2021-06-13

الأسياد يتصارعون والعبيد يُسحقون ؟

 

الطبيعة البشرية تختلف عن الغريزة البشرية فالطبيعة مصدرها ما عرفه الإنسان وما تعود عليه وما آمن به من فكر ومعتقد فتتحول مع مرور القرون إلى طبيعة بشرية ... ومن أمثلة الطبيعة البشرية "الطمع - الجشع - عشق المال - حب السلطة - جنون الشهرة - الكذب والنفاق" وكلها تعتبر نزعات سلوكية مصدرها تطور الطبيعة البشرية ... أما الغريزة البشرية فهي التي تُخلق وتُولد مع ولادة كل وأي إنسان سواء كان ذكرا أو أنثى وهي غرائز يستحيل أن يقاومها الإنسان لأنها خلقت بالأساس معه ... لكنه يستطيع تنظيم تلك الغرائز وصولا إلى تنظيمها من الناحية العقلية ومنها "الخوف - الشجاعة - الجنس - حب الحياة - الخوف من الموت - الرعب من الكوارث والنار والقتل" إلخ ... وما بين الطبيعة والفطرة البشرية كشفت مئات الملايين من البشرية أن طبيعتها مسالمة لدرجة الخضوع الطوعي نجاة بأنفسهم من أي أذى وفي الجهة الأخرة كشف الطبيعة والفطرة البشرية مئات الملايين أن طبيعتها شجاعة ... ولذلك يخبرنا التاريخ البشري كيف الشجاع استبدّ بالجبان وكيف تصام الجبان مع الجبنان والشجاع مع الشجاع ... وبعيدا عن ترهات وخزعبلات "علم الإنسان - الأنثروبولوجيا" الذي يعتمد على الكذب والخيال والنظريات دون يقين أو إثبات أو دليل عليها ... فإن التاريخ البشري المسجل يخبرنا أن الإنسان عرف الحرب والحروب "تقريبا" قبل أكثر من 7.000 سنة قبل الميلاد و 10 آلاف سنة حتى زمانكم ... وعدد حروب ومعارك تجاوز عددها الآلاف حصدت أكثر من 500 مليون نفس بشرية ... وفي علم وتحليل الواقع تثبت الكثير الكثير من الأدلة التي لا تقبل الشك أو اللبس أن "الإنسان كائن غبي" بفعله وممارسته وليس بخلقه وتكوينه ... لأن أصل خلقه خلق بعقل مكتمل ليفهم ويعي الصواب من الخطأ والحق من الباطل لكن ظل الإنسان يعيش في صراع ما بين غريزته وطبيعته ... وأسهل دليل وأقرب مثال أضعه بين أيديكم هو سواء قديما أو حديثا انظروا إلى جنون الإنسان في كل اتجاه يتعارك يصنع الأزمات والحروب والخلافات ويعشق المال والسلطة والشهرة وهو يعرف أنه ميت لا محالة ولن يأخذ شيئا معه ... فلأجل ماذا حاربت وخالفت وقاتلت وعلى ماذا أهلكت نفسك وصحتك وضيعت سنين عمرك وفي النهاية أنت ميت ميت ولو كان من خلفك جيش تعداده مليار ولو ملكت 100 ترليون دولار فالحقيقة ثابتة الموت قادم أيا كنت ومهما ملكت من مال ؟

إن غباء الإنسان تتحكم به جيناته الوراثية أو البيولوجيا فالجبنان لا يخلق إلا جبانا هذا في فهم العلم قديما وكانت بمثابة "معايرة أزلية" من ناحية الأب والإبن ... حتى خرج العلم وتطوره فقلب المعادلة فأثبت أن الخوف والجبن حتى تنجب جبنان بنسبة 100% يجب أن يكون الأب والأم يحملون نفس الطبيعة ونفس الغريزة أي كلاهما جبانان ... لكن إن كان الأب جبنان والأم شجاعة أو الأم جبانة والأب شجاعا فلا يمكنك أن تتنبأ بالطفل القادم هل سيكون جبانا على الأب وشجاعا على الأم والعكس صحيح ... وتستطيعون بسهولة في زمانكم هذا أن تقيسوا ما أتحدث عنه من خلال أسركم وحللوا أخواتكم أو أبناء عمومتكم كل شخصية على حدة من خرج على والده ومن خرج على والدته أي من المختلف ومن المتفق ... ينسحب على كل ما سبق مسألة "الأسياد والعبيد" وهي مسألة ليست مرتبطة بلون البشرية منذ الأزل لكنها مرتبطة بالطبيعة والغريزة البشرية ... فهناك مئات الملايين من العبيد والجواري البيض وهناك مئات الملايين من العبيد والجواري السود ... ليعود المشهد الثاني من غباء الإنسان في تكرار حدث ووقع ملايين المرات ولا يزال أن هناك "أسيادا وعبيدا" حتى لو خالفت الأديان والشرائع السماوية يبقى إصرار الإنسان الذي يعشق الجهل ويستمتع بالغباء ثابتا وواقعا مأساويا ... ليس هذا فحسب فمن سخرية الأقدار أن حتى في قلب دائرة العبيد حدث ويحدث وسيحدث صراعات يشيب لها الولدان من هول جهلها وتفاهتها ... فلا تستعجب من صراع العبيد الذي يتمحور "سيدي أفضل من سيدك" و "سيدي أقوى سلطة أو مالا من سيدك" ... فيستمر مشهد "الإنسان الغبي" سواء كان سيدا أو عبدا فلا هذا قرأ ولا تعلم من التاريخ ولا ذاك اقتنع بقبور أسياده من سبقوه ... ولا العبيد فهموا أنهم مجرد أحذية لا بل الحذاء له قيمة لأنه يقي قدم الإنسان من الضرر والوسخ لكن العبيد يستمتعون بقذارة طبيعتهم التي احتضنوها بحب وبعشق ... فلا هذا تعلم ولا ذاك ولا تتصوروا أن مسلسل "العبيد والأسياد" قد انتهى بل هو قائم منذ آلاف السنين وحتى في زمانكم هذا ... فخلق الإنسان ضعيفا لكنه لم يُخلق غبيا بل هو من اختار أن يكون غبيا ساذجا بعدما تحكمت فيه غرائزه وطبيعته البشرية فظن الحر بأنه عبدا وظن العبد أنه حرا ... فلا أحد يقرأ ولا أحد يتعظ ولا أحد يريد أن يستوعب وهذا سبب الفوضى في زمانكم هذا "إلا من رحم ربي" ... وها هي القبلية والطائفية والعنصرية بيارق الجهل والسفاهة والحماقة ترفرف فوق رؤوس الكثيرين فلا حرب يتقون منها ولا شتات ولجوء يتعظون منه ولا حتى وباء جعلهم يراجعون أنفسهم ... فعُذِر ربكم في الظالمين منكم فلا الجهل له عذرا عند ربكم ولا الحماقة لها مبررا والإنسان اليوم هو نفس الأنسان البارحة وقبل 100 و 1.000 و 10.000 آلاف سنة ... بل زمانكم هو أشد الزمان الذي سيكون فيه الحساب يوم القيامة لأنه زمان الترف والسهولة واليسر فيه في كمل شيء "سيارة - طائرة - مطاعم - فنادق - تكييف - أرقى المستشفيات" إلخ ... والأهم من كل ذلك أن الحقيقة والمعلومة تحت أقدامكم فيصر الإنسان على جهله وحماقته وسفاهته ورحم الله من اتعظ واتقى ربه وعلم وفهم نهايته ... وتبقى أطول مسرحية غباء عرفها التاريخ البشري وهي "الأسياد يتصارعون والعبيد يُسحقون" فما أكثر شعوب العبيد الذين يسحقون وما أكثر من يتصارعون من أسياد تلك الشعوب ؟



دمتم بود ...


وسعوا صدوركم