2020-03-01

الشخصانية في الفكر والتحليل والفعل ؟


الشخصانية أو "Personalism" هو مصطلح في الفلسفة يختص بتحليل شخصية الإنسان وكيفية التعامل مع محيطه وبيئته ... والغرب بشكل عام لو راجعت اكتشافاتهم وأبحاثهم وما وصلوا إليه فعليا من تقدم ونهضة أكبر حتى من نهضة الفراعنة والآشوريين والبابليين والروم والإمبراطورية الصينية وبلاد الأندلس وزمن العباسيين وغيرها ... هؤلاء الغرب قبل 100 سنة بدؤوا فعليا بالتقدم وحصدوا نتائج نجاح أبحاثهم وتجاربهم حتى أصبحت اليوم كل البشرية تقلدهم أو تعتمد عليهم ... لكن لا أحد بحث في الغرب أنفسهم كيف فكروا وكيف يفكرون فلديهم عقول ولدينا عقول وبدنيا نحن وهم متساوون وعقليا نفس الخلق لكننا هنا مختلفون فهم استخدموا عقولهم ونحن كرهنا أن نزعج عقولنا ... يا سادة الغرب عندما يريد أن يفكر في مسألة في التاريخ فإنه يركن كل تربيته وبيئته وعلمه ومعتقداته وأديانه وينقل نفسه إلى عالم الماضي ويبرمج عقله كأنه أحد أفراد تلك الأمم ... لأن الأمر ببساطة ما تراه أنت محرما في الماضي كان مباحا وما تراه أنت غير ممكنا ففي الماضي كان ممكن وما اظنه أنت مستحيلا ربما كان في الماضي واقعا ... وهذه مشكلتنا أننا عندما نريد أن نفكر نفكر بمنظورنا نحن وبعقليتنا نحن وبمعتقدنا نحن وبشخصيتنا نحن لا بعقل وشخصية الآخرين ولذلك ليس أمرا مستغربا على الإطلاق أن نرى علماء الطب النفسي في الغرب يفوقون كل أطباء علم النفس العرب بسنوات ضوئية ... والمسألة أيضا لا تحتاج إلى عبقرية في فهم الأسباب وأقلها أن علماء طب النفس وتحليل الشخصية يواكبون ويتطورون ويطورون ويبحثون ويحللون وإن كانت بمجهودات شخصية فردية دون دعم حكومي ... مما أدى ذلك إلى وجود صورة أكثر من رائعة في علم النفس في الدول الغربية أجبر مراكز الأبحاث والممولين في القطاع الخاص و الحكومي من أن يدخلوا في تلك الأبحاث وانتقاء أفضل عقول علماء في هذا المجال ؟ 

في الكويت أقرأ الكثير والكثير جدا فلا أجد إلا الشخصانية الصرفة في التعاطي مع الواقع السياسي والإقتصادي والإجتماعي ... شخصانية واضحة لا تقبل الشك أو اللبس مما يدل على أن العقول غائبة والحقائق محجوبة عنها لأنها أصيبت برمد الشخصانية فحجب الحقيقة عن الرؤية فأصبحت ضبابية ... وعندما تتسيد الشخصانية فوق الرؤوس فمن الطبيعي أن ترى التخبط في الفكر في القرارات في التوجهات لتحدث الفوضى التي يشاهدها الجميع اليوم ... وعلى سبيل المثال عندما تجلس مع مجموعة وتطلق رأيك في مسألة ما فيسخرون منك أو يحتجون على رأيك فإنهم يتوقعون منك فورا أن تبادلهم نفس السخرية ونفس الإحتجاج ... لكن لو قلت لهم "حسنا هذا رأيكم وأتقبله وأحترمه لكني لا أتوافق معه" هنا وكأنك فجرت بالون هواء في وجوههم لأنهم تعودوا أن يرفضون وترفض ولغة الجدال التي تستنبطها عقول الآخرين بانعكاس الشخصية تلقائيا ... بمعنى لو دخلت في جدال أو نقاش في مسألة ما تلقائيا يجب أن تكون مستعدا للتهم المسبقة التجهيز لك "جاهل - ليبرالي - شيعي - سني - ملحد - إلخ" لماذا ؟ لأن المجتمع تعود على الشخصانية في الفكر والفهم والتحليل ... مجتمع وبيئة لم تتعود أن ينسلخ أحد أفرادها من محيطه ليصنع فكرا جديدا وغير مألوفا عليهم فهم تعودوا أن المحيط شبه متوافق فإن استنكر الكبير يجب أنت أن تستنكر وهذه الجهالة بعينها ... وما أتحدث عنه هو أحد أسباب "صراع الأجيال" بمعنى والدك أو والدتك لا تستطيع أن تفهم طبيعة الإبن أو الإبنة لأن حدث تغير في تطور الحياة واكبه الشباب وجلس الكبار ينظرون إليه وينتقدونه لأنه لم يعجبهم ... والإنتقاد تلقائيا يجب أن نفهمه أنه انتقاد شخصاني صرف لأن لا الكبار ولا الشباب من أبنائهم كان لهم يدا في هذه التكنولوجيا المجنونة لكن هناك من واكبها وفهمها وهناك من رفضها أو رفض بعضها ... وبالتالي نسقط كل ما سبق على واقع كارثي الكل يعرفه عز المعرفة وهو أن البيئة والمجتمع يرفضون تصديق أن الإنسان يمكن أن يتغير وقابل للتغيير الحقيقي وقابل للتطور ... مثل رجلا كان عربيدا منحرفا لكن هداه الله وعندما يستنكر أمرا يجد من يذكره بماضيه عندما كان سكيرا وزير نساء مع أن الماضي ليس له دخل في المسألة لكن الشخصانية دائما ما تكون حاضرة ؟

ليس لك الحق بالحكم على الآخرين وليس لك سلطة جلب الماضي ووضع الحساب والعقاب على الآخرين لأنك أنت لديك ماضي وكل منا له ماضي ... ومن يعيش في ذكريات الماضي ويتندر عليها تلقائيا يجب أن تفهموا أنه لا يعرف كيف يعيش الحاضر وسوف يتيه توهان الضياع في المستقبل ... ولذلك لا يجب أن تدخل في نقاش مع كائنا من يكون وأنت بطبيعتك تستلذ بالشخصانية ولن تستطيع فهم مدركات ما يحدث وأنت قلبك وعقلك مملوئين بالأحقاد والجهل وستفشل فشلا مؤكدا لا يقبل الشك أو اللبس في محاولة فهم أي حقيقة كانت ... فالغرب عندما يعملون ويفكروا ويبحثون ويتقدمون ليس من عجائب الدنيا هم فقط ركلوا الشخصانية ولا يعنيهم ما هو دينك أو عقيدتك أو توجهك الجنسي أو ميولك الفكرية فهم فقط ينظرون ماذا ستصنع وماذا ستقدم أما حياتك الشخصية فهي ملكك وحقك لا أحد له أي حق بأن يسأل أو يتدخل وحياة العالم الألماني الأمريكي اليهودي "ألبرت أينشتاين" مثالا واقعيا على ما أتحدث عنه ... وافهموا أنكم من سابع المستحيلات أن تنشط عقولكم وتفكر بالشكل الصحيح طالما الشخصانية أنتم خاضعون لها كالعبيد فهي مرض نفسي يأكل صاحبه دون أن يشعر ويصنع منه السخرية دون أن يعي ... وسيجني عداوات ليس لها أي ضرورة إلا أن الرجل أو المرأة الشخصانيين هم حمقى يتجولون بيننا يتحدثون بجهل ويثرثرون بسفاهة وسيموتون دون أن يتركوا أي أثر طيب ودون أي بصمة تستحق الذكر ؟




دمتم بود ...



وسعوا صدوركم