2021-06-27

جوازات السفر ما بين الإستثمار والسيادة ؟

 

هناك ملايين الأفراد مصابون بداء السفر والترحال بمعنى أن هناك نوعية من البشر متعتهم أن يكون لديهم في كل وطن ودولة صديق ... كما أن هناك الملايين من لديهم القدرة على السفر لكن جواز سفر دولته لا يمكنه من السفر بسبب تصنيف دولته عالميا من حيث السمعة أو الإشتراطات والمعايير ... لكن ما بين 10 و 20 سنة الماضية طرأت تغيرات بشأن جوازات السفر حيث أصبحت دولا تتخذ من جنسيتها وجواز سفرها بوابة جديدة للإستثمار ... فهناك عقلين يحملون وجهات نظر مختلفة ومتضاربة فالعقل الأول يتحدث عن سيادة الدولة وأن لا ينتسب لها من ليس من أبنائها ... والعقل الثاني يقول لا أمانع أن يأتي شخص من أي مكان من أي ديانة من أي توجه ويحصل على جنسية وجواز بلدي فأفضّل أن يأتي شخص ويدفع الأموال في صندوق حكومتي على أن يأتي لاجئ متحايلا فيسرق جواز بلدي بالتحايل على قوانين الهجرة واللجوء لدينا ... وكلا الرأيين لديهم الحق في وجهات نظرهم ولا يمكنك أن تسخّف من أحدهما لأن واقع السياسة يقول لك "أنتم تحدثوا ونحن من نقرر" بمعنى منحك حرية الرأي لكن ليس لديك سلطة القرار ... لكن بالفعل اليوم هناك مئات الآلاف من طلبات الحصول على الجنسية والجواز في دول كثيرة بدوافع تتنوع ما بين الهجرة أو اللجوء "السياسي أو الإنساني" أو الإستثمار ... واقع لا يمكنك أن تنكره أو تتجاهله ولا يعني أن الأمر ليس في بلادك فهذا يعني أنك لست معني كطرف أساسي أو حتى من باب الثقافة العامة ... ففي بلدك "العربي – الغربي" تمنح الجنسية والجواز بشكل يومي وأسبوعيا وشهريا لكن دون أن تعلم أنت لأنك لست معنيا بالأمر فلا أنت صاحب المعاملة ولا أنت السلطة ؟

في الكويت وهي الدولة الصغيرة جدا والثرية جدا تحتضن "مجتمع عنصري" وهذه حقيقة بكل أسف وواقع عليه أدلة ... بدليل إصدار "قانون الوحدة الوطنية" الذي صدر في 2012 وفق القانون رقم 31/1970 وتعديلاته في 2012 التي نصت : كل من حرّض كراهية أو ازدراء أي فئة من فئات المجتمع أو إثارة الفتن الطائفية أو القبلية أو نشر الأفكار الداعية إلى تفوق أي عرق أو جماعة أو لون أو أصل أو مذهب ديني أو جنس أو نسب أو التحريض على عمل من أعمال العنف لهذا الغرض أو إذاعة أو نشر أو طبع أو بث أو إعادة بث أو إنتاج أو تداول أي محتوى أو مطبوع أو مادة مرئية أو مسموعة أو بث أو إعادة بث إشاعات كاذبة تتضمن ما من شأنه أن يؤدي إلى ما تقدم ... أما عقوبة ذلك فهي : يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على 7 سنوات وغرامة لا تقل عن 10 آلاف دينار ولا تزيد على 100 ألف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين ويُحكم بمصادرة الوسائل والأموال والأدوات والصحف والمطبوعات المستعملة في ارتكاب الجريمة وتضاعف العقوبة في حالة العودة مرة أخرى ... في دولة صغيرة تحتضن عنصرية وميزة التنمر الواسعة سهل رصدها من خلال مواقع التواصل الاجتماعية بالتأكيد لن توافق على بيع جوازات سفرها من باب الإستثمار وبالتأكيد هذا حق لكل وأي فرد يملك مواطنة الدولة ... لكن علينا أن نسأل أنفسنا ونفكر مليا وجليا : ما الذي جعل دولا أكبر منا في الخليج أكبر منا وأغنى منا ومتقدمة كثيرا جدا علينا من أن تنتهج سياسة "الإستثمار في الجنسية والجواز" ؟ ... يجب أن تبحث ويجب أن تفكر ويجب أن تحلل للوصول إلى فهم تلك الأسباب بمنح الجنسية وجواز السفر لغير أبناء البلد ؟ وما هي الأسباب التي أدت إلى أن يتزاحم اكثر من 20 مليون نسمة سنويا ويدخلون في برنامج "الإقامة الدائمة - Green Card" في أمريكا ولا يفوز فيها سوى 50 ألف مشترك في البرنامج فقط ؟ ... لا أنت وطني أكثر منهم ولا أنت حريص أكثر منهم لكن كل دولة وكل مجتمع ولديه فكره وثقافته العامة ومبادئه وقيمه ؟

في 2021 حل جواز السفر الكويتي المرتبة 57 عالميا ويحق لحامليه بأن يسافروا إلى 94 دولة دول العالم من أصل 196 دولة ... 54 دولة بدون "فيزا - تأشيرة" و 37 دولة يُمنحون "فيزا - تأشيرة" في المطار عند الوصول وبذلك تعتبر جواز السفر الكويتي متوسط القوة والمزايا وليس عالي وليس بدرجة ممتازة ... وفي مقارنة مع جواز السفر الياباني فهو مصنف عالميا بأنه جواز السفر رقم واحد من حيث قوته فهو يتيح لحامليه السفر إلى 196 دولة 142 دولة بدون "فيزا - تأشيرة" و 44 دولة "فيزا - تأشيرة" عند الوصول في المطار ... مع أن كل وكالات السفر وشركات الطيران تؤكد أن أسوأ ركاب الطائرات هم بالدرجة الأولى والثانية والثالثة جميعهم أجانب وليس عرب ... وبالمناسبة فإن الحصول على الجنسية وجواز السفر الياباني يعتبر متشدد جدا وصعب جدا ويستلزم الإقامة لمدة 10 سنوات أو الزواج من يابانية وشرط أن تتنازل عن جنسيتك الأصلية وجواز سفر بلدك حتى يتم منحك الجنسية والجواز الياباني ؟

قبل 7 أو 10 سنوات ظهر جواز "سانت كيتس ونيفيس" ذات الموقع في البحر الكاريبي الذي يتوسط أمريكا الشمالية والجنوبية ... فظهر بشكل لافت بمنح الجنسية وجواز السفر دون الحاجة للذهاب إليهم ودون الحاجة للإقامة فقط يريدون بياناتك الحقيقية وبمبلغ يتراوح ما بين 30 و 40 ألف دينار كويتي = 132 ألف دولار أمريكي ... وتأخذ المعاملة إجراءات تتراوح ما بين 8 أسابيع إلى 4 أشهر ثم تصل إلى باب منزلك في وطنك الوثيقة الرسمية للمواطنة وجواز السفر الحقيقي الرسمي ... وميزة هذا الجواز أن الحصول عليه سهل للغاية شرط أن تملك المال ومن ثم تبرز ميزة هذا الجواز بأنه يمكنك للسفر إلى أكثر من 142 دولة بدون تأشيرة بما في ذلك دول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا ... بالإضافة إلى دول تمنحك جواز سفرها وجنسيتها سريعا وتملك قوة جوازات سفرها قوة السفر لـ 130 دولة وأكثر مثل "أنتيغوا وباربودا - دومينيكا - تركيا - سانت لوشيا - غرينادا" ... وما بين السادة والإستثمار يبقى الهاجس الأمني هو الأول في فتح أو منح الإستثمار في الجنسية وجوازات السفر والحفاظ على سمعة الدولة من الإرهابيين وتجار "غسيل الأموال - الإتجار بالبشر - تجار المخدرات" وغيرها من أنواع التجارة القذرة ... لكنك اليوم وفعليا إن كنت تملك المال فسهل الحصول على أي جنسية وجواز سفر أوروبي وأمريكي ودول جنوب أمريكا وكندا وأستراليا والكثير من دول العالم ... لكن ما يمنع ذلك هو أن كل دولة ولها سعرها لجنسيتها وجواز سفرها وليست مسألة سيادة بالدرجة الأولى كما يتصور الكثير منكم ... ولذلك هناك مئات الآلاف من مواطنين دول الخليج يملكون جوازات سفر وجناسي متعددة لدول أوروبية وأمريكية وكندية وغيرها وبالتأكيد دون علم دولهم وحكوماتهم ... مثل السعودي الذي يملك جنسية كويتية والكويتي الذي يملك جنسية بريطانية والإماراتي الذي يملك جنسية كندية وهكذا ؟





دمتم بود ...



وسعوا صدوركم