2021-03-03

في مثل هذه الحالات الأغنياء لا يحق لهم الدعاء ؟

 

في البداية وقبل أن تفهمني بشكل خاطئ يجب الاتفاق بالعموم أنه يحق لكل إنسان أن يدعوا الخالق عز وجل كيفما يشاء ووقتما يشاء ولذلك قطعت الشك باليقين وحسمت الأمر بشكل عام ... لكن وهي نقطة وسبب موضوعي هذا يتدحرج السؤال من رأسي إلى أناملي فتكتب نفسي هذه السطور قبل صلاة الفجر بدقائق : هل كل غني أو ثري يحق له الدعاء ؟ الإجابة كما حسمناها في بداية الموضوع هي "نعــــم" ... وبماذا يدعوا المسلم الغني والثري ؟ يدعو بالصلاح وطلب الجنة والعفو والمغفرة من الحق جل علاه ... جميل جدا وأيضا متفقين ولا مشكلة في ذلك لكن وهنا النقطة التي ستغير مفهومكم أو ربما تكون وجهة نظري المجنونة ... أعطاك رب العالمين الجمال وحسن القوام وصحة البدن والعافية والمال والنسب وقبلها رب العالمين تفضل عليك بنعمة الإسلام ... وجبت العالم مرحا وفرحا وذكريات جميلة وتعرفت على ثقافات كثيرة وتصاحبت مع عدد كبير جدا وغيرها من نعم ربك التي لا تعد ولا تحصى ... لكن أليس من الغرابة أنك تدعوا ربك سبحانه أن ينجيك من الهم والغم أو من مشكلة ما أو من أزمة ما أو من وسواس ما !!!

إن المشكلة ليس بنسبك ولا بمالك ولا بمكانتك ولا بكل ما أنت فيه لكن تكمن المشكلة فيك أنت بعقليتك أنت بكيفية فهمك وتعاطيك للأمور أنت وعلى ماذا رباك والديك وماذا زرعوا فيك ... إن المشكلة ليست مشكلة دعاء لكن السؤال الذي يتكبر عليه الكثيرين "من الداعي أي من أنت" ... نعم من أنت حتى تدعوا رب العالمين وبماذا دعوته وعلى أي أساس دعوته كلها معطيات السواد الأعظم من المسلمين غافلين عنها تماما ... ولذلك تجد الكثيرين يدعون ربهم فلا يستجيب لهم وإنها مسألة مرتبطة بالأسباب نعم الأسباب التي أنت تجهلها أو فكرك الأعمى وبصيرتك الضبابية حجبت عنك كنوز الدنيا والأخرة ... بدليل أن الخالق عز وجل خصّ الأغنياء بآيات كثيرة وعديدة لأسباب لا دخل لها بالمال على الإطلاق لكن خيّـل للجهلة من الأغنياء أن المسألة مسألة مال ... ولو كانت مسألة مال فما وزنك أنت وقيمة ثرائك مقارنة مع من سبقوك وحتى في أيامنا هذه من أثرياء العالم ؟ الإجابة الطبيعية هي أنك مقارنة بهم أنت مجرد نقطة في كتب الأثرياء ... والإثبات الأخر أن ربنا سبحانه عندما أمرنا بذبح الأضحية فإن دمها ولحمها لن تأكل منه الملائكة لكن كما ذكر ربكم سبحانه في سورة الحج { لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم } البر أي العمل الصالح والتقوى من الإيمان وليس من الإسلام ... ولأنك أنت وأنتي إنسان ومخلوق يعيش في صراع ما بين الحق والباطل والخير والشر كباقي البشر فإن المسألة نسبية بالمطلق أي نسبة الشر من الخير تختلف من إنسان لآخر ؟

ما أردت قوله أيها الغني وأيها الثري إن واجهت مصاعب الحياة فاعلم أن المشكلة ليست من السماء وحشى لله أن يظلم ربكم أحدا ... لكن كن على يقين أن المشكلة فيك أنت في عقلك في نفسك في طريقة تفكيرك في طريقة فهمك في مستوى ثقافتك في نوع وشكل تربيتك في محيطك في نوع بطانتك وأصحابك ... واعلم أن الله قد يردُّ دعوة المسلم والمسيحي واليهودي لكنه سبحانه لا يرد دعوة المؤمن وشتان ما بين المسلم والمؤمن ... وفرق واسع وكبير جدا بين من هو مسلم بالإسم وأفعاله نكره وممارساته قذرة وبين المؤمن الذي قلبه معلق مع ربه ويخاف ربه في معاملاته ... مثل السارق الذي يسرق أموال الناس ويبدع ويتفنن في كسب مال الحرام وبكل وقاحة تجده يقف في الصفوف مع المصلين في كل صلاة ... لا يا سادة إن ربكم غني عن أموالكم فهو الرزّاق سبحانه ولا أحد سواه لقد خلقنا عراة ونموت عراة ونقف يوم القيامة للحساب ونحن عراة ... وسبب حسابنا ونحن عراة لا تحتاج إلى عبقرية حتى يفهم الجميع أن ربكم لا يريد خلقه يأتونه متفاخرين بثيابهم كما كانوا يفعلون في دنياهم ... { ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة } الأنعام ... فأعد تقييم حياتك وحلل رفاقك وأصحابك فللمال بركة لكن أيضا للمال لعنة ومن لعنة المال كثرة المنافقين من حول صاحب المال ... وانتبه وانتبهي لا يُفهم حديثي هذا أنها دعوة للبخل بل كل شيء في الحياة حلال افرح وتمتع واصرف والبس وسافر فلا محرمات إلا ما حرم ربكم في كتابه الكريم فقط وحصريا ... لا تثق بقناعاتك كثيرا فكل قناعة لها وجه أخر بمعنى حلل ودقق في حياتك في فهمك في محيطك واسأل الله العافية من صميم قلبك وناجي ربك كثيرا بقلب المؤمن المتذلل إليه سبحانه وحده لا شريك له وكن على ثقة بأن اليقين يأتيك من رب لم ولن يترك عباده المؤمنين بل سبحانه هو من سيدافع عنك ويلجم ملوك وسلاطين الأرض ويحجبهم عنك ... فاخجل من ربك ولا تسأله وأنت مسلم بل اسأله وأنت مؤمن ... إذن المشكلة فيك أنت لا بدعائك في حياتك في تناقضاتك في حجم ومستوى ثقافتك في مستوى قربك أو بعدك عن كتاب ربك ... أما كدعاء فالكل يدعو الله مسلم مسيحي يهودي مجرم سارق فاسد مريض نفسي جاهل معقد ويبقى السؤال : ربكم ممكن يتقبل دعاؤه ؟ فاخجلوا من ربكم ولا تدعوه وأنتم مجرمون أو فاسقون أو فاجرون أو جهلة لا تبصرون ... فتبصروا في حياتكم وراجعوها قبل أن تنظروا للسماء فالنفس الخبيثة لا تقارن مع النفس الطيبة والعقل الذي يعمل بأسباب الخير والبركة والإيمان دايما يكون هو المنتصر في الدنيا والآخرة ... والنصيحة التي لا تقدر بثمن بعد تجارب تفوق عدد شعر الرأس : ابتعدوا عن الناس تجدوا كل الخير فالناس لم يتركوا أحدا إلا ومزقوه بألسنتهم ... أصلحوا حياتكم أولا واعملوا بالأسباب وربكم سبحانه يرى ويسمع وملائكته عليهم السلام تسجل ما تفعلونه وما تلفظونه ... { إن الله لا يُغيّر ما بقوم حتى يُغيّروا ما بأنفسهم } الرعد ؟




دمتم بود ...


وسعوا صدوركم