2019-05-20

حكايتي عندما كنت سلفيــــا ؟


إنهم من سرقوا أمة جزيرة العرب بجرائم وأكاذيب وافتراءات وتدليس لم يحدث مثله قط في التاريخ الإسلامي ... إنهم عصابة الصحوة الإسلامية الذين جاؤا بافتراءات وإفك عظيم ألفوا ونسجوا القصص وقلبوا الحق إلى باطل والباطل إلى حق ... نشروا مئات آلاف الفتاوي عبر أكثر من 50 عاما وجعلوا من لا يتبع فكرهم ونهجهم هذا كافر وهذا خارج عن الملة وذاك زنديق وذاك عربيد ... سيطروا على المجتمعات على الكليات على الجامعات والمدارس وغيروا مناهج التعليم وتدخلوا في الديمقراطيات وتفاعلوا مع الأحزاب وخاضوا حروبا سياسية طاحنة ... أفتوا بما لم ينزل به الله من سلطان فحرموا الهواتف التي تحمل كاميرا وحرموا الستلايت وحرموا البوفيهات وحرموا الموسيقى ... جمعوا المليارات عبر عقود عديدة عبر فتاوي الدين السياسي بأكاذيب وافتراءات ورموا زهرة شباب المسلمين في الجهاد الكاذب جهاد الدين السياسي ... جهاد في أفغانستان والشيشان والبوسنة والهرسك والعراق وسوريا وأصاب عقولهم وعيونهم العمى وصدوا عن فلسطين ونكروها وخذلوا القدس والأقصى ... غيروا المجتمعات ووصل تدخلهم حتى إلى ستر المنازل وحرضوا الولد على أبيه والبنت على أمها وأشاعوا أنهم هم الملة الوحيدة على الحق والصواب ومن لا يتبع ملتهم هم من أهل النار ؟
 
قصتي مع السلفية
لقد كنت في يوم من الأيام متدينا سلفيا لمدة لم تتجاوز السنتين وأعترف اعترافا يشهد الله على ما سأقوله أني كنت مخدوعا وقد خدعوني ... فقد مر بي وقت من حياتي وقت عصيب شديد المرارة كثير النوائب فلم أجد ملجأ إلا إلى الله سبحانه حتى يجد لي ربي مخرجا من كل ضيق فظننت بجهلي آنذاك أن السلفية أو المذهبية هي الملجأ ... فقرأت كتبهم وتعمقت فيها وكنت أحمقا حتى تنازعت نفسي بين الجلوس في الكويت أو الخروج للجهاد فجلست مع العديد وفعلا لا أتذكرهم اليوم بعد مرور أكثر من 20 سنة ... لكني أتذكر حادثة عندما انتهيت في يوم من الأيام من صلاة الفجر في مسجد في منطقة سلوى فأخذت مع الإمام زاوية المسجد فسألته : يا شيخ هل يجوز الجهاد ضد الصهاينة أم لا يجوز ؟ فأجاب : لا يجوز لأنهم مستأمنين في وطنهم !!! هذه الحادثة كانت أول هزة لي في طريق السلفية الذي مشيت فيه صنعت العديد من علامات الإستفهام في رأسي ... ثم دخلت المنتديات التي كانت شائعة آنذاك وكنت نشطا لدرجة خرافية أصول وأجول للدفاع مذهب السنة وأضرب المذهب الشيعي ضربا موجعا وكيف لا وأنا كنت وقتها الأرعن المظلل المعتوه ... في إحدى المرات وصلني أحد التعليقات على أحد مواضيعي لم يهزني التعليق فحسب بل زلزل كياني وأتذكر وقتها أن في هذه الليلة لم أذق طعم النوم وفي اليوم التالي والذي بعد ولمدة أسبوع وأنا في هم وغم ... ولا أتذكر هل مرسل التعليق رجلا أو إمرأة وأظن أنها كانت إمرأة كانت ترد على أحد مواضيعي التي كنت أكتبها وأنشرها فقالت في سرد ردها المطول جملة هي من أعادت لي رشدي وصوابي فقالت لي : هل تستطيع أن تقف يوم القيامة بين يدي الله سبحانه وفي رقبتك دم من شهد بأن لا إله إلا الله محمد رسول الله بسبب ما تكتبه وما تحرض عليه ؟ ... نقطة ومن أول السطر وحدث زلزال عقلي وكنت أظن جهلا أنا الفارس الذي لا يشق له غبارا في المقارعات الفكرية المذهبية فأدركت أن الرسالة التي وصلت إلي كانت عظيمة البلاغة وكنت أنا وضيع الجهل ... ثم زاد بلائي أكثر وأكثر فوقع المحظور في أكثر وأكبر وأقوى أزمة عاصفة مرت في كل حياتي خرجت من هذه الأزمة وأنا في مراجعة مع النفس ... أين كنت وماذا كنت أفعل وما هذه الجهالة التي كنت عليها وما الداعي لها أصلا وما هي المكاسب التي جنيتها منها سوى بعض الإشادة والتعظيم المريض من المتابعين الوهميين ... قررت بعدها أن أغير وأتغير وعبر رحلة تجاوزت أكثر من 20 عام قرأت أكثر من 450 كتابا من بينهم الإنجيل والتوراة وخضت في بحور الملحدين وعبدة الشيطان لكني لم أتبعهم على الإطلاق ... ولم أؤمن بفكرهم ومنهجهم بل كنت دائما محاربا لهم ودخلت في عالم الشيوعية والصوفية والجعفرية ومذاهب السنة الأربعة والأرثودوكس والكاثوليك والبروتستانتية وأبحرت في عالم الجنس والأديان والإقتصاد والسياسة والفنون وعلم الإجتماع والفلسفة وتاريخ الأمم وعلوم التكنولوجيا وحتى الطب لم أتركه خضت في كل المحظورات والمحرمات والمباح والمعقول ... باختصار صنعت كوكبا في عقلي عالما وأمما في رأسي لم أترك أمرا يمر مرور الكرام إلا ودخلته وقرأت عنه وخضت فيه ... لكن من الصدف العجيبة والغريبة أن الكـــــويت في كل مراحل صراع ومراحل حياتي كانت الخط الأحمر ... بالرغم من مرور فترة من حياتي يمكن سنه أو سنه ونصف كنت في خصام نفسي مع الكويت لكن لا أتذكر أني سكت في يوم من الأيام في حياتي الفكرية عن شخص مس الكويت بالسوء أو النقد في موضوع ... وبعد رحلتي الطويلة في عالم صناعة الفكر وجلد الذات أقولها بكل يقين أن الصحوة السلفية المزعومة كانت من عصور الظلام الإسلامية بجرائم يكاد عرش الرحمن يهتز لها من شدة فظاعاتها ... والحمدلله رب العلمين الذي أنقذني ونجاني من جهل كنت سابحا فيه ؟

أقول ما أقول بعد ما مضى حتى لا يأتي أحد من المجانين والمغيبين والمغسولة عقولهم ليتهمني أني أجهل الصحوة أو السلفية ... كلا وأبدا بل أعرفها عز المعرفة وكيف لا وأنا ممن كنت أحد فرسانها المهابيل في فترة من فترات ظلام حياتي بل أؤكد للجميع أن كل كتب السلفية أو معظمها لم تخرج إلا بسبب صراع المذاهب وصراع الدين السياسي بين قطبيه "السعودية وإيران" ... كل منهم نحن من جعلناه وكيلا هذا عن السنة وذاك عن الشيعة وهذا خطأ كبير وظلما عظيما أوقعنا أنفسنا فيه وعيشنا غيرنا فيه أن الشيعة يريدون الإنقضاض على السنة والسنة يريدون زوال الشيعة وهذا قول كذب وإفك عظيم ... فالمذهب السني والمذهب الشيعي هما صناعة بشر لا يمكن أن تبعد عن من صنع هذه المذاهب صفة الشك والريبة فيه مع وجوب قرائة ظروف الفترة الزمنية اليت عاش فيها صناع المذاهب ومؤامراتها ... كلها معطيات اليوم في قلب عاصمة المذهب السني في السعودية المتغيرات الصادمة التي حدثت فيها تنسف كل فتاوي التحريم وتثبت كذب تلك الفتاوي لأنه لم يخرج شيخ واحد في السعودية ينكر ما يحدث فيها ... نعم لم يخرج أحد من مشايخ وعلماء السعودية قلب المذهب السني ينكر الرقص والغناء وقيادة المرأة للسيارة والحفلات الغنائية والإختلاط والإستعراضات النسائية في الأعمال الفنية أو الموسيقية أو الغنائية التي كانت محرمة بل ومحظور حتى مجرد الحديث عنها بسند فتاويهم ... وعدم الإنكار يعني حرق مئات وملايين الفتاوي وحرق سمعة أصحابها حتى بل إثبات أنهم كانوا على خطأ وظلال وأنهم حرموا ما لم يحرمه رب العالمين سبحانه في كتابه الكريم ... والأهم أن مشايخ السعودية الذين كانوا يعدوا رأس المرجعية السنية في الكثير والعديد من الفتاوي لم يعودوا بعد اليوم كذلك على الإطلاق بصمتهم أو بتناقض فتاويهم التي كانت تحرم بالأمس وتبيح اليوم ... لقد كانت الصحوة السلفية التي تفجرت من قلب السعودية ووصلت إلينا في الكويت خطأ كارثيا راح ضحيته مئات الآلاف واليوم الكل يرى شواهدها وعيوبها بل وفضائحها ... لقد كان دينا سياسيا ولم يكن علما شرعيا لقد كانت فتاوي سياسية ولم تكن فتاوي شرعية صرفة لوجه الله تعالى بدليل الصراع طويل السنوات بين مشايخ السعودية والأزهر في مصر صراع شديد عنيف يتخفون خلف أقنعة الود والمحبة وما هم بذلك ... ماتت الصحوة الإسلامية وفضحت أكاذيبها وهذا زمن التنظيمات الإسلامية المتطرفة فصنعوا داعش ومات تنظيم داعش الكافر فارتقبوا التنظيم الإسلامي المتطرف الجديد يا ترى من سيكون وكيف سينشر شهرته بسرعة البرق وكم من الضحايا الأبرياء سيأخذ في طريقه كالعادة ... دينكم موجود في كتاب ربكم فقط لا غير ولا يحتاج إلى ملايين كتب الأفاقين والمدلسين باسم الدين دينكم بسيط وسمح وليس صعبا ولا عصيبا { يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر } ... فربكم وخالقكم يسر لكم دنياكم وحياتكم وخرج من بينكم عبادا عسروا وصعبوا وشاقوا على عباد الله دينهم فاعقلوا ما في رؤوسكم ولا تكونوا سفهاء كما كنت أنا ولا تكونوا حمقى كما كنت أنا ولا تكونوا على ظلال كما كنت أنا ؟




دمتم بود ...



وسعوا صدوركم