لا يوجد تاريخ سياسي مليئ بالأكاذيب أكثر من "التاريخ السياسي العربي" فهو تاريخ لو سطرت أوراقه لصنعت دائرة تلف فيها مساحة الكرة الأرضية بأسرها من هول وكثرة ووقاحة وفظاعة الأكاذيب ... تاريخ صنع من المجرم ضحية ومن البريء متهم ومن الشريف وضيع ومن الوضيع شريف ... تاريخ مليئ بالحكام الطغاة والمجرمين فحولوهم إلى أبطال ووطنيين وعظماء ... وشخصيات اقتصادية من أشهر اللصوص فحولوهم إلى أعمدة بناء الوطن من أشد المخلصين لدولهم ... وتنظيمات سياسية أنشؤها لتضرب تنظيمات سياسية أخرى وأحزاب دينية صنعوها واحتضنوها لتنافس وتضرب تنظيمات دينية منافسة تماما كما المذاهب الإسلامية التي صنعها المسلمين قبل "1.000 - 1.500" سنة مذهب يضرب مذهب وفقه يسخر من فقه هذا يجيز وذاك لا يجيز هذا يحرم وهذا يحلل ... { إن الذين فرّقوا دِينَهم وكانوا شِيعًا لست منهم في شيء } الأنعام { مِن الذين فرّقوا دِينهُم وكانوا شِيعَا كُلّ حِزبِ بما لدَيهم فَرِحون } الروم ... كل هذا وأكثر منه حدث بسبب الصراع السياسي "العربي العربي" بين الدول إما في قلبها في ظل صراعات متوحشة أو في ظل الصراع السياسي بين الدول العربية ... فالعراق كان يعادي الكويت بشراسة ومصر كانت تريد إسقاط الملكية في السعودية بقوة والجزائر ضد المغرب وسوريا ضد الأردن والبحرين ضد قطر والإمارات ضد عُمان والسنة ضد الشيعة والسلف ضد الإخوان والصوفية ضد الإباضية ... وصراع الأحزاب القومية والشيوعية والوطنية والماركسية والتقدمية والديمقراطية والإسلامية والطائفية ... قائمة طويلة من الأحزاب والتنظيمات في قلب كل منهم قصة وحكاية يشيب لها الولدان كلهم تمت بصناعة حكومية في كل دولة ولد برعاية الحاكم وحكومته وترعرعت على يد أجهزة المخابرات وأمن الدولة ... ولأني لا أنتمي لأي تنظيم أو حزب ولا حتى مجرد فكرا فبالتالي نظرتي تلقائيا يجب أن تكون محايدة لا مع هذا ولا مع ذاك لأن قناعتي هي أن كل حزب وكل تنظيم هم عملاء ولصوص دون النظر إن كانت تقيا أو صعلوكا أو جاهلا ... لا بل خرج من أجدادكم أكثر من 60 جيلا من بعد وفاة رسولنا عليه الصلاة والسلام لم يُخلق جيل واحد واعي فاهم ولم يوجد جيل واحد اعتّبر واتعظ من تاريخه سواء السياسي أو الإسلامي ؟
الإخوان المسلمين
إن أكثر تنظيم سياسي صُنِع بأيدي النظام السياسي المصري وبرعاية المخابرات البريطانية هو تنظيم "الإخوان المسلمين" المثير للجدل الذي تأسس في سنة 1928 ... تنظيم سياسي صرف ظاهره التدين والتقوى وباطنه العمل السياسي وظّفه سياسيا لصالحه كل من حكام مصر "فاروق الأول" و "جمال عبدالناصر" و "أنور السادات" وحدث الفراق في عهد "حسني مبارك" في علاقة استمرت أكثر من 70 سنة متواصلة من العمل السياسي والصفقات والتحالف السياسي ... وفي السعودية تنظيم الإخوان المسلمين وظّفَه واستغله الملك المؤسس الأول "عبدالعزيز آل سعود" وأبنائه على التوالي وبثقه مطلقه الملوك "سعود وفيصل وفهد وعبدالله" ووقع الفراق في عهد "سلمان" في علاقة وثيقة استمرت لأكثر من 70 سنة ... وفي "الكويت وفي الأردن وفي العراق والسودان وسوريا وقطر والبحرين وعمان واليمن وصولا إلى تونس والمغرب" كلها دولا وحكومات رعت ودعمت واحتضنت الإخوان المسلمين قلبا وقالبا بقرار سياسي صرف وتغلغل الإخوان في كل دوائر الوزرات والهيئات الحكومية في كل تلك الأوطان العربية ... ليس هذا فحسب بل كل قيادي تابع لتنظيم الإخوان المسلمين كان يتم استقباله من قبل حكام وقادة الدول العربية شخصيا ويقدمون الأموال له شخصيا وبسخاء ... بل لم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل تدخل كل من الرئيس الجزائري "هواري بومدين" وملك السعودية "فيصل بن عبدالعزيز" قبل خلافه مع عبدالناصر تدخلا شخصيا حتى لا يتم إعدام مُفكر الإخوان المسلمين "سيد قطب" ورفض الرئيس المصري "جمال عبدالناصر" تلك الوساطات وتم تنفيذ الإعدام في 1966 ... ومن المفارقات العجيبة أن الرئيس المصري "جمال عبدالناصر" وبعض قيادات ثورة 1952 كانوا يصلون مع جماعة الإخوان والجماعة كانت تَؤُمّهُم في كل صلاة !!! ... وفي تاريخكم الحديث أي في زمانكم القريب عندما وصل الرئيس المصري الراحل "محمد مرسي" إلى سلطة الحكم في 2012 وهو أحد كبار أعضاء تنظيم الإخوان المسلمين زار السعودية في 11-6-2012 وكان في استقباله على أرض مطار جدة "الملك سلمان" وقدمه إلى خادم الشريفين الراحل "عبدالله بن عبدالعزيز" ثم زيارة أخرى بعدها بشهرين وتحديدا في 14-8-2012 ذهب "محمد مرسي" مرة أخرى إلى السعودية لحضور القمة العربية التي عقدت في مكة المكرمة ... وزار العديد من الدول العربية والإسلامية قبل الإنقلاب العسكري عليه ومنها "الكويت وباكستان وإيران وأثيوبيا وقطر وأمريكا وألمانيا والسودان" وغيرها ... وفي الجانب الأخر هناك وجه أخر من العلاقات الدبلوماسية والحكومية الوثيقة ففي كل احتفال للسفارة السعودية في عيدها الوطني كانت تقدم دعوات رسمية لأعضاء "حركة حماس" الفلسطينية لحضور تلك المناسبات وأخر دعوة رسمية كانت في حفل السفارة السعودية في الدوحة بمناسبة يومها الوطني في 6-2016 ... فكيف علاقات دامت لأكثر من 70 عاما فجأة أصبح تنظيم الإخوان إرهابي وقيادات حماس مطلوبين من قبل "مصر والسعودية" وغيرها !!! ... وكيف تمت محاكمة الرئيس المصري الراحل "محمد مرسي" بأنه تعاون مع منظمة إرهابية وهي حماس ومصر منذ 40 سنة مرتبطة وتتعاون مع حماس "سياسيا وأمنيا واقتصاديا" في غزة !!! ... بل كيف حركة حماس التابعة لتنظيم الإخوان المسلمين هي كيانات إرهابية وقبل أيام أرسلت مصر لـ "الإخوان" قافلة مساعدات ضخمة جدا محملة بالوقود والمعدات الطبية والأدوية والغذاء !!! وكيف أعلن الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي" في 18-5-2021 عن حزمة مساعدات مالية لحركة حماس "الإخوانية" بقيمة 500 مليون دولار "نصف مليار" لإعادة إعمار غزة التي تحكمها 100% حركة حماس الإخوانية !!! ... لا تبرر فالأمر واضح بأن هناك أخطاء سياسية ارتكبت في السياسة الخليجية والمصرية تجاه غزة وحماس بدليل عودتهم مرة أخرى لنفس الملف بعدما اختطفته إيران منهم ... لتتضح الصورة أن المسألة ليست الإخوان المسلمين بل إيران نفسها وأن من تبرأ اليوم من حماس هم حلفاء لا بل هم من صنعوا تنظيم الإخوان المسلمين واحتضنوه ورعوه باهتمام بالغ منذ عقود طويلة ... واليوم لا عتب على السذج والمغفلين الذين يصدقون أكاذيب يسوقها عليهم شرذمة مزورين للحقائق مدلسين في التاريخ استغلوا جهلة التاريخ ومطايا العبيد من تابعيهم ؟
الحركة السلفية
الحركة السلفية تعتبر من أغبى الحركات الإسلامية على الإطلاق من الناحية السياسية فهي لا تجيد العمل السياسي على الإطلاق ... ولو أردنا أن نضع تصور لتوضيع الفرق بين تنظيم الحركة السلفية وبين تنظيم الإخوان المسلمين فستتضح المسألة أن تنظيم الإخوان خطير في التعامل السياسي جبنان في مواقع القتال و "الجهاد المزعوم" والحركة السلفية جريئة ومندفعة في مواقع "الجهاد المزعوم" لكنها لا تفقه شيئا في العمل السياسي ... ليس هذا فحسب لكن ولأن الحركات والتنظيمات السياسية الإسلامية هي لا دخل لها بالإسلام بحقيقته فقد تعرضت التنظيمات السلفية إلى كوارث ونكسات أعطت المجال لا بل أعطت فرص لا تقدر بثمن للتنظيم المنافس وهو تنظيم الإخوان المسلمين بالتمدد أكثر وأكثر على حسابهم وبالمجان ... وإثباتا على جهل التنظيم السلفي في الشأن السياسي وأنه لا يفقه فيه شيئا فقد ارتمى في أحضان السياسيين سواء في المغرب العربي أو في الشرق الأوسط والخليج وصولا إلى فرنسا وأمريكا وبريطانيا وروسيا ... فصنعوا تنظيم القاعدة فكان ما كان من هزيمة نكراء ثم صنعوا تنظيم "الحركة الجهادية" في "تونس والجزائر" فلحقتهم هزيمة نكراء وانتكاسة عظيمة ثم صنعوا "تنظيم داعش" الذي أجهز تماما على أي تعاظم مستقبلي لأي تجمع جهادي سلفي في كل الدول العربية ففقد التنظيم السلفي ثقة الشارع فيه ... تنظيم إسلامي "السلفية" فاشل بشكل كارثي سواء سياسيا أو عسكريا بل وحتى فكريا وصنع من نفسه سمعة بشعة متوحشة لا بل وصل ضرره بأنه أضر بصورة الإسلام والمسلمين على المستوى العالمي بشكل خرافي لا مثيل له على الإطلاق ... ومن عيوب هذا التنظيم أنه دائما يكون تنظيما عميلا للغرب خائنا للأمة الإسلامية بدليل لو أجريت مسحا سريعا لتحركاته ستكتشف أنه ضرب في كل الإتجاهات إلا الكيان الصهيوني لم يجرؤ حتى على إزعاجه ... فصنع لنفسه وهما وأكذوبة الجهاد في "البوسنة والهرسك والشيشان وأفغانستان والعراق وسوريا والسودان" لا بل وصل حتى إلى الفلبين وسحق سحقا كارثيا على يد قوات الجيش الفلبيني وأخر عملية قام بها الجيش الفلبيني ضد تنظيم داعش كان في شهر مارس 2019 ... فكر إسلامي متطرف وتنظيم جهادي عميل بامتياز لا يجعلك تشك بخيانته وعمالته ولا حتى 1% فهو يقاتل العالم بأسره ولا يجرؤ على أسياده في الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة ... مثل الفلسطيني "عبدالله عزام" مؤسس الجهاد العربي في أفغانستان وينتمي إلى السلفية ترك فلسطين والأقصى خلف ظهره وذهب إلى القتال في أفغانستان أسس حركة جهادية واسعة النطاق هناك وتم اغتياله في 1989 في صفقة جرت بين المخابرات الأمريكية وبين "أسامة بن لادن" لتولي القيادة خلفا للمقتول حتى يتحكم "بن لادن" القيادة لحزبه الذي أنشأه في 1988 أي قبل أشهر قليلة من مقتل "عبدالله عزام" وأيضا قتل "بن لادن" على يد من صنعوه واستخدموه ؟
ما سبق كلها أدلة وشواهد توكد أن التنظيمات الإسلامية سواء "السلف أو الإخوان" كلاهما صناعة سياسية "أوروبية أمريكية عربية خليجية" صرفة وكلاهما استغلا الدين الإسلامي ببشاعة ... وكلاهما تنظيمين عبيدا للمال وكلاهما يريدان الوصول إلى سلطة الحكم وكلاهما متوغلين في كل الدول العربية وكلاهما لا يملكون ثقافة ولا وعيا سياسيا ... والأهم من ذلك أنهما تنظيمين عملين بجدارة لأجهزة المخابرات الأجنبية وكلاهما يملكون تاريخا أسودا قذرا فهم باهرين جدا في الكذب والتدليس وقلب الحقائق وكلاهما منافقين نفاقا لا يوجد له مثيلا حتى في جاهلية العرب ... وكلاهما تنظيمين مجرد ألعاب أطفال بأصابع السياسيين تم توظيفهما تحت مصطلح "الدين السياسي" وكلاهما تنظيمين في صراع دائم إلى درجة الفجور المتوحش في الخصومة ... فلا تصدق هذا ولا تسلم عقلك لذاك ولا تصدق السياسي فجميعهم كذابون ومنافقون وجميعهم لعبوا في دينكم واستغلوا إيمانكم وأهلكوا أوطانكم وسرقوا جيوبكم وجميعهم استغلوكم كالدمى في صراعاتهم ... فإن كان تنظيم الإخوان أو السلف إرهابيين فالحكومة التي أعلنت ذلك هي أيضا إرهابية لا فرق بينهم ولا حتى 1% ... واليوم من يشوه إعلاميا صورة السلفية أو الإخوان المسلمين ففي الحقيقية هو ويشوه دولته وحكومته التي صنعت ورعت تلك التنظيمات عبر عقود طويلة ... والضحية كالعادة في مبادئ السياسة هو دينكم الإسلامي الذي لم يبقى وضيعا ولا جاهلا ولا كافرا إلا ولوثه بجرائمه وفساده ونفاقه وكُفره تحت مبدأ "كنت أحسب وكنت أظن وكنت أعتقد" ... وانتبه فجميعهم وقت المصلحة والضرورة عادي جدا يرتمون في حضن إيران وبريطانيا وأمريكا والسعودية وأي وطن يحقق مصلحتهم وعادي جدا ينقلبوا عليك لكنهم جميعهم "سلف - إخوان" لا يجرؤون على الكيان الصهيوني في كل تاريخهم الجهادي ... فلا تُصدق الحرب الإعلامية التي تشعلها الحكومات ولا تسلم عقلك لأي تنظيم أو حزب إسلامي أو سياسي وترفع عن السفهاء والجهلة التي لا تخلو منهم مواقع التواصل الإجتماعي ؟
شاهد الصور التاريخية أهذه حركة إرهابية كما كذبوا عليكم أم صناعة دولكم وحكوماتكم ؟
دمتم بود ...
وسعوا صدوركم