2021-10-12

شيفونية العرب ونرجسيتهم ؟

 

الشيفونية هي حالة مرضية عقلية مصدرها جهل الثقافة وسطحية العقل وهشاشة الشخصية التي تغالي وتفرط في حب الوطن أو الشعب ... أما النرجسية فهي امتداد للشيفونية أيضا لكنها مرض نفسي مصدره غرور الشخص بنفسه والتباهي بشخصه ونظرته المتعالية على الأخرين ... كلا الحالتين "الشيفونية والنرجسية" يتوجدان بشكل خرافي في وطننا العربي ومحيطنا الخليجي بشكل يأخذنا فعليا لمعرفة أسباب جهلنا وتخلفنا ... فانظر اليوم في كل الوطن العربي كله بلا استثناء لا صناعات لا منافسة عالمية لا مراكز متقدمة مجتمعات سطحية التفكير وشعوب ترتعب من مراجعة واقعها وحقيقتها ... أمة تعتمد على أمنها الخارجي كليا على الدول العظمى وصناعات وتسليح الدول العظمى ونعيش جميعنا على الطعام بنسبة 90% على الإستيراد من الخارج والـ 105 هي عبارة عن خضروات وشيئا من الفاكهة ... يلبس الفرد منا من قماش الخارج وحذاء صنع في الخارج وهاتف استورد من الخارج وتلفاز وأجهزة كهربائية ومنزلية متنوعة استوردت من الخارج وسيارة وإنترنت من الخارج ... ولو سافر يسافر على متن طائرة تجارية صنعت في أوروبا وأمريكا ولو مرض أحد منا كل الأجهزة والمعدات الطبية استوردت من الخارج ... كل شيء من الخارج ثم في لحظة في ثانية يقول لك أنا من الدولة العظمى هذه والأخر يقول لك أن من دولة التاريخ وذاك يقول لك أنا من دولة الحضارة دون أدنى خجل أو حياء من نفسه في حالة مرضية وهي "الإنفصال عن الواقع" ؟

شيفونية العرب أنهم يدافعون عن أوطانهم بقنابل من الجهل والحماقة لا مثيل لها فعندما تنتقد دولة عربية ما فقد انتهى أمرك أنت عدو عميل كاره هذه الدولة ... بنما أنت تنتقد سلوك بعض أفرادها أو سلوك بعض مسؤليها أو ممارسات حكومتهم لكن كيف يفهمون هذا كلا وأبدا أنت عميل خائن ... وعندما يخرج "شيفوني" فإنه يهاجم شخصك أنت لا فكرك ولا حتى ما طرحته بموضوعية وبشفافية ويجب أن نفهم أن من يهاجمك هو هاجمك بدافع شخصية صرف وليس من باب مقارعة العقول ... وعلى سبيل المثال عندما تقول سمعة دولتك كذا وكذا بدليل كذا وكذا ومن المفترض أن لا يكون كذا وكذا ويجب تصحيح كذا وكذا فهذا طرح موضوعي لكن من يقابلك لا يفهم ويرفض أن يفهم ... لا يعلق على موضوعيتك في الطرح ولا يرد على المعلومة نفسها ولا يفندها بالأدلة والإثباتات كلا بل يقفز كالأرنب على دولتك وعلى شخصك لا بل يدخل في نواياك وفي صدرك وبكل أريحية يلصق بك تهما مصدرها عزه عن مواجهة واقعه وخوفه من أي انتقاد حكومته في أي حوار وأي نقاش علني بسبب وجود قبضة أمنية متوحشة ... والنرجسية أن يتحدث الإنسان عن نفسه بشكل مفرط ويتباهى بشكل مغاليا فيه وهو هنا لا يستهدفك أنت كعقل أو كمثقف بل هو يستهدف كل جاهل وسفيه وعاجز ؟

مواقع التواصل الاجتماعي مليئة جدا بشيفونية العرب يدافعون عن أوطانهم ولو كانت حكوماتهم حكومات قتلة ومجرمين ولصوص ... وهؤلاء يمثلون حالة ليست ببعيدة عن "سيكولوجية العبيد" قديما الذين كانوا يمتون ويقتلون ويضربون في سبيل أسيادهم وراحة أسيادهم وأمان أسيادهم ... ففي حضارة الإغريق قديما أي "اليونان القديمة" وتحديدا في القرن الخامس قبل الميلاد كانت أمة تشتهر بكثرة العبيد ... والديمقراطية هم أول من ابتكر نظامها بين كل الأمم والشعوب البائدة لكنهم كانوا في انتخاباتهم يمنعون العبيد من الإدلاء بأصواتهم يقينا منهم بأن العبد يستحيل أن يُصوّت إلا لسيده الذي يملكه حبا ووفاء وخضوعا من العبد إلى سيده ومالكه ... والأمر ليس ببعيد عن حالنا سواء قديما أو حديثا أو حتى في أيامنا هذه انظر كيف يُفرِط العرب حبا وعشقا وهياما لحكامهم مع أنك منطقيا وواقعيا وشرعيا ليس مطلوب منك أن تحب حاكمك بشكل شخصي وليس أصلا هذا الأمر مفروض عليك ... فالحكام لهم ما لهم وعليهم ما عليهم وليس أن تصل "العبودية الطوعية" إلى أن يسجد الكثيرين سجود العبد للإله لحاكمه فهذا شرك عظيم وكفرا بواحا وقد حدث هذا في العديد من الدول العربية قديما وحديثا ... وليس مطلوبا منك أن تكون مدافعا عن وطنك بشكل هستيري فالسؤال يدل على السائل فإن كان السؤال موضوعيا نال السائل إجابة موضوعية وإن كان السؤال أحمقا فالسائل أحمقا ... ومليارات الحسابات على مواقع التواصل الإجتماعي لا تسمح لك بأن تصحح خطأ هذا أو معلومة ذاك بل اليوم هناك ملايين الفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي فيها معلومات خاطئة 100% ولك أن تتخيل كم جاهل صَدّق هذه الفيديوهات دون أن يبحث ودون أن يتحقق ... هذا على ذاك خلقت الشيفونية في عقول الملايين بل ساهمت حكومات عربية بشكل واسع النطاق بصناعة ليس وعي المجتمع ولا ثقافة الشعب بل بتعزيز أكبر قدر ممكن من الجهل والسطحية ؟

مسؤل يخرج لشعبه ويقول "نحن دولة عظمى" وهو نفس المسؤل يعرف أكثر من جيد بأنه تافه خارجيا ويجلس خجولا أمام حكومات الدول العظمى لكنه يطلق تلك الحماقات لأنه يعرف تماما أن هناك الملايين من المغفلين يعشقون رؤية وسمع الأكاذيب ... وأخر يطلق حماقة "نحن أمة الحضارة التي علمت البشرية" وهو يقينا يعلم بأنه لا يمت بأي صلة في تلك الحضارة لا من قريب ولا من بعيد إلا من خلال الأرض وتراب الأرض التي ولد عليها ... وانظر لحال كل شيفوني وكل نرجسي لو تم قطع الإنترنت عنه وعن وطنه لمدة شهر واحد فقط أي 30 يوم فقط لا أكثر حتما سيشعر بأن النملة أكثر شأنا وأهمية منه ... ونوعية مثل تلك العقول وتلك الأمراض العقلية والنفسية حق عليها أن تكون مطية وخاضعة للغرب لأننا أمة أقوال لا أفعال ... والعقول العربية بشكل عام تعشق من يكذب عليها وتهيم حبا فيمن يستغلها وتتلذذ بمن يسوقها بسياط الجلادين وتنهض فروسية الجاهلية عندما يكون العدو عربي مثله ويتحول الفارس بقدرة قادر إلى أنثى تنظر على سريرها في ليلة دخلتها أمام صناعات الغرب والقوة العسكرية للغرب  ... وهذا هو التاريخ القريب أمامكم كم كان عفن اللحود "صدام حسين" يتوعد حتى أخرجوه من حفرته الوضيعة وكيف الأقلام المأجورة كانت تصدح بالتنبؤات فكانت فقعات هواء ... والأزمة الخليجية الأخيرة كم ملؤا الأرجاء تهديدا ووعيدا وحملات إعلامية فاقت بسنوات ضوئية فجور جاهلية العرب في زمانهم أين أصبحت ؟ لا شيء كعادتهم فقعات هواء وأصوات صبية هنا وهناك ... ويستمر الشيفوني بحماقته وجهله وينتشر النرجسيين أكثر وأكثر وما نحن إلا أمة لا فرق بينها وبين دواب الأرض نأكل ونشرب ونتزاوج لا نصنع ولا نفكر بل نحارب كل فكر ونكره كل حقيقة لأن الحقائق تكشف لك كم كنت أنت مغفلا وكم ضحكوا عليك وكم استغلوا جهلك ... ولهذا عاشت الشيفونية وعاشت النرجسية وسبحان ربنا الصابر علينا جميعا نعيش وكأن الله ما خلق لنا عقولا والأكيد أن الكثيرين لا يفقون قرآنهم الذي نزل إليهم بلسانهم العربي ؟




دمتم بود ...



وسعوا صدوركم