2021-07-15

أسباب فشل العرب بالحريات والديمقراطية ؟

 

تظن وتعتقد الدول العربية التي لديها دساتير وحريات بأنها بالفعل لديها ذلك وتعتقد شعوب تلك الدول بأنها دول متقدمة في مجال الديمقراطية ... ليس هذا فحسب بل يتبجح الناشطون السياسيين والبرلمانيين والوزراء وصولا حتى إلى الحكام بأن لا سبيل أمامهم سوى المضي قدما بالديمقراطية والدستور والحريات ... وفي حقيقة الأمر أن للحقيقة وجها أخر لا أحد يريد أن يراه يتفحصه يحلله بهدف الفهم والإدراك ولو على سبيل الإطلاع والثقافة ... فعمر الديمقراطية ودساتيرها لا تتجاوز 250 سنة وأول دستور مكتوب عرفته البشرية في العصر الحديث كان دستور الولايات المتحدة الأمريكية ... والتي عقدت أول مؤتمر لمناقشة دستورها في 14-5-1784 = 237 سنة حتى يومنا هذا 2021 ... ثم من بعدها توالت دول العالم على "الديمقراطية الدستورية" ابتداء من بريطانيا ثم فرنسا وصولا إلى بعض الدول العربية وبعض دول شرق أسيا ... ووفق المقاييس البشرية فإن 250 سنة لا تساوي شيئا في ميزان التاريخ البشري الذي يمتد لأكثر من 10 آلاف سنة قبل الميلاد + 2.000 سنة حاليين "بعد الميلاد أي 12 ألف سنة ما قبل وما بعد الميلاد وفقا لعلوم الحضارة البشرية + التاريخ التقريبي لمواليد الأنبياء والمرسلين ... وبالتالي 250 سنة رقم لا قيمة له في التاريخ البشري وتحديدا في كتب التاريخ وتوثيق الأحداث وأقول ما أقول حتى نفهم مدى سطحية المصطلحات السياسية عندما نقرأها أو نسمعها مثل "الدولة العريقة بالديمقراطية - دولة الحريات - الدولة الدستورية الأقدم" ؟

حتى تتضح أمامك الحقيقة أمامك بحقيقتها بشكلها الواقعي لفهم أسباب فشل كل الدول الديمقراطية الدستورية العربية في ممارستها للديمقراطية ... فعليك بأمرين أولهما أنك لا تضع نفسك كمثقف مكانهم حتى تستطيع فهم حقيقة ما يجري ولا تعكس أخلاقياتك ومستواك الثقافي على الأمر لأنك ستظلم الحقيقة ولن تكون منصفا ولا محايدا مع الحقيقة ... وثانيا هو أن تكون مطلعا ومررت بتاريخ الدول الديمقراطية والدستورية ببرلماناتها بأزماتها بتعاطي المجتمع معها وبالتأكيد هذا الأمر كأقل تقدير ستحتاج إلى ما لا يقل عن 3 سنوات وكان أمرا هينا علي بفضل من ربي سبحانه ... فعرفت وقرأت وفهمت بل ورأيت وتحققت لتخرج لدي حقائق صادمة أولها هي أن "الشعوب العربية الدستورية الديمقراطية هم شعوب مغفلـــــــة" ... وثانيها أن الدول التي تتسيد فيها النعرات الطائفية والحزبية من سابع المستحيلات تعرف طريقا للحريات الحقيقية بل وضربا من الخيال أن يتم العمل بالدستور بشكل دقيق ... من الكويت إلى العراق إلى الأردن إلى سوريا إلى لبنان إلى مصر إلى تونس إلى المغرب ورجوعا إلى اليمن كلها دولا لديها ديمقراطية دستورية ... كلها دولا وشعوبا في بداية عهدها بالحريات والديمقراطية قام بضعة أفراد باستيرادها من بريطانيا وأمريكا وفرنسا وقاتلوا من أجل فرضها على دولهم وشعوبهم دون أخذ موافقة أحدا من أفراد الشعب ودون تعليم ودون تهيئة عقلية ونفسية ... أي أن الديمقراطية فرضت فرضا على شعوب في زمانها القديم كانت هي أصلا شعوبا جاهلة بنسبة لا تقل عن 90% ... ففي الكويت على سبيل المثال أول مجلس تشريعي عقد فيها كان في سنة 1938 والأردن في سنة 1928 وفي العراق في سنة 1925 ومصر في سنة 1881 وتونس في سنة 1956 ولبنان في سنة 1922 ... فقط تخيلوا حال الشعوب العربية في تلك السنوات كيف كانت عقلياتهم ومبادئهم وجميعهم كانوا تحت الاحتلال أو الإنتداب الأجنبي من قبل "بريطانيا وفرنسا" ... وبمعنى أكثر توسعا فيه هو أن تلك الشعوب كان سوادها الأعظم كانت غارقة في الجهل والسطحية بنسبة لا تقل عن 90% و الـ 10% كانت تضم كل من "طبقة التجار والأثرياء وأبناء الأسر الحاكمة وبضعا من المثقفين والمطلعين" ؟

لو اطلعت على مضابط جلسات البرلمانات العربية القديمة وقارنتها بجلسات اليوم أو لو اطلعت على صحفهم القديمة والحديثة ستجد أن الجميع لا يزال يدور في نفس دائرة الجهل والسطحية والنعرات الطائفية والقبلية وصراع الأحزاب ... وها هي الكويت دولة قبلية بامتياز وها هو العراق يصارع تحت توحش الطائفية وها هو لبنان جاع شعبه بسبب أحزابه المجرمة وبرلمان المغرب الذي يعيش وكأنه في حقبة 1950 وبرلمان تونس القوة لمن يقبض أكثر من الخارج ... وها هي مصر أقدم ديمقراطية ودستور في المنطقة العربية فلا حريات ولا أحزاب الكل تم قمعه بالقوة العسكرية والأمنية ذات التاريخ والسجل الأسود ... ثم تلتفت في الجهة الأخرى لترصد حال المزاج الشعبي ومدى وعيه وثقافته الديمقراطية فتضرب أخماسا بأخماسا من هول الجهل المجتمعات ... فلا تعرف الشعوب حقوقها القانونية ولا الدستورية بل وأذهب أبعد من ذلك وأقولها بأن تلك الشعوب لا يعرفون نشيدهم الوطني كاملا ولا يعرفون تفاصيل تاريخهم القديم ... وما أشبه البارحة باليوم فالجهل في الماضي كان فقر متوحش فقر في اللبس والمأكل وجودة الشرب وصعوبة العمل ومشاقه واليوم ليست الدول الديمقراطية الدستورية بل 95% من شعوب الوطن العربي تعيش في ظل فقر عقلي وسطحية ثقافية ... ولذلك لا تستغرب بالمطلق لماذا توافه الأمور طغت وغلبت على عظائمها وتلك من أسباب فقر الثقافة وضعف التعليم وتراجع العلم ... حتى أنتجت وأفرزت تلك المجتمعات كتاب صحف ومحللين ومثقفين حرام أن ترميه بالسلام عليكم من هول تفاهته وسطحيته فأنتجت حياتكم السريعة والتكنولوجيا المجنونة فئة جديدة من البشر بلا قيم بلا مبادئ بلا شرف والدين الإسلامي مجرد شعار لا قيمة له ... والتاريخ الديمقراطي لتلك الدول يتفق على أمر واحد وهو : أن الشعوب الديمقراطية والدستورية إذا صمت القانون والأمن والقضاء عنها فإنها تتمادى بشكل جنوني بسوء الخُلق والسلوك والفساد وخَلق الفوضى والعمالة لحساب الخارج ... ولذلك نشهد وشهدنا أنه متى ما ضعفت أو ارتخت يد الحاكم أو القضاء والقانون فإن الفوضى تعم البلاد من قبل شرذمة من الأوغاد وقد حدث هذا بالفعل في الكويت والعراق ومصر وتونس ولبنان ولذلك يكمن الجهل عندما تجد الشعوب تقدّس أفرادا لا أرضها وترفع أحيائها إلى عنان السماء وتتناسى شهدائها تستحقر الطبيب والمعلم والنجار والخباز والخادم وتوقر المسؤل وتهابه ... انظر اليوم عندما يتعرض شخص عادي إلى ظلم كبير كيف حجم الضعف في مواقع التواصل الاجتماعي بالتفاعل معه ومع قضيته وكيف تنتفض تلك المواقع وتتفاعل مع المشاهير ... إنه يا سادة سلوك مرضي واعتلال نفسي ؟

الشعوب الديمقراطية ذات الحكم الدستوري يتحدثون عن فساد الحكام والمسؤلين وكأن الشعوب هم ملائكة الله على الأرض ... يصرخون من هول الفساد الذي استشرى بمجتمعاتهم وإذ الفساد خرج من بينهم فالكويتي فاسد والمصري أفسد منه والعراقي يسرق وطنه واللبناني عبدا لمن يدفع أكثر أي أن أبناء الوطن هم من يسرقون وطنهم وشعبهم ومن يفسدون في دولهم ... فمن خرج فسادكم هل هبط من السماء أم نبت أنبتته الأرض أم أنه من أنفسكم وبأيديكم ؟ ونعم وألف نعم كل الدول العربية هيكلتها الإدارية هي هيكلة فاشلة وفاسدة ... ولذلك اليوم الدول الديمقراطية الدستورية أصبحت مسرحية هزلية شعوبها هم أبطالها يصرخون على الأخرين في فسادهم ولصوصيتهم ... لكن المجاملات القبلية والحزبية والطائفية هي من تجعلهم يغضون النظر عن قريبهم الفاسد وصديقهم اللص فاستشرى النفاق في البلاد وبين العباد ثم خففوا من وطأة كلمة "نفــــــاق" فحولوها إلى "مجامـــــلات" ... ديمقراطية فرضها 10% على 90% فمات الـ 10% فجاء 10% أخرين يكملوا مشوارهم ومنذ عقود طويلة لا تزال النسبة 10% بمقابل 90% ... وقمة الجهل والحماقة أن تقارن نفسك بشعوب أوروبا وأمريكا وأسيا لأن تلك الشعوب كل منهم وله ثقافته وتاريخه ومعتقداته فإن أردت أن تصبح دولة ديمقراطية دستورية حقيقية فعليك باستبدال السواد الأعظم من الشعب ... وانظر كيف الشعوب العربية الجاهلة عندما هاجرت واستقرت في أوروبا وغيرها كيف اندمجت بين تلك الشعوب فأصبحوا يحترمون القانون وكيف تغيرت أفكارهم وكيف أصبحوا ديمقراطيين وكيف أصبحوا يحللون ويقيّمون المرشحين قبل الإدلاء بأصواتهم في انتخابات أمريكا وفرنسا وغيرها ... واسأل المتشدقين بالحريات والديمقراطية هل أنت تطبق الديمقراطية بين أفراد أسرتك ؟ على أبنائك على بناتك ؟ على أخوتك على أقربائك ؟ هل تقدمت ببلاغ ضد قريبك الفاسد أم أنه قد سلمك مالا أو وظيفة أم هيأ لك واسطة ؟  ... وعلى ما سبق فلا تناقش قبلي ولا تحاور طائفي ولا تلتفت لأي حزبي مهما ملكوا من شهادات عليا فإن العقول واحدة فشهاداتهم كانت من أجل النفاق المجتمعي ومن أجل الوصول إلى الوظائف المرموقة التي تخدم قبيلتهم وطائفتهم وحزبهم ... وصدق القائل : إنهم يكذِبون بكل صدق .. يُخادعون بكل أمانة .. يُنافقون بكل براءة .. يُزوّرون بكل تفاني .. يَخونون بكل إخلاص .. يَنهبون بكل ضمير ؟




دمتم بود ...


وسعوا صدوركم