2019-11-28

الصامدين الكويتيين ... سكروا حسابهم ؟


كونك مواطنا هذا يعني أن لك حقوق على الدولة وعليك واجبات تجاهها والحقوق لا تعتبر منة من أحد ولم تسمى حقوق إلا وهي حقوقا من الأساس ... والواجبات التي فرضت عليك هي خضوعك كمواطن لسياسات الدولة ودستورها "إن وجد" واحترامك لقوانينها هذا التوصيف والتعريف بشكل عام ينطبق على كل مواطن في أي دولة على وجه الأرض ... والكذب بل وفنون الأكاذيب هي مجرد فرع صغير من علم السياسة ودون أدنى شك أن السياسيين الكذابين بطبيعتهم أخرجوا شعارات ومصطلحات وتلاعبوا بالكلمات ... حتى وصلت تلك المصطلحات والشعارات وكأنها كلمات السماء أنزلت عبر وحي السماء أو كأنها بقايا ألواح مما ترك آل داوود عليهم السلام ... فكذبوا وقالوا : وطنك هي أمك وطنك هو عرضك وشرفك وطنك هو كرامتك !!! ... وأي شخص يستمع إلى مثل هذا الحديث السطحي والمتخلف سيظن تلقائيا بأنه قول الحق وكلام صحيح وبالصميم لا يشك فيه ولا يجادل إلا العميل والخائن والمرتزق ... بينما الحقيقة تقول عكس ذلك بدرجة صادمة ومثيرة للدهشة فما قالوه وما سطروه من أكاذيب تحتمل الصواب وتحتمل الخطأ ... ولو أردنا أن نناقش حقيقة مصطلحات الكاذبين والأفاقين والمنافقين فسنرمي سؤالا ينسف افتراءاتهم وهو : هل عندما خرج الرسول عليه الصلاة والسلام من مكة إلى المدينة كان خائنا لأرضه وقبيلته ومجتمعه ؟ هل رب العالمين سبحانه كان على خطأ عندما أمر عباده إن ضاقت عليهم أوطانهم أن يبحثوا عن أوطان غيرها { قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجــــروا فيها } النساء { فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم } آل عمران { والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا } النحل ... وما سبق لهي أدلة قطعية الثبوت بأن الأوطان هي مواقع ظرفية مشروطة ومحدودة وليست مطلقة الخضوع بمعنى من شروط الأرض والوطن أن يحثث الأساسيات مثل : العدل - عدم الظلم - توفير الأمن والأمان - توفير حرية الأديان - توفير أسواق العمل والحركة الإقتصادية ... وأيضا ما سبق هو تعميم على كل دول العالم وليس تخصيص على الكويت وبالتالي تعود الحقيقة إلى أصلها وهي أن المواطنة تفرض لك الحقوق وتفرض عليك الواجبات ... وليس صحيحا بالمطلق أن الوطن لا أحد يستطيع أن يوفيه حقه فهذا قول كذب وليس صحيحا بالمطلق فهناك قرائن وأدلة أكدت أن هناك من أوفى حقه بالكامل لوطنه ولا منة لوطنه ولا حاكمه ولا حكومته ولا شعبه عليه بل بالعكس الوطن هو المدين لمثل هؤلاء ... مثل الشهداء وجرحى الغزو والصامدين وقت الحروب والكوارث بالإضافة إلى من قاموا بمهمات أمنية استثنائية خطيرة ذات صفة وطنية صرفة ؟
"سكر حسابه - سكروا حسابهم" وهي مفردة كويتية عربية دارجة كثيرا في الدول العربية وتعني أن الشخص أوفى بكل المستحقات التي عليه ولا أحد يطالبه بأي مال أو الجهة الفلانية لا تطالبه بأي مستحقات ... وهي مقولة تنطبق بنسبة 100% على الكويتيين من صمدوا طيلة الـ 7 أشهر أثناء الغزو العراقي للكويت في 1990 والصامدين هم من عاصروا الغزو من يوم 2-8-1990 إلى يوم 26-2-1991 ... هؤلاء الكويتيين تحديدا "سكروا حسابهم" أي لا أرض الكويت ولا حكامها ولا حكوماتها ولا شعبها بأسره يطلبون الصامدون شيئا وبمعنى أدق وبالكويتي "الصامدين مالك شي عندهم هذول كيشوا وطنيتهم مقدما يعني ادفعوها لأرض الكويت مقدما أهم وأجيال الصامدين" ... وهناك من هم أعظم قدرا ومنزلة من الصامدين ألا وهم شهداء الكويت فهؤلاء ليس فقط سددوا ما عليهم بل منحوا أبنائهم وزوجاتهم وآبائهم وأمهاتهم أي أقرباء الدرجة الأولى والثانية سداد وطنيتهم مقدما حتى مماتهم ... أي أن والدة ووالد الشهيد وأبنائه وزوجاتهم دفعوا وطنيتهم مقدما للوطن ولا أحد يستطيع أن يشك أو يسألهم عن عطائهم للكويت أرضا ووجودا وكيانا ... ولا أريد أن أدخل في ظروف من كانوا في الخارج لأسباب عديدة ولا أريد الخوض في أسباب من هربوا وتركوا وطنهم وأهاليهم خلف ظهورهم ولا أريد أن أكشف حقيقة من رمى جنسيته على قارعة الطريق ... فهؤلاء لن يفهموا حقيقة ما أتحدث عنه ولا حتى 1% لأنهم لم يعايشوا واقع ما حدث ولم يشاهدوا جثث القتلى وكم الرعب الذي أصاب الكويتيين على مدى أكثر من 210 يوم وليلة ... وهؤلاء الكويتيين الصامدين كانوا هم الكويتيين الحقيقيين الذي فضلوا البقاء على أرضهم وفي منازلهم وحماية أعراضهم وقدموها على النجاة بأرواحهم بالرغم من أن طرق الهرب كانت متوفرة للجميع لمدة 5 أشهر ... ففي إحصاء 1990 الرسمي أي في سنة الغزو العراقي كان تعداد الكويتيين يلامس 600 ألف مواطن ومواطنة وعدد المقيمين كان أكثر من 1.5 مليون مقيم ... وبأرقام تقديرية فإن عدد من كانوا في الخارج وعدد من فروا وهربوا من وطنهم لا يتجاوزون أكثر من 250 ألف كويتي وكويتية أي أن من صمد في الكويت وفضل أن يموت ولا يخرج هم ما لا يقل عن 350 ألف كويتي وكويتية أي أن أكثر من نصف الشعب الكويتي وملامسة إلى الثلثين أثبتوا وطنيتهم وليس لوطنهم عليهم أي حق "سكروا حسابهم" ... وعلى العكس تماما تخرج إلينا هذه المعادلة الحسابية لمن كانوا في الخارج بالإضافة إلى من هربوا كأقـــل تقدير معيشة "سكن + مصروف شهري" بقيمة 500 دينار كويتي وهي كالتالي : 500 دينار × 250 الف = 125 مليون دينار كويتي شهريا × 7 أشهر = 875 مليون دينار كويتي ... وكذب ثم كذب من قال أن الحكومة الكويتية كانت تصرف على الكويتيين في الداخل فهذا تدليس وافتراء بل كانت بضعة أموال كان يتم تهريبها لم يستفد منها إلا أقل من 10% من كل الصامدين وليس الكل ... وبعد أن تحررت الكويت من الغزو العراقي صرفت الحكومة مبلغ 500 دينار لكل من صمد بمبلغ إجمالي = 175 مليون دينار ولم تعوض أحدا على الإطلاق عن أي خسائر ... بل تركتهم يواجهون مصيرهم وأجبرتهم على الدخول في برنامج التعويضات التابع للأمم المتحدة وضربت المادة 25 من الدستور الكويتي وتنصلت منها وتقاضى المواطنين المسجلين أقل من 30% من القيمة الحقيقية لتعويضاتهم الناتجة عن الأضرار النفسية والمعنوية والإصابات والممتلكات ؟
عاد من كان في الخارج والكثير منهم يحمل حالة نفسية مرضية "عقدة النقص" ناتجة عن الندم بأنه لم يستطيع الحصول على شرف الصمود والمواجهة عندما أرادت أرض الكويت أبنائها ... فوقع انتقام سياسي كارثي ضد الصامدين عندما تجاهلتهم الحكومة بل واستحقرتهم بعدم الإهتمام لشأنهم وزاد الطين بلة أن أعضاء المجلس الوطني "اللقيط" والذي انعقد بعد تحرير الكويت بـ 133 يوم وانعقد الدور الثاني للمجلس الوطني في 1991 كان 95% ممن اجتمع ممن هربوا أثناء الغزو العراقي ... ثم أعيد العمل بالدستور الكويتي وانتخب مجلس 1992 والذي كان أكثر من 95% من أعضائه وأعضاء الحكومة من الهاربين وقت الغزو العراقي ... ولذلك يمكن تفسير المراهقة السياسية الكويتية أنها نابعة من أنفس وأشخاص كانوا فارين في الخارج أي لاجئين ولم يعاصروا الغزو العراقي بحقيقته وبالتالي لا يعرفون القيمة الحقيقية لمعنى الوطن لا ألف ولا باء ولا تاء ولن يصلوا حتى إلى الياء ... ولذلك الكويتيين الحقيقيين هم من عاصروا حروب الكويت والغزو العراقي هؤلاء هم الكويتيين الحقيقيين المخلصين أبناء هذه الأرض وهم من زرعوا عشق هذه الأرض في أنفس أبنائهم ... ولذلك عندما تريد أن تبحث خلف تاريخ المعارضة الكويتية الورقية وأعضاء الحكومات الكويتية يجب أن تبحث أولا أين كان أثناء الغزو العراقي فإن كان في الخارج فلا تعتب عليه فهذا يخيّـل له بأنه يعشق الكويت وإن كان أثناء الغزو في الكويت فثق أنه وطني وإن انحرفت توجهاته وإن اختلفت معه لكن لا يمكنك أن تشك بمرجعيته الوطنية ... وفي النهاية جزاء من صمدوا حبا وعشا لوطنهم أجرهم عند ربهم وجزائهم كتب ورفع إلى السماء منذ تلك الأيام الغابرة وهذا الموضوع هو توثيقا لهم ولوطنيتهم التي قدموها مجانا لوطن وكيان يوم كان لا أحد يعرف على الإطلاق هل سيعيش أم سيموت في ذاك الغزو الملعون ... والأصح أن شهادة ميلاد الصامدين تاريخها يبدأ من يوم 26-2-1991 وأما من هرب وفر إلى الخارج فعليه هو وغيره أن يثبتوا ولائهم وعشقهم للكويت هم وأبنائهم وأجيالهم القادمة بعكس أجيال الصامدين التي لا تنجب إلا أجيالا صامدين أخرين ... فطوبى لشهدائنا الأبرار وكل التعظيم والتقدير لأسرهم فكل الكويت أميرا وحكومة وشعبا مدينون لكم لأنكم ذوي شهدائنا وفرساننا العظام ... من صمد مرة يستطيع أن يصمد مرارا وتكرارا لكن من فر وهرب للخارج سيكرر فعلته النكراء مرارا وتكرارا ؟




دمتم بود ...


وسعوا صدوركم