2021-05-23

لماذا تأخر حل مجلس الأمة ؟

 

الحراك السياسي في الكويت من الشفرات الممتعة التي يفهمها الكويتيين ولا تفهمها باقي الشعوب الخليجية ... ونعذر تلك الشعوب بغالبيتها وليس بالمطلق عدم فهم الفكر السياسي الكويتي الذي يشكل لوحة فسيفساء جميلة على الرغم في كثير من الأحيان يتجاوز البعض الخطوط الحمراء ... والحريات "الفكرية" في الكويت هي ما يميزها بل هو ما تنفرد به الكويت عن سائر جارتها في الخليج ذات "حكم الفراد - حكم المشيخة" ... فتجد في الكويت اختلافات جوهرية شديدة الصراع ما بين المواطن والنائب وما بين النائب والحكومة وما بين الحكومة والمجلس ... لكن في قضايا الأمة والقضايا المصيرية تجد الكويتيين جميعهم يلتفون حول قيادتهم لدرجة صمت المعارضة وكثيرا ما التفت المعارضة حول قيادتها ... وقد حدث هذا كثيرا وكثيرا جدا قديما وحديث ابتداء من "الإلتفاف الشعبي الداخلي" مثل حادثة "يوسف الإبراهيم" الشهيرة في سنة 1897 وانتهاء في 2021 "الإلتفاف الشعبي الخارجي" في قضية غزة والمسجد الأقصى ... تاريخ كبير جدا لا يسعني أن أضع حتى 10% منه في موضوعي هذا حتى لا يأخذ وقتا من حضراتكم لكن اليقين أن نظام الحكم في الكويت يتفق ويختلف مع شعبه كثيرا لكن الجميع "حاكم ومحكوم" على ثقة ويقين أن الأمور إذا وصلت إلى حد المساس بالكويت فالكل يتوحد ويصبح الجميع على قلب رجل واحد ؟

قد توقعت أن مجلس 2021 لن يستمر إلا لمدة أقصاها سنتين ثم قدمت توقيت التوقع ليصبح قبل شهر يونيو 6 القادم لكن لم يحدث شيئا حتى الأن ... لكن بالفعل حدث هدوء سياسي بسبب تعطيل جلسات مجلس الأمة باتفاق ما بين سمو رئيس الحكومة ورئيس مجلس الأمة تعطيل دام شهرا ثم تعطيل بمرسوم أميري دام شهرا أخرا ثم تعطيل دام شهرا باتفاق رئيس السلطتين "التشريعية والتنفيذية" ... تعطيل نعم حقق هدوء سياسيا لكنه بالمطلق لم ينزع فتيل الإنفجار السياسي والمؤكد 100% في مجلس يملك أغلبية معارضة كبيرة جدا تمكنها من إسقاط رئيس الحكومة وأي وزير بسهولة ... أغلبية معارضة يظن الشارع الكويتي بأنه هو من صنعها بإرادته وفي الحقيقة هذا الإعتقاد غير صحيح أو جانبه الخطأ ... بل الحقيقة هي أن أغلبية المعارضة هي صناعة حكومية 100% فهل صنعتها الحكومة بمخطط سياسي أعد له مسبقا لا نعلم إلى أين سينتهي أم بجهل وضعف الحكومة وفسادها هي من صنعت لها الصف الرابع من تاريخ المعارضة الكويتية ؟ ... في يقيني أنا لا أعتقد أن لدينا حكومة تفقه بوضع الخطط السياسية ذات بعد سياسي ثاقب لأنها أضعف من ذلك بكثير وكثير جدا ... مثل ورقة تأجيل الأقساط البنكية والقروض الحكومية على المواطنين فهي بالأساس ورقة سياسية لكن الحكومة وظفتها بالمجان كعملية إنسانية ... وهنا حدث الخلط ما بين الأوراق السياسية الضاغطة وما بين الحقوق الأساسية للمواطنين وما بين القرارات الإنسانية فتجد توهان لدى الكثيرين في فهم الفرق بين ما سبق ... فمسألة تأجيل أقساط قروض المواطنين البنكية والحكومية هو قرار إنساني صرف يعود الفضل فيه لله سبحانه وتعالى أولا ثم إلى قرار من سمو أمير البلاد الشيخ / نواف الأحمد الجابر الصباح ... لا شأن للسياسة دخلا فيه وبالمطلق كما يتصور الكثيرين منكم أن النائب فلاني تقدم باقتراح "تأجيل إسقاط القروض" ثم نام واستيقظ فوجد الحكومة تحت قدميه تقول للنائب "سمعا وطاعة مولاي" !!! ... أما الأوراق السياسية الضاغطة فتتمثل من خلال "الصفقات السياسية" بمعنى أن اليوم هناك عدة استجوابات ضد سمو رئيس الحكومة ووزير الداخلية ووزير الصحة ووزير التربية فتحدث صفقة سياسية على سبيل المثال لا التأكيد ... اسحب استجوابك بمقابل وضع آلية لعودة المعارضين في الخارج اسحب استجوابك ضد وزير الداخلية مقابل كذا وكذا واستجواب وزير الصحة مقابل كذا وكذا فإما أن تنجح الصفقات السياسية أو تفشل ... أما الحقوق الأساسية للمواطنين فتتمثل من خلال تطوير التشريعات وتعديل القوانين بما يخدم المواطنين بشكل خاض والمقيمين بشكل عام من خلال إيجاد مصادر دخل أخرى للدولة وفتح أبواب الإستثمار والسياحة وتملك الأجانب وتطوير الجزر ومكافحة الفساد ووو إلخ ؟ 

الحقيقة التي أراها أن لا أحد من أعضاء مجلس الأمة لا الحالي ولا الذي قبله ولا غيرهم جميعهم لم يفكروا بمستقبل الكويت ... وكل أعضاء مجالس الأمة كلهم دون أي استثناء يفكرون بمصالحهم الشخصية الضيفة التي تعود عليهم بالنفع لمكتسبات انتخابية وشعبية جدا رخيصة ... والحكومة تتحمل مسؤلية ذلك بنسبة 100% لأنها هي من سمحت لعضو مجلس الأمة أن يخترقها من رأسها إلى أخمص قدميها وبإرادتها في تضارب صارخ للفصل بين السلطات ... فالحكومة هي من سمحت للنائب بدخول وزاراتها وهيئاتها لتمرير معاملات فاسدة والحكومة هي من سمحت بإقامة الانتخابات الفرعية القذرة والحكومة هي من سمحت بانتهاك قرارات وزارة الصحة بالتباعد الاجتماعي في عز أزمة كورونا ... فوصل إلى مجلس الأمة كل فاسد وكل من لديه أطماع شخصية وكل من لديه أحقاد وثارات ضد الحكومة والنتيجة اليوم هو أغلبية معارضة كاسحة ... وبالتالي نحن أمام مشهد سياسي ليس له أي شكل من أشكال التعقيد لأنه واضح وضوح الشمس فمن سابع المستحيلات أن تتفق الحكومة الحالية مع مجلس المعارضة ... ومستحيل أن يتم الاتفاق على أي ملف إلا بانتهاك القانون والدستور ومستحيل أن يستمر هذا المجلس ولو نطق أبو الهول في مصر ... فحل المجلس بالتأكيد هو قرار منفرد من سلطة سمو أمير البلاد الذي لا أشك فيه مطلقا من أنه يدفع بكل ما أوتي من قوة وجهد من أجل صناعة أكبر قدر ممكن من الهدوء السياسي بالإضافة أن سموه لا يريد أن يبدأ عهده بأزمة سياسية تؤدي إلى حل مجلس الأمة ... كل ما سبق هي معطيات سياسية لقرائة المشهد السياسي في ظل وجود حكومة فشلت فشلا واسع النطاق في ملفات كثيرة مثل "الملف الإقتصادي والإجتماعي والوطني والشعبي وحتى الملف الخارجي" ... ومجلس أمة صنع بليل وخرج بليل فوصل إلى المجلس كل من انتهك القانون وخالف أمانة الدستور ومواطنين كُـثر يهذون بما يجهلون تدفعهم القبلية أو الطائفية أو الجهالة بعينها ... وحل مجلس الأمة قادم قادم مهما تأخر توقيته لكن يبقى السؤال : هل ستتعلم الحكومة من جرائمها عندما سمحت بإقامة "الانتخابات التشاورية أو الفرعية" وتمنع وصول لصوص الديمقراطية مستقبلا أم ستضع الرمد على عينها وكأنها لا تعلم شيئا كعادتها ؟


 


دمتم بود ...


وسعوا صدوركم