2024-01-10

تاريخ الإقطاعيين في بلاد الشام وفظائعهم ؟

 

من المستحيل يستطيع أحد سرد وشرح تاريخ الإقطاعيين بسبب الكم المهول من المعلومات والفظائع لكني بقدر المستطاع سأختصره بأكبر قدر ممكن لسرد المهم منه ... بلاد الشام قديما كانت تضم "سوريا - الأردن - لبنان – فلسطين - جزء من سيناء مصر - جزر من الأراضي السعودية - جزء من الأراضي التركية" ... أما الإقطاعيين فهو مصطلح خرج من الإقطاع أي قطع والقطع المقصود هنا أي أنه "قطع وأخذ وملك" ... وأول من أخرج وأسس مصطلح وسياسة الإقطاعيين هم الصينيين واليابانيين ما قبل وما بعد التاريخ الميلادي ... ثم تبعهم الأوروبيين في بريطانيا وفرنسا في القرن الـ 12 حتى وصل للخلافة العباسية والعثمانية ... لكن من المهم أن أعرج على مسألة في غاية الأهمية وهي ملكية الأراضي التي ستكون فيما بعد صلب موضوعنا ؟

يحدثنا التاريخ البشري أن ملكية الأراضي بدأت بما سمح وبما ألف وبما اشتهر ... بمعنى تأخذ أرض وتبني عليها منزلا والجيران تلقائيا يعرفونك ويعرفون أهلك وهذا كان بمثابة صك ملكية متعارف عليه لقرون طويلة ... أي ملكيتك مصدرها الشهود وتوارث الأجيال ... حتى خرجت أوراق بيع وشراء الأراضي والمنازل قبل 1.500 أو 2.000 سنة كأبعد تقدير وبدأت في الصين واليابان ... وسبب خروج وثيقة أو ورقة ملكية الأرض أو المنزل جاءت بسبب الرهن فكانت عملية استحدثت للحجة أمام القضاة أو الخلفاء أو الملوك ... تماما مثل صكوك بيع العبيد فقد كان لكل عبد وثيقة ملكية أو صك حريته ... حتى بدأت أول عملية تنظيمية في الدولة في مسائل البيع والشراء للأراضي والمنازل في عهد الخلافة العثمانية في سنة 1858 ودخل القانون حيز التنفيذ في سنة 1859 ثم عدل القانون ليشمل تملك الأجانب في سنة 1869 ... وقتها بدأت اللعبة في الوطن العربي الذي كان تحت حكم الخلافة العثمانية ليصبح بدأ من ذلك التاريخ كل شيء منظم وموثق وكانت عمليات البيع تتم من خلال 3 أوراق "سند ملكية" في أي عملية بيع للبائع والشاري والثالثة تحفظ في سجلات الدولة + وضع دفتر أخر يوثق تفاصيل عملية البيع لدى الحكومة ... ولذلك تفهم لماذا لا توجد وثائق ملكية ما قبل تلك التواريخ ولا تجد سوى أراق مبايعة بين طرفين معنى "يكتتبوا فيما بينهم" بسبب دين أو اقتراض أو تمويل أو مشاركة تجارية وتلك المسألة مرجعها القرآن الكريم في سورة البقرة التي شرّعها ربنا سبحانه قبل 1.400 سنة  ... الأمر الذي أدى بعد خروج قانون ملكية الأراضي العثمانية وتسميتها بـ "الطابو - وثيقة ملكية المنزل أو الأرض" ... وبعدها جرت أكبر عملية سرقة أراضي في كل التاريخ العربي وعلى كل الأراضي العربية ... فأصبحت عملية "وضع اليد" هي أكبر عملية تمت من خلالها سرقة أراضي الدولة من قبل حكامها وأعيانها أمام مرأى ومسمع من الجميع ؟

عملية سرقة الأراضي وتسجيلها وتوثيقها رسميا بسند ملكية رسمي لم يكن إلا بوابة "سياسية اقتصادية اجتماعية" ... سياسية : أن تصبح من ذوي الأملاك والذي يؤهلك لتدخل البرلمان أو تضع قدم في مجالس الأعيان فيكون لك رأي بالأوضاع السياسية ... اقتصادية : وهي عملية الثراء الفاحش التي تدخلك فيما بعد في تجارة القمح والخيل والأغنام والأبقار وزراعة الأراضي وجني محاصيلها والدخول في صراع السوق والأسواق وتلقائيا تصبح من كبار الأعيان في المدينة أو البلاد ... اجتماعية : السيطرة المجتمعية على آلاف الأسر والعائلات وإخضاعهم للعمل لديك بحكم أنهم لا يملكون منازلهم لأنها واقعة على أراضيك + في تلك الفترات كانت العبودية البشرية موجودة وتجارة مزدهرة ... كل تلك العوامل ساهمت بتقسيم المجتمعات العربية "تقسيم الطبقات" مقلدا لنظام الطبقات في أوروبا "الملك - الكنيسة - النبلاء - الرعية - العبيد" ... وفي المجتمعات العربية كان المجتمع يقسم "الخليفة أو الوالي أو الشيخ - التجار وأصحاب الثراء - رجال الدين - الرعية - العبيد" ... ولذلك كان يجري هناك صراع ما بين رجال الدين حتى يصلوا إلى مجالس الأثرياء وبلاط السلطان كمرتزقة باسم الدين تماما كما في زمانكم هذا ؟

وما لم تكتبه كتب التوثيق التاريخية خوفا ورعبا من الإنتقام وصولا للقتل هي سلوكيات الحكام وأسرهم والتجار والأثرياء من اللصوص الذين سرقوا أراضي الدولة أو الخلافة ... فقد كانوا قساة القلب ليس للدين والشرع معهم أي طريق وكثيرا ما نهبوا الأراضي وحولوا سند ملكيتها بالقوة والإكراه ... وكثيرا من النساء تم اغتصابهن وكثيرا من البسطاء حرقت أراضيهم ومحاصيلهم كترهيب وإخضاع حتى يبيعوا أراضيهم بالإكراه والقوة ... وإن كنت تعتقد أن هذا فحسب فأنت مخطي بل تعاون الأثرياء من الإقطاعيين مع اليهود والمسيحيين ببيع الأراضي والقرى للفرنسيين والبريطانيين ومن ثم هؤلاء باعوها لليهود حتى تحول الأمر فيما بعد بيع اليهود بشكل مباشر ... وسبب البيع تستطيع أن تدمجه ما بين الرغبة بالأرباح الخيالية وبين الخيانة الوطنية حصريا لأنك لا تستطيع أن تقول خيانة للدين لأنهم كانوا أبعد ما يكون عن الدين أصلا ... وإذا أردت أن تعرف حجم المساحات التي كان يملكها الإقطاعيين فببساطة كانوا يملكون جبال بأكملها ومساحة = قلب عواصم اليوم ... وإن تسائلت أين الخلافة العثمانية الإسلامية من كل هذا ؟ فالإجابة وببساطة الخلافة العثمانية هي اللص الأكبر ببشواتها وولاتها وتجارها وجيشها وشرطتها ؟

ما لا تعرفونه أن من أسباب حجة اليهود لدى البريطانيين بشرعية وجود دولة لهم في فلسطين عندما وضعوا بين يدي البريطانيين آلاف وثائق صكوك ملكيتهم للأراضي التي اشتروها من الفلسطينيين حصريا والفلسطينيين باعوا بهدف الكسب والربح المغري آنذاك والتي كانت تدفع بالفرنك الفرنسي والذي كان أعلى قيمة من الجنيه الذهب البريطاني ... ولم يدرك أحد أن هناك مخطط كبير لاستيطان اليهود في فلسطين كل العرب خدعوا ... والأهم أن تعرف أن لبنان والأردن لم يكن لهم اسم سياسي قبل سنة 1890 ... أي تاريخيا وفعليا ورسميا لا وجود لإسم لبنان والأردن إلا بعد 1890 - 1920 كلها كانت أراضي يطلق عليها "بلاد الشام وعاصمتها دمشق" ... وفي بلاد الشام كانت تجارة العبيد مزدهرة بل وتجارة أعلى مستوى وقيمة حتى من تجارة القمح والذهب من فرط أرباحها ومكاسبها السياسية والإجتماعية الخرافية ... حتى بعد اتفاقية "فينا - النمسا - 1814" بمنع تجارة العبيد ظلت عملية بيع وشراء العبيد سائدة على الأراضي العربية والإسلامية لأنها كانت تمثل مصدرا إسلاميا شرعيا لا يمكن التخلي عنه وإلا أنت انتهكت دين الله وعطلت جزء من شريعة الله ... فظلت العبودية بأسواقها مزدهرة حتى ما بعد سنة 1950 ثم سرية حتى عام 1970 ثم انتهت تلك التجارة ... وبالمناسبة العبيد لم يكونوا سود البشرة بل وحتى بيض البشرة ومن نفس شعوب بلاد الشام كانت هناك عوائل سلالتها أصلها من العبيد المملوكين ... والإقطاعيين استخدموا العبيد في قمع العديد من الثورات والإحتجاجات وارتكبوا مجازر من القمع والقتل جهارا نهارا ولم تتحرك أي سلطة لمحاسبة الإقطاعيين بسبب الفساد والرشوة + منطقهم آنذاك أن هؤلاء هم عبيدنا ولا سلطة لكم علينا بما نفعله بهم ... هذا بالإضافة إلى أن الإقطاعيين كانوا يفرضون الضرائب على كل من يقيم على أراضيهم خارج نظام الدولة والقانون ورغما عنهم ؟

الإقطاعيين تاريخهم تاريخ لصوص وحياتهم الأرستقراطية كانت الإستثناء من فرط الترف والذي كان ينافس حتى البلاط العثماني وقصور الحكم في بريطانيا وفرنسا ... مما أدى إلى ظهور أجيال من الإقطاعيين تتملكهم النرجسية وحب السيطرة والسادية والسيكوباتيه والأنانية بسبب نوع وشكل التربية التي تأسسوا من خلالها ... والتي تصنع طغاة ومستبدين وتلقنهم حقيقة واحدة لا ثاني لها وهي : الأرض ومن عليها ملكا لك لا أحد يمكنه أن يعصي لك أمرا لأنه عبدا لديك وحياته مرتبطة بطرف لسانك ... ولذلك ثورات العبيد والفلاحين والشعوب ضد الإقطاعيين لا تستطيع أن تحصرها من كمها وعددها في "فرنسا - بريطانيا - لبنان - سوريا - العراق - مصر - أمريكا" وغيرهم ... تماما كما حدث في "الصين وبلاد الفرس والروم والفراعنة" ما قبل الميلاد ... ونستطيع أن نكشف بعض عائلات الإقطاعيين في فلسطين مثل عوائل "آلتيان - سرسق - الحسيني - الشوا - أبوغوش - تويني" وغيرها ... وفي لبنان عائلات "الأسعد - أرسلان - بشارة - حمادة - خوري - فرنجية" وغيرها ... وفي مصر عائلات "أباظة - لملوم - البدراوي - عمر الأرناؤوط - جرجس - فرغلي - الملك فاروق" وغيرهم ... كل تلك العوائل وأكثر منهم بعدد آلاف العوائل في كل الوطن العربي والخلافة العثمانية في إسطنبول وحتى اليوم وحتى الغد ... لا أحد اتعظ ولا أحد فهم عبرة التاريخ والأيام وسنة الله في خلقة ولا أحد يريد أن يفهم ولا يتعظ ... ليبقى الإنسان أكبر كائن غبي يكرر نفس الخطأ بنفس الغباء بنفس نتائج ممن سبقوه بعقود وقرون في تكرار لنفس المشهد متطابق بنسبة 100% الفرق الوحيد هو تغير الأشكال فقط ؟




دمتم بود ...


وسعوا صدوركم