن أمريكا وأوروبا والصين وروسيا وكل العالم يعرف أكثر من جيد أن العلاقات بين دول الخليج علاقات ورقية ... والكل يعلم أن المجاملات السياسية وحتى الإجتماعات السياسية لا يمكن الوثوق فيها فعليا بل ومن الخطر الفادح الإتّكال اليوم على منظومة "مجلس التعاون" ... وعليه يجب أن تعيد الكويت تقييم علاقاتها مع المثلث الإقليمي "العراق - إيران - السعودية" لتضع الكويت أقرب تصور يخدم مصالحها خلال 5 و 10 سنوات القادمة ... فالعراق مهلهل اقتصاديا وضعيف عسكريا والسعودية ضعيفة عسكريا ومهلهلة اقتصاديا وإيران مهلهلة اقتصاديا ومتوحشة عسكريا ... فتنفتح على من وتحيّد من وتتطور مع من بما يخدم مصلحة الأمن القومي الكويتي والمصالح وفوائدها على المدى القريب والبعيد ... فلا السعودية أصبحت السعودية ولا إيران أصبحت إيران ولا العراق أصبح العراق فالكل تغير فكريا وسياسيا وذهب الفكر السياسي الذي ينتمي للمدارس القديمة وحل محلها الفكر الجديد الذي يريد تحقيق مكاسب سريعة ... ولذلك فإن "القوة الناعمة" الكويتية تنفع وتفيد في أوقات السلم ولها تأثير في النزاعات السياسية لما للوسيط الكويتي من مكانة وثقة تستحق أن نضعها في خانة "الجيد أو جيد جدا" وليس بامتياز ... لكن وقت الحروب أو في الحرب القادمة فإن القوة الناعمة الكويتية لن يكون لها أي تأثير ما لم تتخذ الكويت توجهات أعدت مسبقا وفق خطط عملية وليس ورقية وهنا تأتي القوة الإقتصادية التي يمكن أن توفر لك سلاحا ذوو قيمة وأهمية ومنفعة عظيمة ... لكن إن بقيت على سياسة جدي وجدك والنفاق السياسي والخضوع الإجتماعي وقتها الفكر السياسي ومتخذي القرار سيغامرون بالكويت وشعبها وسيمنون بفشل كارثي مثل الخطأ الكارثي الذي وقعوا فيه في 2-8-1990 ... لكن هذه المرة ستختلف كليا عن المرة الماضية جملة وتفصيلا وبثمن يبكي الرجال وتنوح النساء عليه ... فكل ما هو مطلوب أن تضع الكويت وشعبها أولا أمامك وفوق أي اعتبار ودون أي أهمية لا للعراق ولا للسعودية ولا لإيران ... مصلحة الكويت أولا ثم أولا ثم أولا ولست مسؤلا عن أخطاء وحماقات دول وحكومات الغير واستفد واستثمر في حسن سمعتك الدولية بأقصى درجة ممكنة ... فاستعدوا للحرب القادمة فسياسة السلحفاة في اتخاذ القرارات كانت هي السبب الأول الذي وقعت فيه الكويت في الخطأ السياسي القاتل التي أدى إلى احتلالها من قبل العراق ... العالم يتغير وخريطة منطقتنا داخلة في التغيير القادم قريبا فحافظوا على الكويت ولا تثقوا بمن تعتقدونهم حلفائكم فالسياسة ليس لديها حليف بل لديها مصالح فقط لا غير ؟





دمتم بود ...


وسعوا صدوركم