2019-11-05

أرواح عاريـــــة ؟


هي اللغة البشرية التي من سابع المستحيلات أن يعرفها أحد قط باستثناء أصحابها هو عالم الفكر القابع في الغرف السرية في العقل وفي القلب ... وهو الحديث الإستثنائي الذي يدور بين الإنسان ونفسه إنها الأرواح العارية ... أرواح تتحدث في المنطق وفي غير المنطق في المعقول والمجنون في المباح والمحظور لا يمنعها دين ولا علم ولا عادات ولا تقاليد ... فإن قررت تلك الأرواح أن تحلق عاليا حلقت وقتما أرادت وفي أي عالم وخيال كان ودون أي استثناء في لغة لا أحد بالمطلق يستطيع التنبؤ بها ولا لأي درجة يمكن أن تصل ... وتلتقي الأرواح العارية بأرواح عارية أخرى إما عن طريق الصدفة أو القدر المحتوم الذي يصنع كيمياء الإنجذاب "المؤقت" ويقصد بلفت النظر ... فيستنفر العقل البشري بالنشاط لمحالة فهم وتحليل الشخصية التي يقف أمامها "كاتب فنان رسام مغني موسيقي متحدث سياسي" أيا كان ... ولذلك عندما يقرأ الإنسان خبرا عن جريمة حادثة قصة رواية تحليل إجتماعي سياسي شرعي أيا كان فإن عقله تلقائيا يصنع خيال الحالة وفق ما يعتقده فيغوص في أعماق الرواية والحدث ... وفي أحيان كثيرة يفرز الجسد مادة "الأدرينالين" نتيجة لحالة الرعب مما يقرأ أو يشاهد أو بسبب تضارب يقع ما بين العقل والقلب مصدره الضمير الذي ينشأ رغبة بالإنتقام من المجرم أو حالة من العجز تواقة بشدة لإنقاذ الضحية ... ولذلك سهل جدا أن ترصد وتراقب شخص يقرأ قصة رواية يتابع فلم أيا كان ولما تناديه أو تحدثه فإن الرد سيتأخر عليك بمقدار يتراوح ما بين 3 إلى 5 ثواني وهي المدة الطبيعية التي يحتاج الإنسان إليها كي يخرج من عقله الباطن وخياله واندماجه إلى واقع الحياة ؟

عندما تكون في المنزل من الطبيعي أن تكون بوضعية الأريحية المطلقة فلو كنت رجلا فلن تكون بلباس الخروج بل في ثياب المنزل ولا حرج حتى لو كنت عاريا لأنك في منزلك وفي قلب خصوصيتك ... ولو كانت إمرأة فالأمر يتطابق تماما مع الرجل فتكون بلا حجاب إن كانت محجبة وبلا نقاب لو كانت منقبة وبلباس المنزل وبأريحية مطلقة ... لكن لو كانت إمرأة أو رجلا يعيش كل منهم في منزل مستقبل وحياة مستقبلة ولا أحد معهم يشاركهم في منازلهم أي كل منهم يعيش وحيدا في منزله ... فإن طريقة اللبس المنزلي ستتغير وستختلف إن كان هناك من يشاركهم الحياة في منازلهم بمعنى لو كنت وحيدا فتكون اختياراتك أوسع وأكبر من أن تكون مقيدا في منزلك بمشاركة الأب أو الأخ أو الأخت أو الخادمة ... ومع ذلك فإنك المرأة التي تتحدث بالهاتف مع صديقتها أو تقوم بالإتصال في وزارة أو مركز خدمة أو أي مكان فإنها تتحدث وهي عارية أو بملابس المنزل بأمان مكتمل النسبة 100% لشعورها المطلق بأن الإتصال لا يكشف العورات ولا يسبب أي حرج ... ومتلقي الإتصال أيضا لا يعلم في حقيقة الأمر الطرف الثاني المتصلة أين هي في منزلها في السيارة في عملها فتكون المكالمة جدا طبيعية وخالية من خيال ... هكذا تجري الأمور لكن على النقيض تماما عندما تحلق الأرواح عاليا في أفقها ألا محدود خيال "جنسي رومانسي شذوذ أمنيات انتقام حب كره" كلها تؤدي إلى الأمر ذاته ... ولذلك في أحاديث الأسرار التي تجري في خارج إطار المجتمع وخلف العالم في العالم السري تقع العلاقات بكافة أشكالها وأنواعها المحرمة والمشروعة العاقلة والمجنونة الجريئة والخجولة ... وتلك حيــــــاة نعم حياة مكتملة الأركان ففي لحظة قد يكون الإنسان مصابا بالجفاف العاطفي القاتل فتلتقي روحه مع روح أخرى تعاني من نفس العلة والحالة فيعيشون اللحظة ... وهذه اللحظة قد تستمر لساعات معدودة وتنتهي للأبد وقد تبدأ بدقائق معدودة وتستمر لأيام أو شهور أو سنوات فالأمر هنا مرتبط بمدى تطابق الشخصية بالدرجة الأولى لكن البداية كانت بداية أرواح وتطابق أرواح قد يبخرها ويحرقها واقع وظروف الحياة ... فكم من إمرأة عشقت رجلا متزوجا وكم من رجلا عشق فتاة متزوجة وكلا الحالتين هي علاقات محرمة عقلا وشرعا ومنطقا وواقعا لأنها ببساطة علاقات بنيت على خيانة زوجة غافلة أو زوج غافل ... لكن يا لا الأرواح العارية من جنون واستمتاع له لذة غريبة لا يفهمها ولا يعرفها سوى أصحابها المجانين ؟

إن الأرواح العارية موجودة في كل رجل وعند كل إمرأة هي ليست بضاعة وليست حالة مرضية بل هي فطرة بشرية منذ الأزل ... ولو تتبعنا الحالة فمن السهولة المطلقة أن نجدها حتى ما قبل الإسلام في الشهر الجاهلي عندما كان آلاف الشعراء يهجون المحبوبة والعشيقة ويتغزلون بالحسناء ويطلقون لأرواحهم العارية سيلا من الكلمات التي تصف جسد المرأة بتوصيف إباحي صرف ... بدليل الخليفة الأموي "سليمان بن عبد الملك" عندما سأل الشاعر "عمر ابن أبي ربيعة" : ما يمنعك من مدحنا ؟ فأجاب : أنا لا أمدح إلا النساء ... والأرواح العارية هي مطلقة للعموم ودون أي استثناء لكنها تختلف من إنسان لآخر بمعنى هناك من يطلق لخياله ولنفسه العنان ويرفض أن يوقفها من شدة المتعة واللذة وهناك من يراقبها بحذر حتى لا ترميه إلى التهلكة في حالة التمادي ... والتمادي قد يوقعه أو يوقعها في الحب القاتل المبكي المدمر وقد يحالفهم الحظ بحسن الطرف الأخر وعقلانيته ... وذلك هناك أفراد في حياتنا وفي مجتمعنا وفي كل شعب ودولة على وجه الأرض نوعان ... الأول : عندما ينظر إلى المرأة ينظر لها بنظرة الحب والعشق أو خيال الجنس فيتصورها بوضعيات عديدة بالرغم من أن النظرة كانت بضع ثواني وهذه بالمناسبة حالة مرضية وليست طبيعية ... أما الثاني فإنه يرى المرأة بنظرة الجمال والحسن أو أنه يكتشف بسرعة مذهلة ما يعيب جسدها أو شكلها لكنه لا ينظر إليها نظرة جنسية على الإطلاق وهذا الطبيعي والبديهي ... ونفس الأمر ينطبق على النساء فهناك من ترى فيه خيالا جنسيا وهناك من ترى فيه حسنا ورجولة ... ولا أحد أبدا يرى العقل ومستوى الثقافة والوعي لأن المعني أو الموقف هو عابر وبعد ثواني سيكون من الماضي المجهول ... وفي النهاية الارواح العارية حقيقة وواقع السواد الأعظم يخجل من أن يبوح به وقد يكون لدى البعض خيلا ممتعا والبعض الأخر قد يعاني منه لأنه لا يستطيع في واقع الأمر أن يلمسه أو يعيشه أو يستمتع به فيكتفي بالخيال المتعب ذوو اللذة التي يستحيل شرحها علميا أو بدقة حقيقتها ؟



دمتم بود ...


وسعوا صدوركم