2021-04-28

فكشفنا عنك غِطائك فبَصرُك اليَوم حَديد ؟

لا تموت نفسا إلا وترى ما لا يراه الأخرين من الأحياء من حوله والموت هي حالة من انتقال الإنسان من حالة ووضع إلى حالة ووضع أخر مختلف كليا بنسبة 100% ... والحالة التي أقصدها هي انتقال الإنسان من حياة الدنيا إلى برزخ "حاجب - حاجز" لوضع أخر يعتبر كل ما فيه من خوارق والمعجزات التي ليس لها علما ولا تفسيرا ولا فهما ولا إدراكا تتحول فيه إرادة المخلوق إلى حالة من ألا إرادية أو مسلوب الإرادة تماما ... بمعنى في حياتك أنت تتحكم بعقلك بتصرفاتك بأفعالك وصولا إلى حديثك وإيماءات الوجه وحركات الإشارة لكن فيما أتحدث عنه تنتهي إرادتك وقوتك بنسبة مطلقة كاملة فتصبح مُسيّرا دون إرادتك ... ومن نِعم ربنا سبحانه وتعالى علينا والتي لا تعد ولا تحصى نذكر منها أن ربنا الحق سبحانه قد حجب عنا رؤية "الجن - الشياطين - الملائكة" ... لأنهم خلقا غريبا وعجيبا لهم قدرات تفوق قدرات الإنسان جملة وتفصيلا شكلا وقدرة وأعضاء وخوارق خرافية لم ولن يملكها الإنسان حتى قيام الساعة ... ومن فضل تلك النعمة أن ربنا سبحانه اللطيف والودود بنا حجبها عنا حتى لا يفقد الإنسان عقله وصوابه من هول قدرات خلق غيره ... وفي نفس الوقت حتى لا تضعف البشرية فتؤمن جهلا وغباء بخلق أخر غير خلقهم "الجنس البشري" لأنه بالرغم من تلك النعمة بحجب ربنا سبحانه عنا "الجن - الشياطين - الملائكة" لا يزال الإنسان يستمتع بالجهل ... وإثباتا أخر على جهل الإنسان "بغالبيته" فانظر عدد الملحدين في العالم والذين تجاوزت أعدادهم أكثر من 2 مليار نسمة ما بين "ملحد ولا ديني" ... ناهيكم عن مئات الملايين التي تؤمن بالجن وبالشياطين وبسحرهم وخزعبلات التقرب والطلب من الأموات والتوسل إليهم ؟
إن خوارق الأمور والتي عرّفها ربنا سبحانه في كتابه الكريم بأحداث يستحيل العقل البشري ولا العلم البشري حتى قيام الساعة أن يخرج لها تفسيرا علميا أو منطقيا والتي أطلق عليها "المعجزة والمعجزات" ... تلك من نقاط الخلاف بين أهل العلم وأهل الدين فأهل العلم منطقيا لا يقبلون إلا ما هو له تفسيرا "فيزيائيا + كيميائيا + طبيا" ورجال الدين يؤمنون بخوارق الأمور من معجزات ورد ذكرها في القرآن الكريم ... والمشكلة هنا ليس أن تصدق أو لا تصدق لأن الأصل يكمن في فارق الزمن الذي يتجاهله أهل العلم والبحث والتحليل ... ففي زماننا هذا نحن نعتبر أكثر أمة بشرية في كل التاريخ البشري تعيش في ترف الحياة والتكنولوجيا والتطور الخرافي الذي من سابع المستحيلات أن تصدقه الأمم السابقة ... بمعنى لو اليوم بملابسك وبسيارتك وبهاتفك الذكي وبمحفظتك وكأنك خارج للنزهة أو إلى العمل وفجأة نقلتك إلى 600 سنة فقط إلى الوراء إلى تلك الأمة سواء عربية أو حتى غربية ... بالتأكيد ستصبح أنت أهم شخصية في زمانهم بل أهم من الملك أو الحاكم أو أمير المؤمنين وخليفة المسلمين ... لأنك ظهرت لهم بلباس غريب ومركبة غريبة وأدوات اتصال غريبة لم تخطر في بالهم ولا 1% لا هم ولا علمائهم في زمانهم ... وبالتالي أنت بالنسبة لهم وفق علمهم أو عقيدتهم أو منطقهم أو افتراض الطبيعي لديهم أنك إما وحي من السماء نزل إليهم أو خلق من الفضاء أو الشيطان بذاته ... والكل دون أي استثناء سيتقاتل عليك من أجل امتلاكك لفهم المعجزات التي بين يديك أنت مع أنك في زمانك 2021 تعتبر إنسانا عاديا طبيعيا تمتلك أمورا عادية وطبيعية ومنطقية لكن لدى الأمم السابقة فأنت معجزة خارقة للعادة ليس لها أي تفسير علمي ولا منطقي ... انظر هذا فقط ظهورك لهم دون أن تفعل شيئا لأمم ماضية قبل 600 عام فما بالك لو حدثتهم عن التاريخ الذي قرأته وتقول لهم سيحدث لكم كذا وكذا وكذا وسيموت الحاكم بكذا وتلك الأمة ستتمزق إلى كذا وكذا ... دون أدنى شك سيقتلونك لأنك ستعتبر لديهم شيطان أو فتنة نزلت حتى تفتن الأمة وتفرقها ... خيال مجنون أسقطته لكم حتى تتفتق عقولكم لفهم واقع الكثير مغيب عنه أو لا يريد أن يبحث فيه ؟
الحقيقة هي أن كل حياتنا في دنيانا بكل صراعاتها وأحقادها ومحبتها وعشقها هي مجرد لحظات وبضع دقائق أو بضع ثواني تفصلك عن "البرزخ" الحاجز الذي تدخل إليه ولا تعود له مرة أخرى ... فحق على كل إنسان أن يرى ملك الموت بهيئته مرأى العين ويشاهده كما يشاهد نفسه وثوبه ولو كان مريضا على الفراش ولو كان في غرفة العمليات ولو كان في غيبوبة لأنها كلها لحظات دنيوية لحظية وفق عقلك أنت وعلمك أنت ومنطقك أنت ... لكن في أقدار الله سبحانه في الحياة الأخرى فالأمر كليا مختلف اختلافا تقف البشرية بعلمها عاجزة أمامه وبالتالي ملك الموت تشاهده يعني تشاهده ... وتلك اللحظة هي التي قصدها ربنا سبحانه في سورة ق { فكشفنا عنك غِطائك فبَصرُك اليَوم حَديد } والحديد المقصود ليس المعدن بل شدة وقوة بصرك الذي ستتمتع به لبضعة ثواني ... ولذلك يصعق الظالمون والملحدون والمفسدون في الأرض من هول المشهد فيكتشفون وقتها أنهم كانوا على خطأ فهما واعتقادا وطغيانا وإسرافا ... والموت هي صفة تعريف جسدية لبني البشر في دنياهم لا أحد جربها ولا أحد عانى منها ولا أحدا عاد ليخبرنا كيف كان شعوره "الحسي والعضوي" في هذه المسألة ... والعلم "الطبي والفيزيائي والكيميائي" يقفون عاجزين أمام منع موت الإنسان أو حتى إطالة عمر الإنسان ... وتلك قدرة ربكم سبحانه التي تتجلى فوق كل وأي شيء ليخبر الله عباده بحقيقة وردت نصا في سورة الإسراء { وما أوتيتم من العلم إلا قليلا } ... والحمدلله أن آتانا من العلم الشيء القليل وإلا لفسد الإنسان كثيرا وسبحان ربكم الصابر على فساد وظلم وجور وطغيان وغرور عباده ؟





دمتم بود ...