2020-05-17

أقربــــاء لكن على الــــورق فقط ؟


في عامكم هذا 2020 أصبح "في الغالب" لا يختلف اثنين من أن العلاقات الاجتماعية أصبحت هشـــة لدرجة ترقى أنه لا يصلح أن تطلق مصطلح "علاقات" من الأساس ... فالعلاقة تعني هو الإرتباط الوثيق فعلاقة العمل تختلف عن علاقة الأسرة وعلاقة الأسرة تختلف عن علاقة الصداقة وعلاقة الصداقة تختلف عن علاقة الزواج ... وهذا الإختلاف فرضه نوع وشكل العلاقة أي علاقة الدم تختلف عن علاقة القلب تختلف عن علاقة العقل وهذا التنوع من الإختلافات نتيجة طبيعية لسرعة الحياة التي أصبحنا نعيشها ... لكن ألــــم ما أتحدث عنه هو ألــــم موجع وكبير الكثيرين يكتمونه في صدورهم ولا يستطيعون أن يبيحون به لأن العادات والتقاليد جعلت البوح بالحقائق هي من المحرمــــات التي إن نطقت بها تكالب القوم عليك ... وإن كان للبيوت أسرار لا يعلمها إلا أهلها فبالتأكيد في قلب البيوت وفي قلب الأسرار هناك أسرار أيضا في نفس عقول تلك الأسرار في نفس البيوت ... وليس مستغربا على الإطلاق أن تقرأ أو تسمع أو ترى أبا سفيهـــا وأما مجرمـــة وأخا مستبدا وأختا رعناء وخالة نمّامة وعما فاسدا وخالا عفنا وقد لا تجد في الأسرة كل هؤلاء وقد تجد بعضهم ... والسبب بسيط وهو أننا جميعا بشرا نصيب ونخطئ ولا يوجد من يصيب دائما لكن يوجد من يخطئ دائما وحجم الإثم والجرم يعتمد على نوع الفعل وحجم الأثر الذي يتركه الفعل ... ولذلك لا عجب أننا وصلنا إلى يوما وسنة وزمن ابن الخالة لا يرى ابن الخالة الأخر إلا بعد سنوات وليس مستغربا أن الأقرباء يتبادلون الدعوات الرسمية عبر "الواتساب" ... وليس مستغربا أن يتبادل الأصدقاء التهاني والتبريكات على وسائل التواصل الاجتماعي والواتساب حالة من التفاهــــة والسطحية طغت على المجتمع بأسره سببت ضعفا كبيرا وضررا جسيما في العلاقات الاجتماعية ... بدليل أن الحزن على الأموات أصبح لا يتجاوز ساعات أو أقل من يومين وجزى الله خيرا ذوي المتوفي إن حزنوا عليه أسبوعا لا أكثر ثم ينسى للأبد ... والمرضى في منازلهم وفي المستشفيات ينالوا الاهتمام في البداية ثم الإهمال في النهاية حتى تصل الأمور إلى أن الأطباء هم من يبادرون بالإتصال بذوي المريض ليطلبوا حضور أحدهم للتوقيع أو للتصريح بمدى تطور الحالة ؟ 

قد ما أقوله ربما يزعج الكثيرين منكم لكنها الحقيقة أقولها وبكل أسف : يا سادة لم يبقى لديكم عزيزا في منازلكم إلا وطنكم "إلا من رحم ربي" ... ومن المؤسف أن الكويت لا يوجد فيها باحثين وأطباء في علم النفس من المستوى المطلوب بل لا يوجد فيها محترفين في علم النفس يرصدون ويبحثون ويكتبون وينشرون حالة تغير الأسرة والمجتمع ... لكن بما أني باحث فأنا على يقين مطلق من أن المجتمع الكويتي قد تغير كثيرا وبشكل دراماتيكي مرعب حاله كحال باقي المجتمعات العربية ... وما يحدث هو هروبا من الواقع وأصور الأمر وكأن الناس قد فتنت وضاعت في عالم الإنترنت فضعفت العلاقات الاجتماعية وأصبحت هشـــة لدرجة لا تستحق الإحترام ... وطالما أن الكل لديه مبررات فلا أمل ولا فائدة من النقاش والجدال فالكل يرى نفسه على حق وصواب والكل ليس مخطئ والكل يرى أن الخطأ مصدره الطرف الأخر وهكذا الأمر لن يعرف التوقف ولا النهاية ... فوصل حال الكثيرين إلى الكذب الاجتماعي وهي حالة أن يسألك صديقا عن حال أخيك فتخبره بأنه بألف خير وأنت أصلا لا تعلم عن أخيك شيئا وامرأة تُسأل عن حال أختها فتقول أنها بألف خير وهي أصلا لا تعلم عنها شيئا وهكذا ... وإن وجدت أسرة "ظاهرها" متماسكة فهي أسرة كاذبة لربما كانت الأحقاد والخلافات بين الأخوة كبيرة وعميقة لكنهم يلتزمون الصمت حتى لا تتفكك الأسرة ... وإن سأل سائل منكم هل ما أقوله هو على الجميع أو تعميم ؟ فالإجابة ليس في هذا الموضوع فحسب بل الحقيقة في كل المواضيع وهي أني رجلا "لا أعمم لا أعمم لا أعمم" ... لكن ما أتحدث عنه هو واقع وموجود بل ومنتشر بشكل خرافي بدليل كثيرا من الناس عندما سقطوا لم يقف معهم الأقرباء بل الغرباء وكثيرا ممن سقطوا لم يقف أحدا معهم على الإطلاق والقليل ممن وقف معهم أقربائهم ... تلك حالة اجتماعية هتكت سترها وأخرجتها لكم وللعامة عل وعسى أن يتحرك المتخصصين في علم النفس ويحللوا هذا المرض الاجتماعي ليخرجوا لنا الأسباب بالتحديد وطرق علاجها بشكل علمي منطقي واقعي ؟ 

منذ سنوات طويلة وأعرف حققا وحكايات رواها لي أصحابها والبعض أعرف أسرهم عن قرب لو رويت ربعها لضربتكم الحسرة بسبب الكم المرعب مما وصلت إليه العلاقات الاجتماعية ... والكثير منها وصلت الأمور فيها إلى ساحات القضاء والبعض منها عاشوا وهم يتمنون الموت لأبيهم حتى يرثوه والبعض يتمنون الموت لأمهاتهم بسبب الكم المهول من شرور تلك الأمهات ... والكثيرين صبروا على بلاء وابتلاء أقربائهم حتى ينالوا الأجر من ذلك كل ذلك جرى ويجري دون أن يعلم أحدا من خارج الأسرة لأنه كما ذكرت البوح في هذه الأمور هي من المحرمات الاجتماعية حتى وإن كان أخوة في منزل واحد ولا أحد يعلم عن الأخر شيئا المهم المحرمات الإجتماعية التي تحافظ على الشكل الإجتماعي !!! ... وفاة في الواتساب وزواج في الواتساب ومرض في الواتساب ومناسبات في الواتساب ولم يبقى إلا أن الواتساب ينجب لنا الإناث والذكور !!! ... مع إن الإتصال لا يكلف شيئا يستحق الذكر لكن الكل أصبح يطبق مقولة "كما جرت العادة" فضاعت واختفت الأصول ... والعادة السطحية التافهة تتطور إلى قاع الإنحطاط الاجتماعي وتلقائيا تولدت حالة من الأكاذيب التي تغلغلت في تفاصيل التبريرات ... ورحم الله زمن الرجال التي كانت تتصل في حالة أي وفاة وتذهب بنفسها تقديرا واحتراما لتوزيع بطاقات الزواج وتتعنى راضية للتخفيف عن المرضى ورفع معنوياتهم ورحم الله نساء كانت تنقل منازلها إلى منازل المتوفين أو أصحاب المناسبات حتى يقوموا بمساعدتهم على أكمل وجه ... ورحم الله صداقات لم تفرقها النساء وصداقات لم يفرقها الرجال ورحم الله أخوة الدم التي أصبحت في زمانكم أخوة على الورق والواتساب ... { وكان الله سميعا عليما } النساء .





دمتم بود ...


وسعوا صدوركم