2022-03-16

التاريخ يصدمكم عن دولكم وشعوبكم ؟

 

عندما يقرأ الكثير منكم عن الأحداث التاريخية سواء التاريخ الإسلامي أو المسيحي أو التاريخ السياسي للدول والشعوب والحضارات ... يقع الكثيرين منكم في خطأ وأظنه خطأ مألوف وفي نفس خطأ واسع النطاق بحكم أن القارئ يذهب بخياله فيعتقد أنه قد لامس الحقائق بصورة صنعها في خياله المتواضع وفق ما يقرأ من سيرة الماضي ... فيعتقد أن بغداد اليوم هي نفسها بغداد قبل ألف سنة ومدينة حلب أو دمشق اليوم كما هي قبل 800 سنة والكويت اليوم مثل الكويت قبل 200 سنة والعاصمة السعودية الرياض اليوم هي نفس مدينة الرياض في سنة 90 وهكذا ... لكن الحقائق التاريخية وتقديرات خبراء الأمم المتحدة من المتخصصين في التاريخ البشري منذ سنوات طويلة وقد أظهروا تقارير وحقائق عن تاريخ الجنس البشري ... ففي سنتنا هذه 2022 تجاوز تعداد البشرية بأكثر من 8 مليار نسمة لكن في سنة 1900 ميلادية كان إجمالي تعداد البشرية كافة هو مليار و 650 مليون نسمة فقط ... أي خلال 122 سنة فقط زاد تعداد البشرية بـ 6 مليار و 350 مليون نسمة ... وفي سنة 1500 ميلادية كان تعداد البشرية كافة يتأرجح ما بين 450 - 500 مليون نسمة فقط ... وفي سنة 500 ميلادية = 127 للهجرة كان تعداد البشرية كافة ما بين 200 و 210 مليون نسمة ... وبالتالي يجب أن يفهم ويعي الجميع بأنه عندما يتحدث التاريخ عن بغداد فهي وقتها ذات مساحة صغيرة جدا وكأنها منطقة سكنية واحدة من مناطقكم الحالية بل وأقل من مساحة منطقة ... ودمشق كمنطقة سكنية وعدن وسبأ ومصر القديمة ولو جمعتهم جميعا فإنهم لا يكملون مساحة محافظة واحدة في الكويت ... وبالتأكيد هذا ليس استهزاء أو استحفاف لكنه واقع التاريخ القديم بمقارنة مع التعداد السكاني وبدائية الحياة قديما ... فيتصور الكثيرين منكم لو نطق إسم بغداد القديمة دار السلام أو دمشق غرناطة العرب أو حلب الشهباء وغيرها فيعتقد القراء بأن في ذاك التاريخ القديم كانت مدن كبيرة وعملاقة وكثافة سكانية ضخمة وهذا بالتأكيد غير صحيح بالمطلق ... ومن المهم بمكان أن نصل إلى قناعات وبمقارنة مع التعداد السكاني الضعيف قديما بأنه يعني هناك أكثر من 90% من مساحة اليابسة كانت خالية من السكان ومناطق كثيرة لم تكتشف بعد آنذاك ... بعكس اليوم الذي تسيطر دول العالم وشعوبها على كامل مساحة اليابسة ومع ذلك اليابسة غير مستغلة وحتى حاليا بتعداد الـ 8 مليار نسمة لم تستغل اليابسة إلا ما نسبته لا تتجاوز 20% فقط من إجمالي اليابسة على الكرة الأرضية ؟

التعداد السكاني لدولكم 

ما بين سنة 1900 و 1907 ميلادية كان تعداد البشرية الإجمالي هو مليار و 750 مليون نسمة ... أما دولنا فهي كالتالي : الكويت = 40 ألف نسمة - نجد والحجاز وحضرموت واليمن = 4 ملايين و 218 ألف نسمة - مصر = 9 ملايين نسمة - العراق = مليون و 300 ألف نسمة - الدولة العثمانية 20 مليون و 800 ألف نسمة - سوريا = مليون و 200 ألف نسمة - عُمان ومسقط = 500 ألف نسمة ... وكانت الدول الأكثر تعدادا في تلك الحقبة الزمنية هي : الصين = 416 مليون نسمة - الهند = 289 مليون و 606 مليون نسمة - روسيا = 151 مليون نسمة - أمريكا = 87 مليون نسمة ؟

ثقافة أسوار المدن في تاريخنا 

لا يوجد تاريخ محدد لثقافة صناعة الأسوار حول المدن لكن من الثابت من خلال الرحالة والمرخين والأثار الباقية والصور التاريخية النادرة أنه كانت هناك أسوارا ... والسور هو عبارة عن جدار يحيط ويطوق المدينة بأكملها وللسور بضعة أبواب للدخول والخروج وتلك البوابات كان لها أقفالا ومفاتيح خاصة بها ... وجاءت فكرة الأسوار كحماية لأهل المدينة من الحروب والغزوات واللصوص منذ آلاف السنين ... وقد جرت العادة أن الدول والمدن الإستراتيجية كانت تسقط إما بحصارها لأشهر طويلة أو باقتحام بواباتها أو بهدم أسوارها ... والثابت أيضا من التاريخ السياسي أن الحاكم المهزوم أثناء خروجه من مدينته أو الملك المستسلم طوعا كان يجب أن يقدم للمنتصر مفتاح دولته أو مدينته ... وهذا ما جرى عندما غزى هولاكو بغداد والشام وأيضا عندما تساقط ملوك الأندلس واحدا تلو الأخر ... ولا توجد مدينة إلا ولها أسوارا عالية تحميها كما كان في مصر والعراق وسوريا ومكة والمدينة والكويت وجدة والرياض وتونس والمغرب في كل مكان من العالم ... وفي كل دولة كانت هناك مدن تحميها أسوارا وقلاعا حصينة وأكبر سور حصين في التاريخ البشري كان "سور الصين العظيم" الذي تم بناؤه في 204 قبل الميلاد ... والتاريخ البشري بطبيعته ومنذ آلاف السنين عاش على الغزوات أمة تغزو أمة وقبيلة تغزو قبيلة حتى تكونت الإمبراطوريات التي أنشأت حضارات تاريخية عريقة ... وحتى تكون لديك دولة أو كيان سياسي لابد أن تكون لديك مدينة وشرط المدينة أن تكون ذات أسوارا حصينة ونشاط تجاري واتفاقيات بين جيرانك وتحالفات قريبة وبعيدة والأهم أن تكون لديك القوة والمال ... ولا تهم مساحة مدينتك فالجميع بدأ صغيرا ثم بفعل الغزوات والفتوحات تحول الصغير إلى عملاق والعملاق إلى إمبراطورية تتحكم حتى بالممرات المائية ... وسبب خروج الناس من داخل السور إلى خارجه فرضه واقع الزيادة السكانية والطفرة الإقتصادية بنشاط الأسواق وتوسع المخازن وإنشاء الموانئ والطلب المتزايد على إنشاء المنازل ... أما مساحة الدولة فكانت قديما هي حدود أسوارك ثم أسوار مدن وقلاع أخرى تابعة للدولة الأم ثم التوسع إلى مساحات شاسعة من ضم القلاع والحصون ووضع على رأسها من يوالون للدولة الأم وسلطانها أو حاكمها أو امبراطورها وهكذا ؟


أسوار الكويت 



أسوار مدينة جدة والرياض



أسوار مدينة بغداد 



أسوار مكة المكرمة والمدينة المنورة



أسوار وقلاع وحصون أوروبا التاريخية



أسوار دمشق 






دمتم بود ...


وسعوا صدوركم