2019-05-18

قــــوة الإقنــــاع ؟


الإقناع هي مهارة ووسيلة للسيطرة أو لتحقيق الأهداف المرجو منها وتستمد قوتها من تحقيق النجاح برضا الطرف الثاني والسيطرة على إرادته ولو جزئيا ... وأدوات لإقناع كثيرة ومتعددة ناهيكم أن هناك قناعات لا تتغير ولا حتى تتأثر إلا بموت صاحبها كالإيمان بالله سبحانه ... وعلى سبيل المثال فإنه من سابع المستحيلات تستطيع أن تمنع الناس من الحج والعمرة لأن وفق قناعات المسلمين أنها من الشعائر والفروض والمسلمات التي لا جدال ولا نقاش فيها ... مثل هذه القناعة بالإيمان بالله وبنفس قوتها وشكلها ومفهومها يجب أن تفهم أن تلك القناعة بنفس درجتها التي لديك هي لدى المسحيين لكن الدين فقط هو من يختلف لكن القناعة واحدة ... وبنفس قوة قناعة من يعتنق المذهب السني وبإصرار مطلق هي نفس القناعة ودرجة قوتها لدى من يعتنق المذهب الشيعي ... إذن وصلنا إلى أن هناك قناعة مطلقة لا تقبل الشك ولا ترضى حتى بالنقاش أو التشكيك بالإعتقاد والإعتقاد له خطين متضاربين وهما قناعة العقل وقناعة القلب يحدث بينهما صراع ويحدث بينهما توافق ... فصراع القلب يكمن في الحبيب الزوج الأخ الصديق والمال "البيع والشراء والتمويل" أما صراع العقل فيكمن بالعادات والتقاليد والدين "المذاهب" والسياسة وزملاء العمل وأيضا في المال "البيع والشراء والتمويل" ... وهنا يخرج المال في صراع العقل وصراع القلب مرتين أي أنه ثابت الوجود في الأمر ومتغير القناعات حسب الحاجة أو العرض وهذه غريزة الإنسان { وتحبون المال حبا جما } ... الغريزة هي فطرة الطبيعة البشرية وأمر متوارث في الإنسان منذ خليقته مع الإنتباه أن هناك غرائز خلقها وزرعا رب العالمين فينا كالجنس والنساء وهناك غرائز أوجدها الإنسان كحب المال والصراع عليه ؟

القناعة والإقناع والإقتناع
القناعة هو التسليم المطلق بالحال أي إنعدام الأهداف لدى الفرد وانتظار نهاية الحياة بالوفاة في مكان واحد ثابت وليس الهجرة لأن الهجرة تعتبر بداية حياة وليس نهايتها ... أما الإقناع فهو صنع هدف والعمل على تحقيق بكافة الوسائل "المشروعة" وإن طال لوقت للوصول لتحقيق أكبر قدر ممكن من النجاح ... وأما الإقتناع فهو توجه أكبر قدر ممكن من الضغط على مركز العقل لإخضاعه لرؤية أمر ما وتغيير تصور راسخ وفق مبدأ ثابت في محاولة لتغييره أو تصحيحه ... وعلى سبيل المثال لا الحصر مثل عملية إقناع الزوج بأن يسترجع زوجته أو العكس أو في المفاوضات التجارية والسياسية أو في فهم الإستنتاجات المستمرة في الدين "الشريعة" صدقها أو عدمها ... وهذا الصراع الأبدي بين البشر منذ آلاف السنين والذي أنتج حقيقة ثابتة تستند على أدلة وبراهين تاريخية من أن الإجماع لا يعني الحقيقة واتفاق الناس على أمر لا يعني أنه الصواب ... ولو رجعتم قبل 150 سنة إلى الوراء لاكتشفتم فضيحة بشرية عندما ظن الناس منذ آلاف السنين أن الأرض مسطحة ... وعندما خرج رأيا خارجا عن الإجماع والمألوف وقال إن "الأرض كروية وليست مسطحة" خرج من يقول ساخرا "لو كانت كروية انكبت ولانهمرت علينا مياه وبحور الأرض ولأغرقتنا لأنها كروية حسبما تهذون" ... وفي الدين الإسلامي حدث ولا حرج من كم المسائل التي فيها اختلاف وتطور الإختلاف وصحح ثم اختلف فيها ثم صحح وهكذا منذ أكثر من ألف عام وإلى يومنا هذا وحتى قيام الساعة ... وفي السياسة قديما كان فيها فروسية الرجال وخصومة الفرسان وآداب دبلوماسية وأعراف رغم كل الكذب والمؤامرات لأنها لغة المصالح بعكس اليوم أو قبل 15 عام تغيرت كليا فأصبحت السياسة لا أخلاق ولا مرؤة فيها ... وخذ وقس على حياة المجتمعات التي الكثير يألف ويستأنس النفاق وهي من ميزة "معظم" البشر بالتذلل والتقرب لأصحاب المصلحة أو المال أو السلطة لكسب أكبر قدر من الرضا لنيل المنافع الشخصية ... كل ما سبق لم يكن أن يتم لولا عامل الإقناع والإقتناع والذي يتغل نقاط ضعف الإنسان للتسلل إليها وصناعة عملية تأثير شديدة حتى ولو استغرت وقتا طويلا ... مع عدم إغفال أمرا في غاية الأهمية أن هناك حالة من الإقناع مصدرها الخير كالنصيحة الأمينة الخالية من أي منافع شخصية ... وعلى سبيل المثال هذه المدونة التي تكتب وتنشر منذ أكثر من 10 سنوات دون وجود أي تكسب شخصي أو منفعة مادية أو حتى سعيا للتقرب من أي شخصية كائنا من يكون ؟
 
صراع الفكر منذ الأزل وهو صراع الإقناع والإقتناع وهذا الصراح الغرب ماهرون فيه بشكل خرافي مذهل ... بعكس العرب الذين يحاربون ويكرهون كل ما هو مخالف لما يعتقدونه ظنا منهم أن كل رأيا شاذا يعتبر جريمة أو مؤامرة عليهم ... مما تسبب هذا الإعتقاد بنفي أو قتل أو سجن آلاف المفكرين العرب وأخطر عقولهم كابن سينا والرازي وابن النفيس وابن رشد وبعد موتهم وفنائهم اكتشف قومهم أنهم كانوا على خطأ عظيم ... هكذا نحن بني العرب لا نعرف قيمة عظمائنا ومفكرينا إلا بعد رحيلهم ولا نكرم إلا الأموات ولا نوقر سوى القبور أما الأحياء فهم تحت سياط نقدنا ... وكمثال لا الحصر أمير الكويت الراحل الشيخ / عبدالله السالم جلدوه انتقادا ونقموا عليه ولما مات اكتشفوا عظيم إنجازاته وندموا ندما عظيما ... وأمير الكويت الراحل الشيخ / أحمد الجابر نقموا عليه وحاربوه ولما مات اكتشفوا أنه كان سيد النهضة وكم أبعد الشرور عن الكويت ... كل ذلك تم فقط بسبب القناعات وعملية تأثير الإقناع وقوة الإقتناع ولذلك يجب الفهم والإدراك أن ليس بالضرورة ما أنت مقتنع به 100% أن يكون صحيحا ... ربما كنت أنت على خطأ 100% وتظن أنك على صواب 100% وهذا ثمن يدفعه من يمتلك عقلا متشخبا ثابت لا يتغير ولا يتطور لا يريد أن يسمع ولا يقرأ ولا حتى يفهم { أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا } الفرقان ؟





دمتم بود ...



وسعوا صدوركم