2021-05-14

حركة حماس من الهزيمة إلى النصر ؟

 

في 2013 أذكر أني كتبت موضوعا عن حركة حماس وسلبياتها بل وجرائمها وكم الخيانات التي حدثت في داخلها وحجم الصراع الداخلي فيها آنذاك وما قبل ذلك ... وكان صراعا لإقصاء الصف الأول وعلى رأسهم الشيخ المجاهد الجليل "أحمد ياسين" والمجاهد "عبدالعزيز الرنتيسي" ... وبالفعل حدث انفلاتا واسع النطاق داخل الحركة أدى إلى تسجيل حالات من الفساد والخيانات والوحشية من الإنتقام بل وصلت الأمور حتى إلى انتهاك حرمة المساجد وتحديدا حادثة مسجد "أبوبكر الصديق" في قطاع غزة ... وكتبت أيضا عن سبب فشل القضية الفلسطينية والصراع بين حركتي "حماس وفتح" وصولا إلى لعبة "اتفاق مكة" عندما غدروا بالسعودية وصولا إلى حتى أصوات الفلسطينيين في الخارج ومواقفهم المتذبذبة ... ثم بعد سنوات اتضحت الصورة أن "الخليجيين" كلما دخلوا في ملف دب الصراع فيما بينهم على أراضي غير أراضيهم مثل ما حدث في "ليبيا والعراق وسوريا واليمن ومصر وتونس والمغرب والصومال والسودان" ... وبالتأكيد حركة حماس كانت من ضمن الملفات التي دب الخلاف بين بعض دول الخليج وتحديدا "السعودية والإمارات وقطر" ... ثم ارتمت قطر في حضن الكيان الصهيوني منذ 1996 ثم نفضت حماس يدها من قطر وارتمت في حضن السعودية والإمارات فرأت مواقف تتضارب كليا مع أهدافها فنفضت يدها منهما وأخيرا ارتمت في حضن إيران ... فدول الخليج ليس لديها إلا المال ولا شيء غير المال وإيران لديها التطور العسكري والمال "الغير مشروع" بمعنى أموالا مهربة غير معروفة المصدر وخارج إطار الرقابة الدولية ... وبجانب إيران يوجد "حزب الله" اللبناني وهو جار فلسطين ومنذ سنوات جرت اجتماعات سياسية وعسكرية بين "حماس وحزب الله والحرس الثوري الإيراني" في طهران وفي الجنوب اللبناني ... ونقل التطور العسكري اللبناني لحزب الله إلى حماس وساعد في ذلك كم الفوضى العارمة التي ضربت سوريا في حربها الأهلية التي استمرت 10 سنوات ؟

خلال الـ 4 سنوات الماضية وإبان عهد الرئيس الأمريكي الصهيوني المعتوه "دونالد ترامب" حدثت أخطاء سياسية فادحة جدا في السياسة الخليجية أولها "حصار قطر وقطع العلاقات معها" من قبل "السعودية والإمارات والبحرين ومصر" ... وثانيا هو الإعلان الرسمي من قبل "السعودية والإمارات ومصر والبحرين" بوضع "حركة حماس" على قائمة المنظمات الإرهابية ... خطأين كارثيين أدى إلى تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني مع "الإمارات والبحرين" وعلاقات وثيقة جدا "غير رسمية" بين السعودية والكيان الصهيوني فاكتمل التحالف السداسي الذي أصبح مكونا من "السعودية وإسرائيل والبحرين والإمارات وقطر وسلطنة عمان" وبالتأكيد مع هذا التحالف حلفاء إسرائيل القدماء "الأردن ومصر" ... لتتضح الصورة فيما بعد أن التحالف العربي لا يريد من حماس إلا الخضوع والإستسلام وتسليم السلاح وإنهاء كافة أشكال المقاومة وكانت مؤامرة وتخطيط أعد له مسبقا بهدف إنجاح "صفقة القرن" المعروفة ... وفشل صفقة القرن بين الحلفاء كان السبب الأول فيها هو الخلاف على كم حصة كل منهم أي كم ستعطيني وكم سأربح ؟ ولماذا هذا يأخذ أكثر مني ؟ فحدث الخلاف الذي صوره فيما بعد على أنها مواقف وطنية رافضة وهذا بالتأكيد ليس صحيحا ... وعلى الطرف الأخر أحبطت دولا إقليمية في المنطقة مؤامرة "صفقة القرن" وعلى رأسهم "إيران وتركيا وباكستان والكويت والعراق وسوريا والجزائر" فكان هناك دعما سياسيا صرفا أدى إلى تحرك في عدة عواصم دولية ومنها "روسيا وألمانيا وبريطانيا والصين" ... فدبت الفوضى واختلطت الأوراق السياسية في المنطقة وهناك من هدد بفتح جبهة المقاومة في آن واحد "سوريا ولبنان" فاشتد ظهر حركة حماس بهذا الدعم الإقليمي ... أما مخابراتيا فإيران ولبنان قد اخترقوا الكيان الصهيوني ومكّنوا حركة حماس من بناء قوتها العسكرية حتى جاءت الأيام وأثبتت بالدليل القاطع واليقين أنه لو كانت المخابرات الصهيونية شديدة القوة لما تفاجأت بما حل في الكيان الصهيوني مؤخرا ... ونتيجة للأخطاء السياسية التي ارتكبتها العديد من الدول فلا يوجد أي اتصال مع حركة حماس حاليا إلا مع "سلطنة عمان وقطر وإيران وتركيا" أما الكويت فهي تفضل التعامل الدبلوماسي الحذر والبعيد عن أي شبهات ... ففقدت "مصر والسعودية والإمارات" اتصالاتها الوثيقة وثقلهما مع حركة حماس وهذا يعتبر وفق التحليل العميق : فشل وقصر نظر سياسي ؟

فاجأتنا بل وصدمتنا صدمة مفرحة حركة حماس بقوة إنجازها العسكري داخل الأراضي المحتلة وفي قلب عاصمة الكيان الصهيوني "تل أبيب" ... وتتفق أو تختلف فقد تعرضت إسرائيل إلى هزيمة نكراء على يد المقاومة الفلسطينية حتى تضاربت المواقف الصهيوني في حالة من التضارب والفوضى مما يؤكد على حجم الخلاف الذي وقع هناك ... فرئيس الكيان الصهيوني عبّر عن صدمته ورئيس الحكومة الإرهابي هدد وتوعد ورئيس هيئة الأركان حذّر من حرب أهلية ... بل اطلعت على مئات التغريدات من الإسرائيليين وقمت بترجمتها فشاهدت حجم الهزيمة في نفوسهم لدرجة واسعة النطاق والصحف الإسرائيلية في حالة من الهلع والصدمة مما حدث ... وخلال 3 أيام أطلقت المقاومة الفلسطينية من قبل "كتائب عز الدين القسام" أكثر من 1.500 صاروخ وهذا رقم بلا شك بأنه رقم خرافي على حركة مقاومة متواضعة وإنجاز مهول ... ففشلت المخابرات الصهيونية "الموساد" من التقدير الحقيقي لقوة وتطور المقاومة الفلسطينية وفشل جهاز الأمن الداخلي الصهيوني "الشاباك" من فرض السيطرة ومنع أي فوضى في المدن الفلسطينية ... فانكشفت كذبة "قوة وصلابة الأمن الإسرائيلي" الذي لطالما روّج لها الصهاينة وحلفائهم من "المتصهينين العرب" واختفت أصوات الصهاينة المحللين ونشاط مواقع التواصل الإجتماعي من هول الصدمة وما حدث ... وبات اليوم فعليا وواقعيا أن الشعب الإسرائيلي والصهيوني اليوم في حالة من الرعب فلديهم بالأمس حزب الله الذي يرعبهم واليوم أصبح لديهم حركة حماس أي مصيبتين حلت على رؤوسهم ... والبعض من السياسيين الصهاينة استخدم لغة "امتصاص الصدمة" حتى يعود العسكري والسياسي الإسرائيلي إلى رشده ليعوض ما حدث ويحول الهزيمة إلى انتصار ... فخرجت التقارير الصهيونية تؤكد فشل "المعلومات المخابراتية والأمنية" وعدم وجود ضمان لأي نصر عسكري في حال القيام بأي عملية برية في قطاع غزة ... بل خرج تصريح سياسي من رئيس المكتب السياسي لحركة حماس "خالد مشعل" توعد أي عملية برية صهيونية بأنها سوف تكون مصيدة للجنود الإسرائيليين ؟

أصبحت إيران اليوم تملك قرار حركتي "حماس وحزب الله" ونفوذ سياسي وعسكري وثيق جدا في "سوريا والعراق واليمن" وهذا بالتأكيد مكسب سياسي كبير وفشل سياسي وكارثي لدول الخليج التي لم تعد تمسك بأي ورقة سياسية فاعلة ومؤثرة في المنطقة ... ودون شك أن هذا التحول السياسي يؤسفنا كمتابعين وراصدين للحالة السياسية الإقليمية لكن لا أحد يمنع لا أحد يحاسب لا أحد يتدارك الأخطاء السياسية فكانت النتيجة أن دول الخليج في خسارة دائمة وإيران في مكاسب سياسية واسعة وانتشار أصبح مسيطرا بشكل أخطبوطي خطر للغاية ... ولا يجب أن نلتفت إلى خزعبلات وهرطقات "إيران والإخوان المسلمين" فالسياسية الخليجية هي من حرقت كروتها السياسية ودائمة الفشل إلى درجة كارثية ... فهل نلوم إيران على نجاحاتها أم نلوم أنفسنا على فشلنا ؟ وهذه المدونة شاهدة على مدى تحذيري في الماضي وكثيرا من قوة ونفوذ والتمدد الإيراني فوقع ما كنت أحذّر منه ... والحقيقة هي أنه يجب أن نقف مع كل من يقاوم المحتل أيا كانت هويته أو معتقده أو دولته ... فالقوى العظمى بلا شرف وبلا أخلاق تبرر قتل المدنيين العُزّل الأبرياء في غزة وتتباكى على المدنيين الإسرائيليين وتشجب وتندد بصواريخ حماس وتُوجِد التبريرات والأعذار الوقِحة لسلاح الجو الصهيوني وهو يُروّع ويقتل الآمنين في غزة لدرجة أن قتل النساء والأطفال أصبح أمرا مألوفا !!! ... يخالفون قرارات الأمم المتحدة ثم يتحدثون عن الأخلاق والفضيلة والتاريخ أثبت أن القوى العظمى في العالم لا تحترم إلا القوي أما الضعيف فليذهب إلى الجحيم ... وما حصار غزة وكوبا منذ سنوات طويلة والأيغور وبورما إلا مثال واقعي على مستوى الأخلاق الوضيعة وعدم وجود إنسانية في العرف السياسي للدول العظمى حتى جاءت جائحة كورونا فوقع سباق سرقة "الكمامات" بين الدول العظمى في 2020 ... بارك الله في حماس وسدد الله رميهم وشد عزمهم وبارك في كل صَـوت قال كلمة حق لنصرة المستضعفين في الأرض ولعن الله الصهاينة العرب فقد كفروا بالله ورسوله تحت مسمى "القرار السيادي" الذي أصبح لديهم أهم من الله ورسوله ومن الدين والعقيدة الإسلامية ... { فوربّك لنحشرنّهم والشياطين ثم لنُحضِرنّهم حول جهنم جِـثِـيا } .





دمتم بود ...