2019-11-23

الحريات أهم من المال العام ... لو كنتم تعقلون ؟


يظن الكثير منكم أن المال العام هو الأمر المطلق الذي يجب أن يتوحد الشعب حوله لكن في حقيقة الأمر أن المال العام يعتبر في المرتبة الثالثة وليس الأولى التي يجب أن يتوحد الشهب حولها ويدافع عنها بقوة وجسارة ... والحريات تعتبر هي الرقم 1 في أي دولة عند أي شعب في العالم الذي يحتل المرتبة الأولى في الدفاع عنها مهما كلف الأمر ... أما المرتبة الثانية فهو النظام السياسي في الدولة الذي يجب أن يتوحد الشعب حوله يحميه يساعده يعزله يغيره يحاسبه ... وفي المرتبة الثالثة يأتي المال العام الذي يغذي الحريات ويوفر دعم مطلق للنظام السياسي وفي ألية يجب أن يكون الجميع متفق عليها ... ودون الحريات لن تستطيع أن تعترض ولن تستطيع أن تحاسب ولن تستطيع أن تفضح رئيس الحكومة هذا والوزير ذاك والمسئول الفلاني والمسئولة العلانية ... الحريات هي من توفر غطاء الرعب لأي مسئول في الدولة الحريات هي من تجعلك تضع رئيس الحكومة والوزراء وأعضاء مجلس الأمة وقيادات الدولة رهن التحقيق المباشر وإخضاعهم لسلطة القضاء وصولا إلى السجن أو البراءة ... الحريات هي من ترعب كل موظف وكل مسئول في الدولة ولا يجد أمامه سوى العمل بإخلاص لأنه يعلم أن هناك من يراقب عمله ... ولذلك في أمريكا حتى الرئيس والكونجرس ومجلس الشيوخ يقفون عاجزين أمام حرية الإعلام والصحافة والمنظمات الحقوقية والأهلية وفي حقيقة الأمر هم يدافعون عن حرياتهم وحقوقهم المدنية قبل أن يراقبوا أموالهم من الضرائب والمال العام ... وانظروا ماذا يحدث لرئيس الأمريكي هذه الأيام من شهادات لمسئولين في غاية الأهمية وعلى درجات رفيعة كيف يدلون بشهادتهم ضد رئيسهم ... إنها دولة المؤسسات وليست دولة الفرد دولة الحريات وليست دولة مجموعة أفراد إنها حصانة الحريات لتي لا يجرؤ حتى رئيس البلاد أن ينتقم أو يوجه أو يملي أوامره على صغار الموظفين ... ويريد بعض المسئولين بجهلهم كعادتهم أن يفصّلوا الحريات وفق مقاسهم هم ووفق ما يعتقدونه هم وكأن الناس قطعان من الأغنام لا عقل ولا فهم ولا ثقافة لها المسئولين فقط هم من يفهمون وهم حصريا من يعلمون ما الصالح وما الطالح لحياة الناس ولوطنهم ... الحريات هي حق لكائن من يكون دون النظر للونه أو جنسه أو معتقده أو دينه نعم الحريات هي حق وليس تفضلا من هذا الجاهل ولا منة من ذاك السفيه ... ولا تحدثني عن الحريات المسئولة طالما أنك فاشل برسائل التوعية ولم تدخل مادة الدستور والحقوق المدنية في مناهجك التعليمية منذ 57 سنة ولم تفرض مادة الأخلاق وحسن التعامل في مناهجك الدراسية ؟ 

في الكويت نعيش حالة عدم استقرار سياسي وعدم الإستقرار ليس مصدره الحكومة ولا من تسمي نفسها بالمعارضة كلا وأبدا بل لأن الحكومات ومجالس الأمة والمعارضة جميعهم لا يفقهون شيئا في إدارة الدولة ... والجهل كان فرصة لا تقدر بثمن جاءت إلى الفاسدين فاستغلوا حالة الصراع القائم وتخلف أغلب مواد الدستور الكويتي بالإضافة إلى تواطؤ الفاسدين مع بعض مسئولين الدولة ... نتج عن كل ما سبق حالة من الإحتقان الشعبي وصراع وصل إلى الشخصانية بين أطراف الصراع المتشعب في الكويت ضف على ذلك أن البيئة الكويتية منذ 57 سنة أي منذ بدء الحياة الديمقراطية لا تزال لا تعي مسئولياتها ... لا تفهم حقيقة الديمقراطية ولا تريد أن تتحمل مسئولية وطنها بأمانة الصوت في الإنتخابات البرلمانية والبلدية بدليل البيئة الكويتية أخرجت أكثر من 90% من أفسد الشخصيات البرلمانية على مدار 57 عاما الماضية وحتى يومنا هذا ... وهذه البيئة المتخلفة تطرب الحكومات التي قدمت المال العام كرشوة سياسية وصلت لدرجة تقديم الجنسية الكويتية كرشوة سياسية لبعض أعضاء مجالس الأمة في السنوات والعقود الماضية ... وأثبت التاريخ الكويتي أن القبضة الأمنية وغبائها المطلق + تحجيم وإضعاف وقهر الحريات في الكويت جاءت بنتائج عكسية لم تقضي على حالة التذمر الشعبي ولم تصلح البيئة الكويتية ولم تتوقف الفضائح ... بل بالعكس زادت وتيرتها بشكل متوحش لأن القائمين على مخطط وأدت الحريات في الكويت هم جهلة سياسة وجهلة تكنولوجيا ولم يدركوا أن التكنولوجيا ومواقع التواصل الإجتماعي أكبر منهم ومن قدراتهم بل تلك التكنولوجيا أكبر من الكويت وشعبها وأكبر من قارة بأسرها ... ويظن من في السلطة أي الحكومة ومجلس الأمة أنهم دهاة العقول بينما الحقيقة تتحدث عكس ذلك تماما فالسلطة مرتبطة بالكرسي وليس بالفرد أي الصلاحيات مرتبطة بالمنصب وليس بمن يتقلد المنصب ... مثل الولاء الذي يجب أن لا يرتبط بحاكم ما فإن مات الحاكم فهل يموت الولاء معه وتعيش الباقي من عمرك دون ولاء لأرضك ودولتك !!! ... والحقيقة المؤسفة التي المجتمع الكويتي لا يريد أن يواجه حقيقتها ولا يحللها ولا يعالجها هي : أن السلطة التنفيذية "الحكومة" والتشريعية "مجلس الأمة" هم مجموعة هواة ومراهقين سياسة هذا تم تعينه بالواسطة والمحسوبية وذاك تم انتخابه وفق القبلية أو الطائفية وما بينهم ضاع المخلصين لأمانة الصوت ؟

عندما قمعت الحكومة الكويتية ومجلس الأمة في مجلس 2012 والتي جرت انتخاباته في شهر 12 جاء مجلس كالقردة الثلاثة "لا أرى لا أسمع لا أتكلم" ... وكان مجلسا قيل وقتها أنه مجلسا خاليا من المعارضة وأتذكر أني قلت : وما العيب في مجلس خالي من المعارضة ؟ ... لكن الأعضاء والحكومة كعادتهم باستحالة استيعابهم لم يفهموا أن مجلسا دون معارضة يعني يجب أن يكون مجلس إنجازات وطنية وشعبية واسعة مجلسا يعطي درسا للمعارضة ... لكن مع الأسف الشديد كان مجلسا وحكومة جاؤوا لوأد الحريات وقمعها وشرعوا وأقروا قوانين تضرب الدستور الكويتي بصميم المواد : 27 و 28 و 29 و 30 و 35 و 36 و 37 و 45 ... انتهاك صارخ فاضح معيب في الإلتفاف والتحايل على الحريات والمعتقدات أدت تلك التشريعات التي قمعت الحريات بتراجع كارثي بتصنيف الكويت دوليا في مجال الحريات ... وحتى يشغلوا الشارع بالتوافه أخرجوا قانون "البصمة الوراثية" والذي أبطلته المحكمة الدستورية العليا وقوانين نتج عنها ضياع مستقبل العشرات بسبب آراء 95% كانت أراء عاديه و 5% كانت أراء تستحق العقوبات وتحديدا فيما يمس الذات الأميرية ... سفارات عربية جعلوها في مواجهة المواطنين بشكل مباشر ونأت وزارة الخارجية نفسها من الدخول في صراع هي طرفا فيه لأنها المختصة والمعنية بالأمر ... شتائم وتطاول نال الكويت قيادة وشعبا وحكومة من الخارج وحتى يومنا هذا ولا أحد يتحرك ولما تحركت وزارة الخارجية رفعت قضايا ضد أقل من 50 ساقط وتركت الآلاف ... والقوانين التي تضيع مستقبلك وتمزق أسرتك لا تزال قائمة وتهمتك الوحيدة الحقيقية أنك دافعت عن وطنك ورمز بلادك أي وطنيتك أصبحت جريمة ... وإن كان مجلس 1992 هو المجلس الذي شرّع أكبر سرقة بتاريخ الكويت كله وهي سرقة "سوق المناخ" وسرق المال العام بشكل قانوني بعدما قلبوا الباطل إلى حق فإن مجلس 2012 كان المجلس الذي وأد الحريات وقمع الشعب ... ولنسال الحكومة والمجلس : هل بوأد الحريات انتهت المشكلة أم زادت الأمور تعقيدا ؟ تعقيدا أثبت أن الكويت وخلال 8 سنوات لا تتمتع بأي استقرار سياسي وبدل أن تصيب عدوى الحريات دول الجوار والإقليم أصبنا نحن بداء قمع الحريات والتراجع الكارثي بممارسة الديمقراطية والحكومات هي أول من يتحمل مسؤلية ذلك لأنها رب الفساد في الكويت ثم مجلس الأمة ثم الناخبين وأخيرا القضاء الذي نادرا جدا ما كان يقف مع الحريات ويدافع عنها ... ولا تزال المراهقة السياسية هي الطاغية على المشهد السياسي الكويتي الكل يلعب على عامل الوقت ويريد أن يكسب مجرد وقت لا أحد يبحث عن الأسباب لا أحد يريد الإستقرار لوطن صغير ستضيعه المراهقة السياسية لا أحد لديه إحساسا بالمسؤلية ولا أحد يريد أن يفهم أنه على بعد أشهر قليلة من حرب كبرى ... لا أحد يريد أن يفهم أن الحرب القادمة القريبة هي مهددة لأمنه واستقراره ولا أحد يريد أن يحلل أسباب عدم الإستقرار السياسي للكويت ولا أحد يريد أن يقدم تنازلات الكل لبس ثوب الأسد وأمام الخارج الكل يلبس ثوب الشاة المستسلمة ... فاتقوا ربكم في وطنكم وشعبكم وفي أبنائكم وأهل بيوتكم قبل أن تحل عليكم لعنة ووقتها لن ينفع ندمكم شيئا ولعنة الله على قلوب متحجرة لم تتعظ بعد مما حدث لها في 2-8-1990 ولم تعرف بعد قيمة وطنها ... وبدل أن نرتقي بالحريات ونضع سيوف المراقبة على المسئولين أطلقنا لهم العنان لفساد أكثرهم يوم قيدتم الحريات وسجنتم الأبرياء وكأن الوطنية وكالة حصرية لكم ... فأصبح ولاء الكثير من مسئولين الدولة لأعضاء مجالس الأمة لا لعملهم ولا لوظيفتهم ولا حتى لوطنهم فما أسهل أن تقول أنا كويتي وما أصعب أن تثبت وطنيتك لأرضك ؟





دمتم بود ...


وسعوا صدوركم