2020-03-25

هكذا تدار الأزمة الاقتصادية الكويتية ؟


الخصخصة هو الفخ الذي سقط فيه الرئيس المصري الراحل "حسني مبارك" عندما باع مئات المصانع والشركان التابعة للقطاع العام الحكومي أو التي كانت تتلقى دعما حكوميا ما بعد 1991... وظن أنه بجني السيولة الضخمة كان سيصلح الاقتصاد المصري فإذا بالصناعات المصرية تختفي وأصبحت اليوم لا تشكل أي أهمية في إيرادات الدولة ... بل كل ما بعته مصر من المصانع والشركات بعد أكثر من 400 شركة ومصنع + أكثر من 23 شركة وهيئة قادمة فإن قيمتهم السوقية التي ستجنيها الحكومة المصرية = 6.3 مليار دولار فقط ... وبذلك رمي المواطن المصري بين فكي التجار ليسحقوهم سحقا قاسيا دون أي اعتبارات إنسانية أو وطنية بل المعيار هو تجاري صرف ... وأقول ما أقول بسب أن فايروس كورونا قد كشف هشاشة وضعف القطاع الخاص الكويتي وأنا كان يكذب على نفسه وعلى المساكين عندما كان يصف نفسه هذا القطاع بأنه عملاق ... والعملاق الحقيقي كانت هي الحكومة بأجهزتها ومؤسساتها وبكوادرها وطاقاتها التي أدارت أزمة فايروس كورونا بجدارة وبكفاءة عالية للغاية ولا نريد أن نتخيل لو أن التجار هم من أداروا أزمة كورونا في الكويت من الناحية النقل والصحة والإعلام لا شك بأنه سيكون كابوسا فظيعا ... ولذلك دولة مثل الكويت الصغيرة جدا والثرية جدا لا تحتاج إلى الخصخصة بل تحتاج إلى تقوية مواردها الاقتصادية وتتحول الحكومة من الفكر البليد إلى المنافس العنيد ضد القطاع الخاص ... ومن الخطأ في الفكر الاقتصادي أن يظن الكثيرين أن المنافسة الحكومية ستضعف القطاع الخاص بدليل المنافسة بين القطاع الحكومي والخاص في كوريا الجنوبية واليابان وأمريكا وبعض الدول الأوروبية ؟
 
لدينا مشكلة اقتصادية في الكويت بسبب فايروس كورونا ؟ نعم توجد ... وهل توجد خسائر في القطاع الحكومي والخاص ؟ نعم توجد ... لكن أول أمر يجب أن يلتفت إليه المعنيين في الأمر وأصحاب القرار هو ليس أزمة فايروس كورونا ولا انخفاض أسعار النفط ولا الخسائر الدموية للبورصات العالمية ... بل يجب أن يكون السؤال : هل هذه الأزمات مفتعلة أم مؤامرة أم حدث استثنائي ؟ البورصات وأسعار النفط العالمية هي أزمة مفتعلة 100% أما فايروس كورونا فهو أول حدث عالمي في تاريخ البشرية يكون بهذا الشكل وبهذا الحجم وبهذا الرعب ... مما ترتب عليه خسائر اقتصادية لم يسبق لها مثيلا في تاريخ الاقتصاد العالمي برمته وأصبحت الدول تنفق وتضخ المليارات من أجل انقاذ اقتصاداتها وتقاتل من أجل ضبط حالة الهلع الشعبي والإجتماعي حتى لا تفرط الأمور والتحليلات اليوم ذهبت إلى توقع الخسائر العالمية قد تتجاوز أكثر من 6 تريليون دولار ... بل ولأول مرة منذ 100 عام تقوم الشركات الهولندية بإتلاف محاصيلها من الورود بسبب الخسائر الفادحة وبسبب إغلاق الأسواق العالمية وتوقف حركة النقل الجوي بنسبة 70% ناهيكم عن خسائر كارثية في صناعة السينما في هوليوود وبوليوود وغيرهم ... وفرط الأمور قد تصل إلى سقوط أنظمة حكم وحكومات وانهيارات اقتصادية لن تستطيع الدولة المعنية من النهوض مرة أخرى إلا بعد سنوات طويلة ... ولذلك العقل الاقتصادي الذكي يرى في أزمة فايروس كورونا فرصة لن تتكرر لاقتناص فرص ثمينة لا تقدر بثمن بمعنى هذا هو وقت الصرف والشراء لا الخوف والإنكماش ... وبمعنى أكثر دقة دولة مثل الكويت أن الأوان أن تتحول قوتها الورقية إلى قوة فعلية وتترجم على أرض الواقع وتصدم العالم بمدى قوتها الاقتصادية عبر سلسلة من الإجراءات الجريئة والمضمونة في نفس الوقت ... وهذا هو الوقت المناسب والفرصة الألماسية التي تضرب الكويت عصافير كثيرة بحجر واحد من خلال التقدم بطلب شراء عدة شركات محلية ودولية هي في حالة خسائر موجعة لدرجة الألم والصراخ فتقدم لها المال بشكل فوري ... وبشراء تلك الشركات يتم استدخال إيرادات وأرباح تلك الشركات لتصبح قريبا من ضمن إيرادات الدولة ومن ضمن تنوع مصادر الدخل على أن تكون الإدارة لتلك الشركات بأفضل من كفاءة إدارة الشركات نفسها ... ثم يقدم مشروع بقانون يقدم بصفة الإستعجال بتعويض الشركات المتضررة جراء التعطيل الحكومي الإجباري للعمل لكافة القطاع الخاص على أساس التعويض = قيمة رأس المال المسجل أو نصفه ... بمعنى عندما فتحت محلا أو شركة أو مؤسسة وضعت رسميا قيمة رأس المال المسجل وفق الشهادة البنكية وعليه يتم تعويضك بنفس قيمة رأس المال المسجل أو بنصفه ... ويصدر تشريع بقانون أخر بتعويض كل رب أسرة من الأخوة المقيمين بقيمة 500 دينار ومن ليس له أسرة يتم منحه 300 دينار أو إعفاءه من رسوم الكهرباء والماء والهاتف الأرضي لمدة 6 أشهر + تموين مجاني لمدة 3 أشهر ... وفي نفس القانون يتم تعويض كل مواطن كويتي بمبلغ 1.000 دينار أو تقوم الحكومة بإسقاط كافة قروض المواطنين الإستهلاكية ... علما بأن قيمة القروض الإستهلاكية للمقيمين قد بلغت أكثر من 37.7 مليار دينار كويتي = 121.7 مليار دولار وبلغت قيمة قروض المواطنين الكويتيين بـ 16 مليار دينار = 51 مليار دولار وفق إحصائية شهر 9-2019 بقيمة مجموع أرباح لكافة البنوك = 400 مليون دينار كويتي = 1.2 مليار دولار "المصدر : صحيفة مباشر الكويتية عدد 16-9-2019" ... والمبررات بعدم إسقاط قروض المواطنين قد ذابت وتلاشت بسبب فايروس كورونا وقد آن الأوان بأن يعاد النظر في هذه المسألة وإنهاء معاناة وأخطاء المواطنين ... خصوصا أن هذه الأزمة جاءت على طبق من ذهب إلى يد بعض التجار الذين سيعوضون خسائرهم بأضعاف مضاعفة وفق صفقات مليونيه وملياريه مع الحكومة ... فكم مرة تم إنقاذ التجار وكم مرة تم إنقاذ المواطنين الذين هم خط الدفاع الأول عن الكويت وليس بعض التجار الذي تنفسوا الصعداء بفضل هذه الأزمة ... مثل التاجر الذي تبرع بمستشفى ووضعه تحت تصرف الحكومة وهو مستشفى خالي من أي أجهزة ومعدات وخالي من أي طاقم إداري أو طبي أي أنه سلمهم مبنى خالي تماما وقد استجابت الحكومة لطلبه واستلمت المبنى الخالي تماما في منطقة السالمية ؟

إن أقوى رجلا في العالم هو الشخص الممول أي من يملك المال ويمول المشاريع ذات الجدوى الاقتصادية وهذا الرجل يطلق عليه في المصطلح الاقتصادي بـ "المستثمر" ... هو نفس المستثمر الذي يتحول إلى مجموعة مستثمرين فأصبحوا يسيطرون على أكبر شركات العالم التي باتت تتحكم في المال والغذاء والأسلحة والصحة وهذا أمر طبيعي ومتعارف عليه ... ولذلك المال العام أي ثروات الكويت آن لها أن تتحول على هيئة رجل ومعه فريق عمل وأن يقتحم الشركات الأوروبية التي يجب أن ننتبه ونتنبه أن أوروبا مقبلة على صراعات شعبية وسياسية لم يسبق لها مثيلا في كل تاريخها منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية ... فهناك نيران بدأت تشتعل بسبب أزمة فايروس كورونا التي كشفت أن أوروبا ليست موحدة بل كل دولة أغلقت حدودها وباتت طائراتها تقف في كل مطاراتها أو نصفها كأقل تقدير ... وعليه أن يستعد الرجل الثري الكويتي لاقتناص شراء أهم الشركات والصناعات الأوروبية بنسب عالية ويا حبذا لو نقلت تلك المصانع إلى الكويت بخبراتها وأياديها العاملة لتكون النتيجة مستقبلا "Made in Kuwait" ... بالإضافة لاقتناص خسائر شركات الطيران العالمية والتي فاقت اليوم خسائر 250 مليار دولار بعد صرخة ملاك ومستثمري شركات الطيران العالمية أمس الثلاثاء للحكومات بإيجاد دعم لهم ... وبالمناسبة هذا ما كنت أدعوا له في كتاباتي مرارا وتكرارا وأن المال الكويتي لا يجب أن يقف متفرجا على عشرات الفرص وهي تسير فوق رؤوسنا دون أن نحرك ساكنا ... وهذا من أسباب عدم وجود قوة اقتصادية عربية حقيقية في العالم بسبب الخوف لدرجة الرعب من التطور الجريء فأن تصنع مشروعا جديدا كليا يحتمل الربح والخسارة شيء وأن تشتري مشروعا يدر أرباحا مجزية يومية شيئا أخر بل ومختلف كليا ... واعلموا أن الشركات العالمية المقصودة لها وزن يفوق وزنكم بألف مرة فكونوا جزأ من الألف حتى تصلوا إلى 100 من الألف ثم تكتشفوا بعد بضعة سنين معدودة بأن لديكم عدة دخول اقتصادية ذات جدوى مريحة ... وإلا كيف صنعت الكويت أكثر من 4.000 محطة وقود في 7 دول في أوروبا "إيطاليا - ألمانيا - السويد - الدنمارك - هولندا - بلجيكا - لوكسمبورغ" ؟
لديكم فرصة لا تقدر بثمن فاقتنصوها بذكاء وبسرعة وبجدار وهذا وقت الصرف لا البخل ووقت السرعة لا البطيء ووقت الذكاء لا الغباء وما ستشتريه هو أصلا عمل قائم ومجدي نفعا وذوو سمعة مرموقة ومكاسب مجزية ... والكويت لا تحتاج إلى حزم اقتصادية وتشكيل لجان بهدف منفعة أصحابها اجتماعيا أو سياسيا أو ماليا فالأمور واضحة جدا ولا تحتاج إلى عبقرية حتى تحسم الأمور بل الأمور تسير سير السلحفاة بسبب الفساد وسطحية العقول والبخل والحسد ... لديكم المال لكن تفتقدون إلى العقول الحقيقية ذات الذكاء العالي والأهم تملكون صدور الجبناء لا الشجعان وصدق من قال : السلاح بيد الجبان لا يرعب ... وبيدكم سلاح المال والإقتصاد لو عرفتم كيف تستخدمونه لكان الحال غير الحال ... فاصنعوا مجد وطنكم وأرضكم وشعبكم لا مجد شخوصكم فأنتم جدا أقزام أمام وطنكم الذي بسببه لديكم كرامات تتباهون بها أمام العالم ؟






دمتم بود ...


وسعوا صدوركم