2019-05-25

كرسي العرش على خراب الشعب ؟


وفق التوصيف العلمي والمنطقي إنه مجرد كرسي يقوم على أربع أرجل له القدرة على تحمل أوزان مختلفة تناسب حجمه ... وهناك اختلاف بين كرسي وأخر من حيث الشكل والتصميم والأنواع والأسعار وقد تطور تصميم الكراسي لتصبح متعددة المهام منها كرسي المعاق وكرسي المكتب وكرسي المنزل وكرسي المراجع ... لكن هناك كرسي لا يخصص إلا لشخص واحد فقط ولا يجلس عليه سوى شخص واحد كرسي كل من يجلس عليه يحدث صراع بين ملائكة الرحمن وإبليس وأعوانه ... كرسي له سلطان عظيم يجعل كل الشعب خاضع بالمطلق لصاحبه الذي تؤول إليه كل مقدرات الدولة وأموالها وخزائنها كرسي يفتح لصاحبه علاقات لا تسمح له سوى أن يكون زملاؤه من نفس عينته إنه كرسي الملوك والحكام ... وبالرغم من عظمة هذا الكرسي الذي له سحرا يفوق سحر الملكين "هاروت وماروت" من شدة قوة سطوته ونفوذه فإن أمر صاحبه فإن أمره نافذ وإن قال فإن قوله قانون وإن أبطل أمرا فإنه باطل لا أحد يعصي له أمرا ولا أحد يرد له حرفا ولا كلمة ... يهين من يشاء ويسقط من يشاء ويرفع من يشاء بل ويستطيع أن يجعل من الوضيع حكيم ومن الساقط شريف والعكس صحيح ... كرسي يخبرنا التاريخ عنه أنه ما جلس عليه إنسان إلا وتلطخت يداه بدماء الأبرياء وكثيرا ما ظلم الأتقياء وأهان الشرفاء ورفع المنافقين وصنع منهم عظماء فقط إن أمر صاحب الكرسي ... كل هذه العظمة التي يصنعها الكرسي النادر والحصري لفرد واحد هو نفسه كان وسيكون أكبر لعنة تحل بالإنسان في يوم القيامة فإن ملذات الدنيا ونعيمها المصطنع سيجر صاحبه إلى حساب شديد الدقة عظيم الأمر كارثي الموقف مصيبة صاحبه يوم يقف بين ملك الملوك سبحانه وتعالى ... كرسي 99% ممن ملكوه وجلسوا عليه من حكام الدنيا أفرطوا في الظلم واستأنسوا ذل وهلاك شعوبهم وتفننوا بإذلال الرعية وأفسدوا فسادا عظيما ... والله وحده من يعلم كم عدد الأبرياء الذين سيقتصون منهم يوم يأتون ملك السموات والأرض سبحانه وهم حفاة عراة فرادا لا كراسي عظيمة ولا حرس ولا جيوش لا أحد على الإطلاق لتعقد محكمة القيامة جلسة واحدة فقط بحكم نهائي لا استئناف لا تمييز لا طعن ولا حتى شفاعة ؟ 

عندما أحدد نسبة 99% من ملوك وحكام الأرض يتنوعون ما بين السفاهة والجهالة وما بين الظلم والطغيان وما بين المفسدة والعربدة وأكثرهم جمعوا كل هذه الصفاة السيئة ... لكن هناك 1% فقط ممن يتصفون بأنهم حازوا رضا شعوبهم وأدوا الأمانات وحكموا بالعدل بما استطاعوا واجتهدوا بما فيه كل خير لمدنهم أو أوطانهم أو شعوبهم أو قبائلهم أو حتى أممهم ... وفي موضوعي هذا ليس المهم بسرد الأسماء وتاريخ أصحابهم من ملوك التاريخ وحكام اليوم لأن الأمر فيه من المشقة الكثير من ناحية السرد التاريخي ... لكن هناك كتاب عظيم لا أحد يجرؤ أن ينكره أو يطعن به لا أحد يستطيع أن يكذبه أو حتى أن يتجاوزه إن كتاب ربكم الكريم في قرآنه العظيم ... ففيه قصص حكام وملوك طغاة جبارين ذوي بأس شديد لهم من زمانهم ما يكفي لخزيهم ولا تقلقوا فإنكم جميعا سترونهم بأعينكم وبقينكم في جهنم خالدين فيها وهم في العذاب المهين ... وفي كتب التاريخ القديم والحديث قصص من استبدوا وطغوا برعيتهم وبطشوا بهم بطش المجرمين وماتوا جميعهم أي من ذكرتهم تلك الكتب ولم يبقى منهم سوى سيرتهم العفنة ... ومن حكام وملوك اليوم وغدا والسنوات القادمة أدلة ووثائق تكشف حقيقة كل منهم هذه هي الأيام وهذا هو التاريخ لم يترك حاكما إلا ووثقه وكتب عنه خيرا أو شرا ... مثل كتاب ربكم سبحانه عندما يسوق لكم القصص ليس لتسليتكم بل ليعظكم والأهم ليرسل رسالات مؤكدة الحقيقة واليقين لكل حاكم في زمانه من أن يتقي الله سبحانه أولا ثم ليتخذ من كان قبله عبرة ليتجنب الباطل ويعمل صالحا ... لكن من عجائب الأيام أن نــــادرا ما تجد حاكما صالحا أو حكيما وكأنهم ما قرؤا كتاب ولا علموا بما حدث لمن قبلهم ولا فهموا كيف كان عاقبة زملائهم من حكام الدنيا ... ومصدر العجب هو كرسي الحكم الذي يفتن أهل القلوب الضعيفة ويغير أهل الأنفس الهشـــة يعيث فيهم غرورا أعمى وصل في بعضهم إلى عنان السماء ... كفرعون الذي قال { أنا ربكم الأعلى } وهذا قول معتوه جن جنونه فظن أنه من الخالدين وأن لا يقوى عليه أحدا من العالمين وهذا الغرور الأعمى بعينه الذي يودي بصاحبه إلى التهلكة ... والأغرب مما سبق كله أن الناس أو الرعية لا تتقي ربها ولا تعقل ولا تتفكر على الرغم من وجود كل نهاية الحكام في زمانهم فهذا مات مقتولا وذاك مسموما وهذا بثورة وذاك بانقلاب ... كلها حالات واقعية حدثت في كل زمان أما أعين كل أمة ولم تتعظ أي أمة في كل زمان ومكان وفي كل التاريخ وكأنها أمما تعشق من يسوقها سوق النعاج ويضربها في كل صباح بالكرباج ؟
 
لا أحد يستطيع التكهن بموعد يوم القيامة لأن علمها من صنع وخلق سبحانه ... لكن لو منحنا مدة 4 ساعات لحساب كل فرد منا يوم القيامة كأقل وأضعف تقدير فإن المعادلة الحسابية ستكون كالتالي : 4 ساعات × 50 مليار نسمة تقريبا = 200 مليار ساعة = 8 ملايين و 333.333 ألف يوم = 22.831 ألف سنة من أيام حسابنا للأيام ... وتلك حسبة جدا تافهة وفق مقياس وقدرات رب العالمين سبحانه فلدينا 22 ألف سنة ولدى رب العالمين اليوم الواحد لديه سبحانه كألف سنة من حساب أيامنا ... فإن ارعبتكم هذه العملية الحسابية فكم تتخيلون وقت حساب الحكام وهم سيحاسبون عن فردا فردا من رعيتهم ؟ بلا شك أن يومهم سيكون صعيبا عسيرا والنوادر منهم سيكون يومهم هينا يسيرا ... فأي مجنون يقاتل في هذه الدنيا لأجل لذة وقتية محددة زمنيا ليدفع ثمنا باهضا كارثيا يوم القيامة ؟ ... فأدركوا نعم ربكم عليكم واحمدوه واشكروه واثنوا عليه ثناء رفيع المقام بأن لم يبتليكم كما ابتلى به غيركم ومن يضحك في الآخرة فقد فاز فوزا عظيما في حياة الخلود حياة الترف والملذات العظيمة في جنة عرضها السموات والأرض ... فما أشقى حكام الدنيا ما أشقاهم ؟




دمتم بود ...



وسعوا صدوركم