2022-05-26

سفاهـــة مقولة .. كل شخص حر بتصرفاته وحريته الشخصية ؟

 

كلمة الحرية خرجت من متناقضات مصطلح العبودية التي ألفها ومارستها البشرية منذ أكثر من 10 آلاف سنة ويستحيل أن تجد حضارة تاريخية إلا وفيها العبيد متأصلين في واقع تلك الحضارات ... ومن العبودية خرج مفهوم الحرية أو عتق "العبد للذكر - العبدة للأنثى" مع ملاحظة أن العبودية أو العبيد ليست مسألة محصورة باللون ... بمعنى الكثير من العامة يعتقدون أن كل أسمر أو أسود البشرة هو نتاج سلالة من العبيد وهذا المعتقد غير صحيح جملة وتفصيلا ... فالعبيد تواجدوا في كل بقعة من بقاع العالم من الجزيرة العربية إلى المحيط العربي والإسلامي إلى أوروبا إلى إيران إلى أسيا إلى القارة السمراء ... ويستطيع من يشاء أن يعود إلى مواضيع العبيد والجواري التي سطرتها في مدونتي هذه ... وفي موضوعنا هذا يعتقد الكثير من السفهاء وإن كانوا من أصحاب الشهادات العليا والمناصب والمراكز المرموقة بأن الحرية هي أمر مطلق ... أي يستطيع الإنسان أن يفعل ما يشاء ويمارس حياته كما يريد مع الفهم والإدراك أنه الجميع متفق أن الحرية مقيدة وليست مطلقة لكائن من يكون ... ولأن الفرد هو نواة المجتمع فمن الطبيعي أن تتفاعل المجتمعات بكافة أنواعها وأشكالها مع كل من يخرج عليها وحتى في الدول المتقدمة أو المتحضرة ؟

لو أردنا أن نُغيّب عقولنا ونتماشى مع أصحاب مقولة أو مبدأ "كل شخص حر بتصرفاته وحريته الشخصية" فلنضع تلك البديهيات التي تتماشى مع تلك السفاهة : نسمح ببيع وتجارة الخمور - نفتتح المراقص والبارات - نسمح بالدعارة بشكل رسمي - نفتتح شواطئ العـــراة - نشرع القوانين من أجل حماية المثليين - نسخر من الكبار والحكام ونحط من قدرهم - نستهزئ بمقدساتنا وبالكتب السماوية ونحولها إلى مجرد "موروثات" - نسمح العري في الأسواق والبكيني على الشواطئ - يحق للجار أن يقيم حفلات صاخبة في كل ليلة أو في كل عطلة نهاية الأسبوع - نسمح ببيع وتجارة المخدرات والمؤثرات العقلية - نطلق العنان للأفكار والكتابات التي لا حدود لها لدرجة الكتابات الشيطانية بزعم حرية الفكر والإبداع - لا يحق لك أن تنتقد امرأة 90% عارية في الأسواق والمولات - ولا يحق لك انتقاد أي مراجعا عاريا لا يستره سوى "الشورت" - نفتتح المطاعم والمقاهي في شهر رمضان المبارك - أختك زوجتك ابنتك تشاهدها مع غريب أو تبيت مع غريب فهذه حرية شخصية - مثليين أو ذكر وأنثى يمارسون الجنس في الشارع في السيارة تمر وكأن الأمر طبيعي لأنها حرية شخصية !!! ... وقائمة الحريات الشخصية لا تنتهي وكل ما سبق 95% منها فعليا حقيقي وموجود في أوروبا وأمريكا وكندا ودول شرق أسيا ... أي تكتب ما تشاء وتنشر ما تشاء وشواطئ عراة والجنس في المركبات تعتبر حرية حتى لدرجة أنهم يقيمون مواسم ومهرجانات للعراة وللمثليين والخمور في كل سنة ... لكن في السياسة حتى أوروبا تخرس أمامها لأنهم نظموا الحياة السياسية بدساتير وقوانين صارمة لأن السياسة هي عصب القيادة التي تقود فيها القطيع ؟

المسألة باختصار أن هناك "متأسلمين سفهاء" فهموا الحريات بشكل خاطئ وتناسوا أن المسألة مسألة مجتمعات ... فعندما نذهب للدراسة للسياحة للعلاج للعمل في أي مكان في العالم فإننا تلقائيا نحترم دولهم ومجتمعاتهم رغم ما نعرفه عن الفرق الشاسع بيننا وبينهم لكن في النهاية لا تملك إلا أن تحترم مجتمعاتهم ... فلماذا يجب أن نحترم مجتمعاتهم المتفتحة لدرجة الإباحية ونحن كمجتمعات عربية لا يريدون أن يحترموها ؟ ... مجتمعك العربي أو الخليجي متخلف همجي رجعي سمه ما شئت فلديك الخيار إما أن تبقى فيه وتتعايش معه أو أرض الله واسعة اذهب واستمتع وعش في المجتمعات التي تتناسب مع أفكارك ومعتقداتك ... فما هي إلا نفسك افعل واصنع بها ما تشاء فحسابك وجنتك أو نارك بيد من خلقك سبحانه ... لكن أن تتعمد أن تشيع وتنشر الفواحش في بلاد ومجتمعات المسلمين والمؤمنين فلا تتوقع أن يقف الجميع متفرجا مصفقا مشجعا لحماقاتك وسفاهتك وشيطانك ... { إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون } النور ... وأما مقولة "وطني ولا أهجره" فهذا حديث المجانين لأنك لن تطور مجتمعك منفردا ولن تغير مجتمعك ولو كنتم مجموعة أفراد ... والسبب أن لكل مجتمع في العالم فكره وثقافته وعاداته وتقاليده فهناك مجتمعات منفتحة لأقصى درجة وهناك مجتمعات منغلقة لأقصى درجة وهناك مجتمعات وسطية ... وهذه هو العالم ومجتمعاته لا يمكنك أن تغير مجتمع ولا حتى أن تؤثر بمجتمع لكن حقك كإنسان أن تعيش في أي أرض تريدها أنت وتختارها أنت بإرادتك أنت ... سواء بسبب ترفك أو بسبب معارضتك لدولتك وحاكمها أو بسبب ظروفك الإقتصادية أو بسبب فقر دولتك أو لأسباب أخرى شخصية كلها من حقوقك ... أتعرف لماذا ؟ ... لأن سنة الله في خلقه وفطرة البشرية هي الهجرات منذ نزول أبونا وأمنا آدم وحواء على الأرض وحتى قيام الساعة ... حكام ولدوا في أرض وماتوا في أرض أخرى قبور كويتيين في "أمريكا ولندن والهند" وغيرها ... مقيمين على أرض الكويت ولدوا في دولهم وماتوا ودفنوا في الكويت وغيرهم الكثيرين من البشرية ... { وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير } لقمان ... احترام المجتمعات دليل على وعي الإنسان وتقديره للأمور وفرض الشذوذ سواء في الأفكار أو الممارسات على الأخرين هي من علامات الحماقة والجهل وشطح العقول ... لأن حتى الحيوانات في الغابات لديها قوانين "القوي والضعيف والخوف والإطمئنان والذكر والأنثى" وجميع الحيوانات ترتعب من الموت وتنازع في الموت ... إلا الإنسان لا يخاف من الموت إلا قولًا ولا يستحي إلا قولًا ولا يرتدع إلا بالعصـــــــا { إلا من رحم ربي } ؟





دمتم بود ...


وسعوا صدوركم