2021-07-05

من عجائب التاريخ الصيني ؟

 

التاريخ الصيني يستحيل أن تسطره في موضوع واحد ولا حتى 500 مجلد وكتاب من عظمته وحجمه ومساحة وتفاصيل أحداثه ... لكن سأنقل لكم بعض مما اطلعت عليه وتحققت منه ثم لأعطيكم الخلاصة لفهم الأمة الصينية وتاريخها ... الذي بدأ منذ العصر الحجري القديم منذ أكثر من 18 ألف سنة قبل الميلاد وتاريخ العصر الحجري الحديث الذي تصل فيه عمر الأمة الصينية إلى 12 ألف سنة قبل الميلاد وصولا إلى حكم أول سلالة حكم صينية "سلالة تشو" في 1028 قبل الميلاد ثم "سلالة هان" في 206 قبل الميلاد وصولا إلى قيام أول جمهورية في الصين في سنة 1912... وقد وقع الكثيرين منكم في خطأ بأن لا فرق بين الصيني والياباني والكوري وهذا بالتأكيد ليس صحيحا بالمطلق ... فالفرق بين الصيني والياباني يكمن في اللغة واللباس وعادات شكل وتصميم المنازل والثقافة والتاريخ وعيون الياباني أصغر وأضيق من عيون الصيني حتى وإن رأيت تشابها لكن ظنك ليس دقيقا بالتمييز بينهما ... بل ومعلومة اكتشفتها مؤخرا بأن أول من نطق حرف الجيم بثلاث نقاط "چـ" هم الصينيين قبل سنة 1810 وتحديدا في لفظ "چاي" وهي مفردة كويتية دارجة جدا لـ "الشاي" كما أنها مفردة دارجة في الخليج والعراق وتركيا والهند جارة الصين ؟

استمتعت بما تيسر لي من قراءة بعض الكتب ومشاهدة بعض الوثائقيات عن التاريخ الصيني ... وقد استمتعت كثيرا جدا بهذا التاريخ المأساوي المتضارب ووجدت صعوبة بالغة في ذكر أو لفظ الأسماء وتلك هي طبيعتهم وطبيعتنا بالتأكيد ... لكن فعلا كان تاريخا مدهشا فظيعا في الأحداث والعبر فقد تعرضت الصين لخيانات ومؤامرات وغزوات وحروب وكوارث هزت التاريخ البشري من هول وحشيته ... بل ولا تعرف حقيقة من أي تبدأ بسرد التاريخ المأساوي للصين التي وصلت لدي قناعة بأنه أشهر تاريخ خيانات مر علي ... مئات الآلاف من الخونة الصينيين الذين كان سهل شراء ذمتهم من مسؤلين وحكام ولايات وجنود ورجال أمن وتجار فاسدين وصلت في أوجها تحديدا في سنة 1900 ميلادي عندما تم غزو الصين من قبل 8 دول وهي "ألمانيا - اليابان - روسيا - بريطانيا - فرنسا - أمريكا - إيطاليا – النمسا -المجر" بـ 55 سفينة حربية وبأكثر من 55 ألف جندي ... واحتلت مناطق واسعة من الصين وأصبحت هذه المنطقة تابعة للسلطة الألمانية وتلك للسلطة اليابانية وتلك لأمريكا وهكذا ... وبالتأكيد كان هناك مئات الآلاف من الصينيين يعملون خدما وعبيدا لدى الغزاة والمحتلين ولا قيمة كانت للإنسان الصيني ... بل من يتم قتله على يد أحد أفراد الغزاة كان لا يحاكم ولا يسأل حتى عن السبب ناهيكم عن الدعارة الصينية التي انتشرت انتشارا واسع النطاق وما سبق ليس إلا امتداد للسبب الأول الذي أدى إلى غزو الصين وكانت "حرب الأفنيون" المخدر" ... ففي عام 1770 في عهد "الإمبراطور تشيان لونغ" ذهب بريطانيا إليه عارضة عليه التبادل التجاري وتوسيع العلاقات التجارية بين البلدين ... إلا أن الإمبراطور رد على بريطانيا "إن امبراطورية الصين السماوية لديها ما تحتاجه من السلع وليست في حاجة لاستيراد سلع أخرى من البرابرة" ... فلم تستطع بريطانيا مع التضييق الصيني تصدير الا القليل من سلعها إلى الصين وفي المقابل كان علي التجار البريطانيين دفع قيمة مشترياتهم من الصين من الشاي والحرير وغيره نقدا بالفضة ... مما تسبب في استنزاف مواردهم ولذلك لجأت بريطانيا إلى دفع إحدى شركاتها وكانت "شركة الهند الشرقية البريطانية - East India Company" التي كانت تحتكر التجارة مع الصين ذهبت إلي زراعة "الافيون المخدر" في المناطق الوسطي والشمالية من الهند وتصديره الي الصين كوسيلة لدفع قيمة واردتها للصين ... وبالفعل نجحت بريطانيا نجاحا بهارا في تدمير جزء ليس بسيطا من الشعب الصيني حتى وصلت الأمور أن المدمنين أصبحوا يبيعون بناتهم وأولادهم الصغار في الأسواق العامة ... ويسجل التاريخ الصيني بأنه تم تصدير أول شحنة كبيرة من الافيون الي الصين في عام 1781 ... فشنت الصين حملة وطنية لمكافحة مادة الأفيون المخدرة بعد كشف الشحنات البريطانية بالأدلة ودمار جزء كبير من الشعب الصيني فقامت "حرب الأفيون" التي عارضتها الصين بأنها بريئة من هذا الإتهام وتم حرق آلاف الأطنان من الأفيون ... مما دعى بريطانيا أن ترد على الصين بتطبيق "مبدأ حرية التجارة" مستغلة النظام العالمي آنذاك الذي كان يقوم علي مبدئين هما "حرية التجارة" و "دبلوماسية السفن الحربية" وارسلت بريطانيا في عام1840ميلادي سفنها وجنودها الي الصين لإجبارها علي فتح أبوابها للتجارة بالقوة ... فخضعت ووقعّت الصين اتفاقية "فان جنج" في 1842 وليس هذا فحسب بل أغرت حلفائها الأوروبيين وجلبتهم إلى الصين بسبب كثرة مواردها ورخص شرائها في الوقت الذي كانت الصين مقسمة وضعيفة ؟

مرت الصين بتاريخ من الفقر والجوع والمجاعات وحرب الأفيون بمختلف التواريخ خلّفت أكثر من 80 مليون نسمة ماتوا بسبب الجوع والفقر والأفيون ... كان أعظمها خلال 4 سنوات من عام 1959 التي حصدت أكثر من 50 مليون نسمة وسميت بـ "مجاعة الصين الكبرى" ... مجاعة استغلتها الدول العظمى ناهيك في ذلك الوقت أن النظام العالمي الجديد قد تشكل وبدأ لكن في ظل أزمات اقتصادية خرافية خلفتها الحرب العالمية الثانية ... وبريطانيا التي قتلت الصين بالأفيون والفقر هي نفسها بريطانيا التي قتلت الهند بالمجاعة في 1866 التي خلفت أكثر من 5 ملايين نسمة توفوا بسبب الفقر والجوع ... وتلك من أسباب أن شعوب شرق أسيا يأكلون الحشرات والكلاب وكل شيء لأنها أصبحت عادة توارثوها بسبب الفقر والمجاعة ؟

عاشت الصين في صراع الإمبراطوريات والأسر والأمراء والممالك المتحاربة لأكثر من 740 سنة متواصلة تحديدا من حقبة "الممالك الثلاثة" التي بدأت في سنة 220 م إلى "سلالة سونغ" في 960م ... تنوعت ما بين الاستقرار والحروب وصناعة تحالفات وكم مهول من الخيانات والغدر وصراع خُرافي في قصور الحكم الذي وصل إلى "كيد النساء" ونفوذ أخطبوطي لنساء القصور ... وحالات لا حصر لها من عمليات الإغتيال بـ "الســــم" والذي يشتهر فيه التاريخ الصيني أي "الموت بالسم" من خلال تسميم الطعام والشراب ... وصولا إلى الدهاء لتنصيب "عديم الشخصية" كإمبراطور حتى يسهل التحكم فيه وبقراراته من قبل والدته أو زوجته ... أما كعقيدة صينية "قديمة" فهي مدهشة حقا إذا ما عرفتم بأن فنون القتال والحرب  في تاريخها القديم تمتلك أكثر من 10 آلاف "خطة حرب" ... تعلم كيف القتال وفنون وبمختلف التشكيلات ودهاء الخطط العسكرية في كافة الظروف والطقس "صيف - شتاء - حر - برد - ثلوج - غبار - أنهار - وديان – جبال - أنهار - بحار" إلخ ... بالإضافة إلى تكتيك الحرب وكيفية توزيع الجنود والعمل على عدم وجود أي نقاط ضعف تمكن العدو من اختراق الجيش في ساحة القتال ... والمبادئ والقيم الصينية القديمة لا شك بأنها كانت ذات شرف رفيع قل ما تجد له مثيلا في الشرق العربي وبالتأكيد لا مثيل له في أوروبا ... فالسمعة كانت ذات قيمة لا تساويها حياة الإنسان نفسه والوعد في الكلمة كان بمثابة عهد لا ينفك إلا بالموت ودقة المواعيد كانت من سمعة الإنسان ... والعقيدة الصينية في أصلها القديم الذي امتد لأكثر من 5.000 سنة فعلية قبل وبعد الميلاد كانت تقدس الحاكم وتلك العقيدة تمثلت بأن الرعية هم ملك وعبيدا للإمبراطور وأسرته ... وبالفعل نشأت أسر صينية بالملايين كانت تُربي أبنائها على أن الحاكم هو إلــــه مقدس كلمته لا تُرد وأوامره تُنفذ دون أدنى تفكير ... وما بين الصين القديمة والصين الحديثة لا شك أن كل شيء قد تغير ويكفي أن تعلم أن الصين ومنذ أكثر من 100 سنة وحتى يومنا هذا لا تزال تتربع بلا منافس في المركز الأول كأكثر دولة تنفيذا لحكم الإعدام سنويا بأعداد تتراوح ما بين 600 إلى 1.000 وأكثر سنويا ... ويكفيكم أن تعلموا أن مظاهرات "ساحة تيانانمن" التي وقعت في 1989م أعدمت الصين فيها أكثر من 10 آلاف مشارك فكل شيء قد تغير الفكر والظرف والقدرات والإمكانيات والعدد والقوة والإقتصاد ؟




دمتم بود ...


وسعوا صدوركم