2024-01-07

من مؤامرة سوريا إلى مؤامرة غزة والخيانة العربية واحدة ؟

 

مع مضي الوقت والأشهر والسنوات تضعف ذاكرة الناس فيحل الحاضر مكان الماضي فيتناسون جهلا أو عمدا أو حتى طبيعة ... لكن الناس التي يمتلأ أرشيفها بالتسجيلات والوثائق والصور لا يمكن أن تنسى لأن هناك نوعين من الناس التي تُأرشف ... نوع يحتفظ بالأرشيف كهواية ونوع يحتفظ بالأرشيف كتوثيق كتابي ليكتب التاريخ ويوثق أحداثه ليأتي بعد سنوات الباحثين فيعزز معلوماتهم ... واليوم من المهم أن أضع بين الجميع الحقائق مستندا للتاريخ القريب ليعلم من يعلم أن الخيانة العربية متأصلة متجذرة ممتدة من التاريخ العربي القديم ... وهناك مقولة لرئيس وزراء بريطانيا الراحل "ونستون تشرشل" عندما سأل عن رأيه في الشعوب فقال "إذا مات الإنكليز تموت السياسة وإذا مات الروس يموت السلام وإذا مات الأمريكان يموت الغنى وإذا مات الطليان يموت الإيمان وإذا مات الفرنسيين يموت الذوق وإذا مات الألمان تموت القوة وإذا مـــــات العــــــرب تموت الخيانـــــة" ... والخيانة لها تاريخ طويل جدا جدا في التاريخ العربي والتاريخ الإسلامي وسواء كانت تلك المقولة صحيحة وموثقة أو لم تكن صحيحة لكن صدق "تشرشل" وكذب العرب ؟
سوريــــــــا
لو بحثت اليوم وفي سنتنا الجديدة 2024 عن أكثر رئيس دولة في العالم يصنف على أنه قاتل إرهابي مجرم لصا فاسدا ... فبكل تأكيد لا أحد ينافس في هذا البحث مثل رئيس سوريا طاغية العصر "جحش الأسد - بشار" ... ولو ذهبت لمن بعده بكل تأكيد المجرم النازي رئيس دولة الكيان الصهيوني "بنيامين نتن ياهو" وشريكه القاتل الإرهابي الرئيس الأمريكي "جو بايدن" ... وفي سوريا وتحديدا في 2011 نسجت مؤامرة كبرى من قبل كل من "أمريكا - بريطانيا - فرنسا - مصر - تركيا - الأردن - السعودية - قطر - الإمارات - البحرين - إسرائيل" لإسقاط حزب البعث العفن هناك وإسقاط كامل أركان النظام السوري العفلقي المجرم ... ثم نهضت ووقفت أمام هذا التحالف كل من "روسيا - الصين - العراق - إيران - حزب الله اللبناني - منظمة أمل اللبنانية" ... نتج عن تلك المؤامرة الكبرى هجرة أكثر من 12 مليون سوري عن أرضه ما بين نازح ولاجئ + 480 ألف قتيل + مليون جريح + 300 ألف مفقود ... وكنتيجة طبيعية للفظائع التي ارتكبت هناك فقد دمرت ثلثين مساحة سوريا عن بكرة أبيها واليوم 90% من الشعب السوري في الداخل يعيش تحت خط الفقر أي أقل من دولار واحد في اليوم ... ومسألة أكل الدجاج واللحم في منازل سوريين الداخل هذه العادة الطبيعية أصبحت من الماضي فتمر وجبة الدجاج مرة أو مرتين في الشهر واللحم من النادر أن يزور منازل السوريين ... كانت هذه نتيجة المؤامرة وبحر من الخيانات العربية ضد العرب أنفسهم ... ولا تبحث خلف كم المجازر والإبادات الجماعية التي ارتكبت في سوريا فهي لا تمت للدين الإسلامي بأي صلة مطلقا ونهائيا بأي صلة ... ولا تبحث عن المعاناة النفسية لملايين السوريين وكم وحجم إذلالهم ورعب رحلات الموت عبر البحار والغابات وعشرات الآلاف الذين ماتوا في تلك الهجرات القسرية ... لاحظ كل هذا قد حدث أمام مسمع ومرأى من العالم بأسره بالصوت والصورة ولمدة 11 عاما ... فهل أنت مجنون هل تظن وتعتقد أن من تآمر على سوريا في الماضي ومزق أهلها إربا إربا سينتصر لغزة وأهل غزة اليوم وحتى غدا !!! 
غــــــزة العظمـــــى
عندما أطلق مديحا لعظمة غزة وأهل غزة ومقاومة غزة فأنا أعني ذلك حرفيا ... والسب بديهيا أنهم يواجهون أعظم جيوش الأرض قوة وتقدما وتسليحا وتكنولوجيا عسكرية ... إنهم يواجهون جيش الكيان الصهيوني هو ذات الجيش الذي سحق الجيش المصري والجيش الأردني والجيش السوري في 6 أيام لا 7 أيام في 1967 ... هو ذات الجيش الصهيوني الذي لم يصمد أمامه كل الجيش المصري في 1973 أكثر من 19 يوم عندما اقتحم الجيش المصري "خط برليف المنيع" ومن ثم التف عليهم الجيش الصهيوني وطوقهم وحاصرهم وعزلهم عن ميدان المعركة ومن ثم اتجه الجيش الصهيوني لاحتلال العاصمة المصرية القاهرة ... وكان بين الصهاينة والقاهرة 80 كم متر فقط وصرخ السادات باكيا طالبا نجدة الإتحاد السوفييتي وتمت الصفقة بين أمريكا والسوفييت وأوقف احتلال القاهرة ... لكن في غزة التي تسجل وتوثق إنجازات جبارة نادرة وتصل لدرجة المعجزات لم تقاوم أعظم جيش متقدم في العالم ومعه أعظم قوة عسكرية على الأرض وهي أمريكا لمدة 6 أيام ولا 19 يوم بل دخلت اليوم 120 من الحرب الشرسة والمقاومة الجبارة ... 4 أشهر وجيش الكيان الصهيوني والمخابرات الأمريكية والبريطانية والفرنسية والصهيونية يقفون عاجزين حتى أنهم أصبحوا أضحوكة وسخرية لأجهزة المخابرات العالمية في "روسيا والصين وباكستان" وغيرها ... غزة الصامدة التي لا أنا ولا أنت ولا أنتم ولا جميعنا نستطيع أن نصمد مثلهم بلا ماء بلا كهرباء بلا اتصالات بلا انترنت بلا مستشفيات بلا علاج بلا طعام بلا أمن بلا أمان هكذا تجلس وتنتظر الموت ولا شيء غير الموت فهل تستطيع أنت وأنتي وأنتم !!! ... ومع ذلك يقف شعب غزة العظيم صامدا وكأن الله جل جلاله قد ربط على قلوبهم وثبتهم وجعلهم آية من آياته العظيمة { قال الذين يظنون أنهم ملاقو الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين } البقرة ؟
إن من اللافت بل والمدهش والذي لم يلاحظه الكثير منكم هي رباطة الجأش والثقة والهدوء الذي تتمتع به المقاومة الفلسطينية في غزة الشامخة ... يتحركون بأريحية ويتحدثون بهدوء ويحصدون الغزاة النازيين الصهاينة بكل ثقة ويقين ... وفي المقابل رعب وبكاء وصراخ وعويل جنود الاحتلال الصهيوني النازي وهروب مجندين والمستشفيات الإسرائيلية امتلأت بأعداد الجرحى والقتلى والمضطربين نفسيا وعقليا ... في دولة صهيونية تعيش على المساعدات الأمريكية والأوروبية وجمع التبرعات من كل مكان تتجرع اليوم خسائر مالية واقتصادية كسرت حاجز الـ 60 مليار دولار وهروب أكثر من 700 ألف مواطن صهيوني من فلسطين المحتلة وارتفاع معدلات الفقر والبطالة ... حتى 10 سنوات قادمة إسرائيل لن تستطيع أن تعود لطبيعتها الإقتصادية والإجتماعية والسياسية والعسكرية ... وصدق الكاتب العماني "علي المعشني" في فلسفته عن توافه العقول العربية والمتصهينين عندما وصف ما يحدث هي "ثقافة الشرف وثقافة العلف" ... فثقافة الشرف تنتصر لأرضها لعرضها لكرامتها لحقوقها لإنسانيتها مهما كلف الأمر في مقابل ثقافة العلف التي يجلس أرذل الخلق وأكثرهم خسة ووضاعة فيحسب كم خسرنا وكم كسبنا وكم مات وكم جرح وهؤلاء لن ينتصروا لوطنك في يوم من الأيام بل سيديرون ظهرهم لوطنهم ويولون الدبر كما وضح الكاتب في فلسفته والتي هي صحيحة بكل تأكيد ... ولذلك عشرات الآلاف من المتصهينين العرب والخليجيين لا يرون خسائر الكيان الصهيوني ولا جنازاتهم ولا حالة الرعب التي دبت في كل الكيان الصهيوني يرون فقط غزة ودمار غزة وكأنهم يتمنون الهزيمة والذل والإنكسار لغزة وأهلها فقط حتى بعدها يظهروا متفاخرين بصحة رؤيتهم الملعونة ألا لعنة الله عليه فردا فردا ؟
هناك دول عربية في الظاهر تندد وتشجب إسرائيل لكن في حقيقة الأمر هم حلفاء الكيان الصهيوني ويقفون معه وخلفه بكل قوة وصلابة ومن تلك الدول مصر التي شاركت فعليا وضمنيا بقتل أهل غزة وحصار أهل غزة في تحالف "صهيوني مصري" واضح وضوح الشمس لا شك ولا لبس فيه مطلقا ... بالإضافة إلى "السعودية والإمارات والأردن" وتواطؤ تركيا وإيران اللتان حتى اليوم لو تحركتا لقلبت كل الموازين في الشرق الأوسط برمته ... لكن الأردن وتركيا يشحنون المواد الغذائية لإنقاذ الشعب الصهيوني وموانئ الإمارات تصل إليها البضائع الإسرائيلية والتي بدورها تنقلها عبر الأراضي السعودية والتي الأخرى تؤمن مروها للكيان الصهيوني ... ولذلك حضرت في ذاكرتي محاضرة سفير السعودية في بريطانيا الأمير "خالد بن بندر بن سلطان" بمحاضرة له في "جامعة أكسفورد" في أبريل 2022 عندما رفع عن السعودية صفة الدولة والهيمنة الدينية رغم أن الحرمين الشريفين يقعان في نطاق سيادة الدولة السعودية قائلا نصا "حكومتي لم تدعي قيادة دينية مطلقا وليس لدينا دور في تطوير الدين لكن بالتأكيد نحن نؤثر على علماء الدين والأسرة الحاكمة في السعودية تقول مرة أخرى الأمر لا يتعلق بالنبي محمد نحن فقط قبيلة من البدو صادف أنها انتصرت في الحرب" ... ناهيك أن الجيش الأردني والجيش المصري رموا بتعزيزات عسكرية لحماية حدود الميان الصهيوني اللقيط من أي اعتداء أو اختراق أو حشود شعبية قد تفكر بنصرة أهل غزة ... ولذلك صدق العالم والفقيه والمفكر والفيلسوف المصري الراحل "محمد الغزالي" عندما قال "إن زوال إسرائيل لا بد أن يسبقه زوال أنظمة عربية عاشت تضحك على شعوبها واندثار مجتمعات عربية فرضت على نفسها الوهم والوهن" ... وطابق ما بين المؤامرة على سوريا والمؤامرة على غزة فلن تجد فيهما اختلاف باستثناء أن أهل غزة العظماء صامدين ثابتين على أرضهم هم فقط ينادون لإنقاذ الجرحى والمصابين بالأمراض ... وحتى تدخل مصر ادفع 5.000 دولار تدخل أي حتى في الكوارث الإنسانية مصر تستغل وتبتز بكل دناءة ... ومن وقف متفرجا أمام المجازر والمشاهد المتوحشة في سوريا سيقف متفرجا أمام المجازر "الصهيونية الأمريكية" ... ليسجل التاريخ حقيقة نادرة الحدوث في زماننا أن غزة الصغيرة جدا جدا جدا سطرت معنى الكرامة والشرف والدين والشرع ورمتهم في وجوه العالم بأسره بكافة أديانه ومعتقداته ... وكسرت شوكة الجيش الصهيوني الذي لا يهزم ومرغت أنف المخابرات الإسرائيلية في التراب بدليل أنه حتى ليوم كل القيادات العليا والمتوسطة للمقاومة في غزة بخير ولم تنجح إسرائيل باصطياد حتى واحدا منهم داخل غزة ... وسجلوها علي إسرائيل لن تنتصر في هذه الحرب لن تنتصر ثم لن تنتصر وحسبنا الله ونعم الوكيل ولعنة الله على من ناصر الصهاينة ومن عاونهم ومن والاهم سرا أو جهرا أيـــــا كان ؟




دمتم بود ...

وسعوا صدوركم